الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزواج أساس لتكوين الأسرة وحفظ النوع الإنساني

الزواج أساس لتكوين الأسرة وحفظ النوع الإنساني
20 ابريل 2012
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالرحمن بن يزيد قال: (دخلتُ مع علقمةَ والأسود على عبدالله، فقال: عبدالله: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - شباباً لا نجدُ شيئاً، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشباب من استطاع الباءَةَ فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاءٌ»، (أخرجه البخاري). هذا الحديث حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب النكاح - باب من لم يستطع الباءة فليصم. لقد حث ديننا الإسلامي على الزواج، حتى تستمر عمارة الحياة بهذا النوع المكرم كما أراد الله سبحانه وتعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً)، «سورة النحل، الآية 72»، ومن المعلوم أن الزواج رباط وثيق يجمع بين الرجل والمرأة، وتتحقق به السعادة، وتقر به الأعين، إذا روعيت فيه الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية، كما قال تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)، «سورة الفرقان، الآية 74». إن الزواج فطرة إنسانية وسنة شرعية ونعمة إلهية، لذلك خاطب - صلى الله عليه وسلم - شباب الأمة الذين هم عماد حاضرها وأمل مستقبلها أن يسلكوا الطرق المشروعة لبناء الأسرة المسلمة، حيث يكون ذلك من خلال الزواج الشرعي الذي يوافق الفطرة الإنسانية، كما جاء في الحديث الشريف: «جاء رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم- فلما أُخبروا بها كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ قد غُفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: «أنتم القوم الذين قلتم كذا كذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»، (أخرجه البخاري). كما أن الزواج أساس لتكوين الأسرة، وحفظ النوع الإنساني، وما شرّعه الإسلام من آداب وأحكام لبناء الأسرة هو السبيل الأقوم لسعادة الفرد وسلامة المجتمع، وعلى المرء المسلم أن يحرص على الزواج متى تيسرت له أسبابه، فأحكام الأسرة في الإسلام تلبي الفطرة الإنسانية السويّة، وتحفظ بناء الأسرة، وتعمل على تماسكها، ومقصد الإسلام وغايته من الزواج سكون النفس وراحة البال، والتعاون على متاعب الحياة تعاوناً قوامه المودة والرحمة، والقيام على تربية الذريَّة التربية الصالحة، التي تكون بها قرة أعين، فقد أثنى الله تعالى على نفر من عباده: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)، ذلك مقصد الإسلام من الزواج، وأوثق الأسباب التي تحكم هذا الرباط، وتديم المودة، وتحسن العشرة، حسن اختيار الزوجين أحدهما للآخر قبل الإقدام على الزواج، والرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المثل الأعلى لكل مسلم في بناء أسرة سعيدة متماسكة. كما يساهم الزواج في تقوية أواصر المحبة والتعاون من خلال المصاهرة، واتساع دائرة الأقارب، فهو لبنة قوية في تماسك المجتمع وقوته، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)، «سورة الفرقان، الآية 54». الزوجة المثالية وفي ظل الأسرة يوجد السكون والمودة والرحمة (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)، «سورة الروم، الآية 21»، لذلك فقد أرشد رسولنا - صلى الله عليه وسلم - الشباب إلى ضرورة الزواج، فقال - عليه الصلاة والسلام - «الدنيا متاعٌ، وخير متاعها المرأة الصالحة»، (أخرجه مسلم والنسائي). يحرص الإسلام على تخير نوعية المرأة التي ستصير زوجة للرجل، وأماً للأبناء، ومصنعاً لتخريج جيل مسلم، ونموذجاً لنصف الأمة المسلمة، وفي هذا الصدد يوجه الإسلام إلى ضرورة التريث حتى يقوم بناء الأسرة على منطق الحب وليس على منطق الصفقة، ولعل في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يؤكد هذه الوضعية الراشدة: «تخيروا لنطفكم فانكوا الأكفاء وأنكحوا إليهم»، (أخرجه ابن ماجة والحاكم). وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله - عز وجل - خيراً له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله»، (أخرجه ابن ماجة). وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم». (أخرجه أبو داود). وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «تنكح المرأة لأربع لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»، (أخرجه البخاري ومسلم). وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «أربع من أعطيهن، فقد أعطى خير الدنيا والآخرة: قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وبدناً على البلاء صابراً، وزوجة لا تبغيه حوباً في نفسها وماله»، (أخرجه الطبراني). هذه التوجيهات الراشدة والحاسمة معاً تفرض بالضرورة على المسلم أن يصحح من منظوره في اختيار شريكة الحياة، وتضعه أمام مرحلة الاختيار في منطقة الوعي بأن المال عرض، وبأن الجمال عارية، وبأن الحسب مقياس ترابي، وبأن الدين وحده هو الأساس الحقيقي الذي يمكن أن تقاس به درجة القبول والرفض. الزوج المثالي من هو الزوج الصالح؟ هل هو الزوج الثري أو صاحب الموقع أو صاحب الجاه؟ قد يكون الرجل الصالح صاحب جاه أو صاحب موقع أو صاحب مال، لكن الأساس في ذلك التقوى التي قال الله فيها (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، «سورة الحجرات، الآية 13». لقد بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفات الرجل الصالح «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، (أخرجه الترمذي)، إذاً الرجل الصالح هو الأساس لأنه هو الذي سيحمي العرض، ويربي الأبناء، ويكون أميناً على كل شيء، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وقد جاء رجل للإمام علي - رضي الله عنه - فقال: يا إمام خطب ابنتي جماعة فممن أزوجها؟ أنا في حيرة، أزوجها لحسن، أم لعلي، أم لزيد؟ فقال الإمام علي - رضي الله عنه - زوجها للتقي، فقال: وبماذا يتميز التقي؟ قال له الإمام: إنه إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها. تلك هي الأسس السليمة التي بنى الإسلام عليها هذه القاعدة العظيمة في اختيار الزوج، (إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه). إن فقه التعامل مع الزوجة عمل لا يتقنه الزوج الجاهل لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، (أخرجه ابن حبان)، وقوله أيضاً: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم»، (أخرجه الترمذي)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - عندما سئل: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت»، (أخرجه أبو داود)، وكذلك أصول التعامل مع الزوج لا تحسنها المرأة البليدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (أخرجه الترمذي). الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©