الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ألف ليلة وليلة» ألهمت الأدب الألماني

«ألف ليلة وليلة» ألهمت الأدب الألماني
3 ديسمبر 2009 01:01
الفرنسيون ليسوا شغوفين بالقصة القصيرة، بينما لدى الألمان ولع بها وأثرت “ألف ليلة وليلة” فيهم كثيراً وتتميز القصة القصيرة في الانجليزية بالتكثيف الشديد مما يفرض صعوبة خاصة في ترجمة كثير من النصوص إلى العربية، ذلك بعض ما دار في المائدة المستديرة حول القصة القصيرة في الأدب الأوروبي على هامش ملتقى القاهرة الدولي الأول للقصة العربية القصيرة وأشرف عليها د. مصطفى ماهر أستاذ الأدب الألماني. لكن أهم ما أثارته المائدة المستديرة أن بعض قصائد النثر العربية تعد بالمعايير الأوروبية قصصاً قصيرة، كما أن بعض القصص القصيرة جدا يمكن أن تعد “نظماً” د.أمينة رشيد، أستاذ الأدب الفرنسي، تقطع بأن الفرنسيين لا يحبون القصة القصيرة ولم تكن منتشرة بينهم ويعتبر بعض النقاد الفرنسيين أن “ستاندال” كان يكتب القصة القصيرة في القرن التاسع عشر، لكن إنتاجه يشهد بأنه كتب الرواية القصيرة وليس القصة القصيرة، وظل الحال كذلك إلى زن ظهر “موباسان” الذي يعد رائد هذا الفن في فرنسا، ثم ظهرت كتابة “الشذرات” فيما بعد، أو كما يسميها البعض الكتابة المتشظية مع “ناتالي ساروت” والتي ترجمت بعض أعمالها إلى العربية، وكانت القصة لديها تمتد لتبلغ عشر صفحات، وتركز على لحظة أو موقف معين ففي إحدى القصص نجد الزوجة تجلس مطيعة وتستمع إلى زوجها الثرثار، لكن في أعماقها لا تحب ثرثرته، فيظهر شيء شرير في عينيها، يراه هو ويلمحه فيحاول الهرب منه بمزيد من الثرثرة. بعد “ساروت” جاءت “آني سيمو” و تكتب بشكل جديد وحصلت على جوائز عديدة مثل “الجونيكور” وفي قصصها قدر من الغموض، كما في قصة “غلطة من؟”. شرط الغموض ويرى د. عبدالغفار مكاوي، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، أن الغموض شرط أساسي في الفن، فالقصة لا يمكن أن تقول كل شيء وإلا صارت عملاً مباشراً، لكن د.أمينة تفرق بين الغموض الفني، كما في أعمال “اميل زولا” في القرن التاسع عشر، حيث كانت الأوضاع السياسية والاجتماعية تدعو إليه، أما الآن فالغموض يعود إلى أننا في عالم يفقد الإنسانية ومليء بالضياع والكتابة تقتنص لحظة معينة قد تقلب الحياة تماماً. وتناول د. مصطفى ماهر القصة القصيرة في الأدب الألماني مؤكداً أنها تتميز بالمرونة الشديدة فيمكن أن تشغل عدة صفحات وقد تكون أربعة سطور فقط، والقصة القصيرة قد تضم شخصاً معنوياً، أي أنها بلا بطل حي، وقد تضم شخوصاً مباشرين، وهذا يتضح في بعض أعمال “جيتة” وتصنف ضمن القصص القصيرة، ويلاحظ د. ماهر من خلال ترجماته لأكثر من 250 قصة قصيرة إلى العربية مدى تأثر الكتاب الألمان بالثقافة العربية، حيث يبدو تأثير “ألف ليلة وليلة” واضحاً. وتقول د. نيرمين الشرقاوي، الأستاذ بكلية الألسن. إن القصة القصيرة الألمانية خاصة لدى “هاينر” تقوم على التداخل بين الأنواع الأدبية، فقد تكون منظومة، وربما كانت نهايتها مفتوحة وليست قاطعة، وفتح قولها المجال لعبدالغفار مكاوي كي يعلن أن قصيدة النثر في اللغة العربية التي يكتبها بعض الشبان يمكن أن تعد قصصاً قصيرة حيث تعتمد على حكاية بسيطة أو حكمة مكتوبة بلغة جميلة. وتحدثت د.