الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ارتماء قطر في الحضن التركي لن يحل الأزمة

ارتماء قطر في الحضن التركي لن يحل الأزمة
30 يونيو 2017 01:29
عمار يوسف (الرياض)

اتفق خبراء ومحللون سياسيون في السعودية على أن ارتماء قطر في الحضن التركي لن يحل أزمتها مع جاراتها، بل سيعقدها أكثر، خاصة أن تركيا أيضاً متهمة برعاية واحتضان «الإخوان» المصنفة في السعودية والإمارات ومصر ودول أخرى بأنها تنظيمات إرهابية، فضلاً عن أن القاعدة العسكرية التركية التي يتم إنشاؤها حالياً في الدوحة تمثل استفزازاً للدول الخليجية الثلاث المقاطعة، في ظل التأييد التركي لقطر في الدور التخريبي الذي تقوم به في المنطقة، وإعلان أنقرة رسمياً دعمها للرفض القطري للائحة المطالب الصادرة عن الدول الأربع المقاطعة لها.
وأضافوا في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن نجاح الضغوط الخليجية على قطر والاستجابة لمطالبها، والتي على رأسها إيقاف دعمها جماعات الإسلام السياسي، سيشكل ضربة قاضية للمشروع التركي في المنطقة، مؤكدين في الوقت ذاته أن استنجاد النظام القطري بتركيا واستدعاءه للقوات التركية لحمايتها وإقامة قاعدة عسكرية تركية في الدوحة لن يغير شيئاً من أزمتها مع جاراتها الخليجيات؛ لأن المسألة ليست استهدافاً عسكرياً، بل خلاف سياسي، نتج عن سجل قطر في التدخل في شؤون الدول الأخرى، وخاصة الدول العربية الشقيقة، وتمويل الأنشطة الإرهابية لمنظمات متطرفة في المنطقة، في إطار لعب دور أكبر من حجمها السياسي والعسكري والجغرافي والسكاني.
وكان موقع «تركيا بوست» المقرب من حزب العدالة والتنمية الحاكم قد توقع أن تقوم أنقرة بتصدير أجهزة عسكرية إلى قطر، تبلغ قيمتها ملياري دولار عبارة عن سيارات مدرعة، ورادارات، وطائرات من دون طيار، ومعدات عسكرية متنوعة للاتصالات، كما ستوفر لها تركيب أنظمة ومنصات صواريخ ذات تقنية عالية، على غرار منظومة الدفاع الإسرائيلية المضادة للصواريخ «القبة الحديدية»، وكذلك أقمار صناعية، ووسائل تجسس على الدول العربية وأجهزة تكنولوجية فضائية، وطائرات من دون طيار، وفرقاطات.
غير أن مواقف الدول الأربعة المقاطعة ظلت صلبة ولم تتغير، رغم وجود قاعدة العديد الأميركية التي تعتبر أكبر من القاعدة التركية مئات المرات، بل وتعتبر القاعدة الأميركية الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط وتضم 11 ألف جندي، كما أن الدول المقاطعة الأربعة لم تغير موقفها تجاه سياسات الدوحة رغم المناورات العسكرية الأميركية القطرية التي اختتمت مؤخراً.
وقال الباحث في العلاقات الدولية د. منيف عبد الله عسيري: إنه يمكن قراءة الاستقواء القطري بتركيا من خلال الاتفاق على التسريع من وتيرة بناء القاعدة عسكرية في الدوحة لتكون أول قاعدة تركية في منطقة الشرق الأوسط، بأنها كشفت لشعوب المنطقة العربية وللشعب التركي حجم التغلغل «الإخواني» في هذه المنطقة ذات الحساسية الاقتصادية والجيوسياسية الأكثر تعقيداً على مستوى العالم، كونها تحتوي على المخزون الأكبر للطاقة، ما يجعها الأكثر عرضة للصراعات والاستقطابات الدولية.
وأضاف: الدعم العسكري التركي لقطر بعد عزل الأخيرة من قبل جيرانها يعطي مؤشراً قوياً لتشكل تحالفات جديدة من شأنها أن تعيد خلط الأوراق في هذه المنطقة الشديدة التعقيد أصلاً، موضحاً أن هرولة الدوحة باتجاه أنقرة وطهران يؤكد عدم رغبة القيادة القطرية في أي حلول سياسية مع شقيقاتها الخليجيات، كما أنه يتزامن مع مخاوف قطرية من قيام واشنطن بغلق قاعدة «العديد» العسكرية الأميركية ونقلها إلى بلد خليجي آخر، نظراً لتجاوزات الدوحة ودعمها وتمويلها التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة، وإيواء عناصر جماعة الإخوان على أراضيها، فضلاً عن تبنيها أجندة تحريضية بهدف ضرب استقرار دول الجوار عبر فضائية الجزيرة ومواقع قطر الإلكترونية.
وقال عسيري: الكل في دول الخليج يعلم بالحلف الاستراتيجي القطري التركي القائم على احتضان وتمكين جماعة الإخوان من الوصول إلى الحكم في دول المنطقة العربية، حيث تجلى ذلك في دعم البلدين، بل وتنسيقهما المشترك لإشعال ما سمي بثورات الربيع العربي واحتضان حركات الإسلام السياسي، خاصة تلك المنطوية تحت إطار الإخوان، كما يظهر في الدعم اللامحدود الذي تقدمه الدوحة وأنقرة لإخوان مصر وحماس، مشيراً إلى أن الدعم التركي لقطر غير مستغرب لا عربياً ولا خليجياً، فشعوب المنطقة واعية للسياسات التي تدور بها.
