الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزب «الجمهوري» وقَسَمْ «الانتحار»!

3 ديسمبر 2009 00:22
بعض الناس لا يطيقون الرخاء... هذا ما كان يقوله والدي على الدوام. وهذه المقولة تنطبق اليوم، على ما يبدو، على "الجمهوريين" الذين، وفي غمرة التأييد المتآكل لأجندة "الأمل - التغيير"، التي طرحها أوباما، يفكرون في صياغة ما يطلقون عليه قسم أو عهد "النقاء" الذي يقولون إنهم سيستأصلون من خلاله شأفة "غير المرغوب فيهم" من حزبهم الآخذ في التقلص. يحدث هذا، في وقت كان المستقلون والمعتدلون يفكرون في زيارة سرادق الحزب مجددا. ويحدث هذا، في وقت تتجمع فيه نذر عاصفة من الأفكار "الديمقراطية" غير المقبولة بدءاً من إصلاح النظام الصحي، إلى المحاكمات المظهرية للإرهابيين، فوق البيت الأبيض. ويحدث هذا في وقت كان الحزب "الجمهوري"، يكتسب زخماً متجدداً بعد الانتصارات التي حققها في انتخابات الحكام في ولايتي فيرجينيا، ونيوجيرسي، وكان "الجمهوريون" يؤدون فيه رقصة المطر في حديقة المقر الرئيسي للحزب. كانت الأشياء تمضي على نحو طيب تماما لـ"الجمهوريين"، مع ذلك، خرج بعض الأعضاء "المحافظين" في الحزب، بقائمة من المبادئ التي يريدون من المرشحين المستقبليين الموافقة عليها، وإلا فقدوا تأييد اللجنة القومية للحزب"الجمهوري". وهذه القائمة أو ما يطلق عليه"فحص النقاء" تتكون من 10 بنود ـ تمثل قسم انتحار في الحقيقةـ يجب أن يقسم عليها أي مرشح لمنصب من مناصب محددة داخل هيكلية الحزب "الجمهوري"، فأي عضو يريد مثلًا أن ينضم لـ"فريق الحزب" يتوجب عليه الموافقة على ثمانية على الأقل من بين العشرة بنود المشار إليها، وذلك من خلال سجله الانتخابي، أو من خلال بيانات عمومية يدلي بها، أو من خلال إجاباته على قائمة أسئلة. ومقترح الفحص هذا سوف يقدم للجنة القومية للحزب "الجمهوري" للنظر فيه في اجتماعها الذي سيعقد في مطلع العام المقبل في "هاواي". وهذه القائمة تم تطويرها استجابة لخسارة "الجمهوريين" الأخيرة في السباق الانتخابي في شمال نيويورك، عندما انسحب المرشح "الجمهوري" الليبرالي "ديدي سكوزافافا" من السباق بسبب الضغط الذي مورس عليه من قبل "المحافظين"، وقام بالمصادقة على "بيل أوينز" الديمقراطي الذي فاز بالمقعد الذي ظل "الجمهوريون" محتفظين به لما يزيد عن قرن من الزمان. تعليقاً على ذلك، قال "جيمس بوب جي.آر" الراعي الرئيسي للقرار، وعضو اللجنة القومية للحزب "الجمهوري" عن ولاية إنديانا:"المشكلة تكمن في حقيقة أن العديد من المحافظين فقدوا الثقة في مؤهلات الحزب الجمهوري". ليس الأمر كذلك في الواقع، فالمشكلة هي أن العديد من "الجمهوريين" فقدوا إيمانهم بقدرة الزعماء "الجمهوريين" على التفكير. فالقرارات ليست فقط مجرد بيانات مبادئ، بقدر ما هي استجابات دوجمائية للقضايا المعقدة، التي قد تتطلب، من حين لآخر، ما هو أكثر من علامة مدونة بقلم غير قابل للمحو تؤشر على ما هو مكتوب في مربع صغير داخل قائمة. إنه لشيء يدعو للأسى في الحقيقة أن تصبح كلمات وعبارات مثل "النخبة" و"ظلال المعاني" غير موجودة في القاموس "الجمهوري". فـ"النخبة" ينظر إليها في الدوائر "الجمهورية" على أنها تعني"هؤلاء الناس"، الذين فقدوا تواصلهم مع "الأميركيين الحقيقيين". أما "ظلال المعاني"، فقد أصبح ينظر إليها على أنها عبارة مفرنسة نجح "الجمهوريون" في إلصاقها بالمرشح "الديمقراطي" الرئاسي جون كيري عام 2004. فتقلبات جون كيري، وتبدل آرائه بشأن العديد من المسائل، أصبحت في ذلك الآن مرتبطة في الأذهان بـ"ظلال المعاني" أو الفروق الدقيقة، أو بما يمكن أن يطلق عليه البعض "الافتقار إلى الحسم". معظمنا يعرف جيدا أن الحسم ليس بالصفة الجيدة دائما، ولكن الذين يدفعون إلى" فحص النقاء" يبدون وكأنهم ينظرون إلى ظلال المعاني على أنها تعني " نقيض المحافظة". ليس هناك شك في أن الفيلق النخبوي "الجمهوري" القديم، الذي كان يضم رجالا من شاكلة "ويليام إف. بكلي" و"روزيل كيرك" سوف يجد هذا الموقف خطيراً وغريباً في الآن ذاته، وخروجا عن النمط المألوف في تفكير الحزب. في الحقيقة أن "قائمة الفحص" ذات البنود العشرة المقدمة من قبل "بوب" وآخرين هي نقيض "المحافظة"، فكما كتب "كيرك" في مقالته المعنونة" عشرة مبادئ محافظة" فإنها تمثل :"الأمر المقدس، وتعني أن المحافظة هي نقيض الأيديولوجية، علاوة على أنها تمثل حالة ذهنية ونمط شخصية ووسيلة للنظر إلى النظام الاجتماعي المدني". كل فكرة من أفكار "بوب" واضحة تمام الوضوح ومطروحة على الطاولة، لكل من يرغب في الاطلاع، وبالتالي فلم يعد بمقدور أي أحد يتمتع بضمير حي أن يدعي بأنها عكس ذلك، أو يقوم بالموافقة عليها. بعض تلك الأفكار والبنود تبسيطية إلى الدرجة التي تجعل منها عديمة المعنى. من الأمثلة على ذلك هذا العبارة التي يصيغها "بوب" على النحو التالي:"نحن ندعم النصر في العراق وفي أفغانستان من خلال دعم ضخ أعداد إضافية من القوات موصى بها من قبل الخبراء العسكريين". ما معنى ذلك؟ هل نحن ندعم جميع عمليات ضخ أعداد إضافية من القوات بصرف النظر عن الاعتبارات التي تؤخذ في الحسبان عند الأمر بإرسالها؟ أليست هناك أشياء أخرى يتعين علينا أن نضعها في الاعتبار؟ وهل عدم الموافقة هنا تعني أم لا تعني أننا ندعم النصر؟ مهما كان قصد من قاموا بصياغة بنود تلك القائمة، فإن الرسالة واضحة وجلية وهي: أن الأشخاص المفكرين عليهم عدم التقدم لشغل الوظيفة المطلوبة. وأن نخبة الحزب السابقة التي تعتنق المبادئ المحافظة الدقيقة ربما تحسن صنعا إذا ما أعادت النظر في جذورها غير الأيديولوجية. محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©