نهلة توفيق، الأستاذ بجامعة القاهرة، عن ترجمات قصص يوسف إدريس القصيرة إلى الألمانية خاصة مجموعة “أرخص ليالي” فمرونة القصص أتاحت للمترجم نقلها بشكل جيد، خاصة أن إدريس كان يمزج كلمات الفصحى بالعامية مما يسر الترجمة. فضلاً عن التكثيف الشديد في الكتابة وتقديم إدريس لمكان وزمان محددين. وإذا كان د. مكاوي اعتبر قصيدة النثر قصة قصيرة فإن د. يمنى صابر، مدرس الأدب الانجليزي والمتخصصة في الأدب الأميركي ذي الأصول المكسيكية، ترى أن اللغة في القصة القصيرة تقترب من الشعر وتكاد بعض القصص تكون قصائد شعرية، وهنا لن تجد حواراً بالمعنى المألوف في القصة ولا حدثاً مباشراً يمكن الإمساك به. د. فدوى عبدالرحمن، الأستاذ بجامعة عين شمس، تناولت القصة عند “دوريس ليسنج” الروائية الانجليزية الفائزة بجائزة نوبل عام 2007 فقد أصدرت ليسنج عام 1964 مجموعة قصصية بعنوان “قصص إفريقية” من خلال تجربتها في روديسيا البيضاء، وفي قصص المجموعة تستخدم المعاني الصوفية هدفاً جمالياً بحتاً، فضلا عن أنها تجعل النص يخاطب الروح مباشرة، وتحرص على أن تقدم معلومة للقارئ وفتح حديثها عن وصول الصوفية إلى القصة القصيرة المجال لمداخلات عديدة تتعلق بالمؤثرات الصوفية في الإبداعات الغربية عموماً والمقارنة بين توظيف التراث الصوفي لديهم وإدانته في بعض الدوائر الثقافية في عالمنا العربي. مسؤولية الترجمة وأثار المشاركون مسألة الترجمة إلى العربية، وطالب د. عبدالغفار مكاوي بأن يقوم المشاركون في المائدة بترجمة الأعمال التي تحدثوا عنها إلى العربية، ليفيد منها القارئ أولا ويدرسها الكتاب والشبان الذين يحاولون الكتابة فتكون تجارب أخرى من ثقافات مغايرة أمامهم، فهو يلاحظ أن هناك شباناً لديهم موهبة حقيقية، لكنهم عملياً يفتقدون الانفتاح الثقافي على الغرب عموماً، وفي ألمانيا حين ترجم شكسبير كاملاً إلى الألمانية أثر كثيراً في ثقافتهم وكتاباتهم فالعمل المسرحي الأول لجيتة تأثر تماماً بشكسبير، وإذا كان الأدباء العرب لا يلمون باللغات الأجنبية فعلى المتخصصين واجب تجاه ثقافتهم وأبناء وطنهم بنقلها إليهم. وأكدت د. نهلة توفيق هذا المعنى حيث ذكرت أن القصة القصيرة مفيدة لتعليم الدارسين فن الترجمة نظراً لقصرها. لكن د. يمنى صابر أشارت إلى صعوبة خاصة في ترجمة القصة القصيرة من اللغات الأوروبية إلى اللغة العربية تتعلق بالتكثيف الشديد في كتابة القصة، حيث يعتمد الكاتب أحياناً على دلالات شفهية لبعض الكلمات والإشارات في الانجليزية وفي غيرها، وهذه يصعب ترجمتها ونقلها بأمانة ودقة إلى العربية، فضلاً عن أن هناك بعض المصطلحات اللغوية الحديثة قد يستخدمها الكاتب ولا يوجد مقابل واضح لها بالعربية وهذا يعني أن الترجمة لن تكون جميلة، ورأى البعض أن المهم أن تكون الترجمة بلا أخطاء، أما عدم الجمال فهذا يمكن أن يتفهمه القارئ، وأضاف د.مصطفى ماهر أن هناك ترجمات إلى العربية اعتبرناها كمتخصصين رديئة لكن القراء استقبلوها والبعض اعتبرها جميلة، أي أن الأمر في هذه المسألة نسبي تماماً. والواقع أن هذه ليست مشكلة كبيرة، فلو أتقن المترجم لغته العربية وألم بدروبها فضلاً عن وعيه بالواقع وما فيه من بعض المصطلحات التي قد تبدو عامية، فإنه يستطيع الترجمة بلا صعوبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©