ومن جهته اعتبر الخبير السياسي والإعلامي د. محمد السحيم الشمري أن تركيا تلعب الآن دوراً محورياً في تأزيم الخلاف بين قطر وشقيقاتها في دول مجلس التعاون بالنظر لحجم الانحياز التركي الكبير جداً لقطر، والمتمثل في دعمها عسكرياً، وسياسياً وإعلامياً ودبلوماسياً، من خلال جولات وزير خارجيتها داود أوغلو على دول عديدة.
وقال: إن قطر وتركيا كلاهما متهمان بدعم الإرهاب لذلك فإن تخدنقهما مع بعضهما البعض ليس مستغرباً، فقد قدمت أنقرة تسهيلات لوجستية للتنظيمات الإرهابية الممولة من الدوحة وسمحت لها بالمرور عبر أراضيها إلى كل من سوريا والعراق، ولكنه أشار إلى أن تدخل تركيا في الأزمة الخليجية القطرية سوف يزيد من تعقيدها باتجاه تركيا لتشكيل تحالف (تركي - إيراني - قطري) مدعوم من قبل روسيا في مواجهة التحالف (السعودي - الإماراتي - المصري) المدعوم أميركياً من وجهة نظر تركيا، وهو ما سيدخل المنطقة إلى أتون صراع دولي إقليمي خطير.
وأضاف: «من الواضح أن قطر لا تؤمن بفرضية الحرب على الإرهاب بقدر ما تؤمن بالاستثمار فيمن تسميهم بـ «المجاهدين»، من أجل تعزيز مكانتها ونفوذها المتوهم في المنطقة العربية للقفز على عقدة صغر حجم الدولة السياسي والعسكري والسكاني، وإن كانت لا تزال مغرورة بحجمها في سوق الطاقة وبالدعم التركي لها، رغم أن الأخيرة تعاني جملة من التحديات منها مواجهة حزب العمال الكردستاني في الداخل، وداعش والمنظمات الكردية المسلحة في سوريا، والعلاقات المضطربة مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والولايات المتحدة، والأزمة الاقتصادية، والمحيط اللاهب في كل من سوريا والعراق، وملف مكافحة تنظيم كولن (الموازي)، فضلاً عن تداعيات الانقلاب الفاشل المستمرة حتى اليوم.
ومن جانبه أشار الدكتور أيمن بن أسعد الشهري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك فيصل، إلى إمكانية قراءة الاستنجاد القطري بتركيا ومسارعة الأخيرة بإرسال دباباتها إلى الدوحة، في إشارة إلى دعمها المطلق واللامحدود لسياسيات قطر المرفوضة خليجياً وعربياً، من زاوية دفاع النظام التركي عن نفسه وليس عن قطر، على اعتبار أن نجاح الدول المقاطعة في معركتها السياسية مع قطر ومنعها من دعم التنظيم الإخواني وجماعات الإسلام السياسي سوف يؤدي إلى نقل المعركة إلى داخل البيت التركي من خلال تشجع الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، إلى خوض معركة مماثلة مع تركيا.
وأضاف أن التحالف التركي القطري في مواجهة الاتهامات والمقاطعة الخليجية للدوحة ينبع من كون قطر تمثل الحديقة الأمامية لتركيا، مثلما تمثل القاعدة الفكرية لجماعة الإخوان التي ستنتقل في حال التضييق على قطر إلى مغادرتها والتوجه صوب تركيا التي سيكون عليها في هذا الحال أن تتحمل وحدها عبء استضافتهم، ما يمكن أن يضعها في موقف حرج وصعب ربما لا تستطيع أن تتحمله وحدها، خاصة مع تزايدات تصنيف هذا التنظيم في القوائم الإرهابية لعدة دول.
أما المحلل السياسي علي بن عبد الرحمن آل خميس، فقد اعتبر أن الأزمة الخليجية القطرية والتورط التركي فيها سيكون لها ارتدادات سلبية على العلاقات الخليجية التركية في مجالاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، مشيراً إلى أن التحالف السعودي التركي الذي كان قد بدأ في التشكل خلال الزيارة الأخير للرئيس أردوغان للرياض ربما سيتضعضع، خاصة بعد ألغت الرياض صفقة سلاح وصرفت النظر عن طلب 4 سفن حربية من الصناعة التركية، وفقاً لما تناقلته وكالات الأنباء.
وتتخوف تركيا من أن تؤدي التداعيات السلبية للأزمة الخليجية - القطرية على الاقتصاد القطري، إلى تراجع الاستثمارات القطرية في تركيا، والتي تبلغ نحو 20 مليار دولار ويتركز أغلبها في قطاعات الزراعة والسياحة والعقار والبنوك، وهو ما ستكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد التركي.
وتابع آل خميس أن «تركيا وجدت نفسها في قلب هذا التصعيد والورطة، بسب تشابك المصالح التي تربطها بأطراف الأزمة، لا سيما على ضوء تأكيد الرئيس أردوغان، بأن قائمة الشروط التي وضعتها البلدان الخليجية أمام قطر تعتبر تدخلاً مباشراً في العلاقات التركية القطرية ومساساً بالسيادة القطرية، والتي يعود إليها اختيار الشريك والحليف الذي تريده».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©