الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي الكسّار حقق عبقرية التنوع بشخصية واحدة

علي الكسّار حقق عبقرية التنوع بشخصية واحدة
20 ابريل 2012
رغم مرور 55 عاماً على رحيل علي الكسار الذي حلت ذكرى وفاته مؤخراً، فإن أعماله التي تعرض متباعدة على بعض الفضائيات تحقق نسبة نجاح كبيرة لاعتبارات كثيرة من أبرزها أسلوبه الفطري والتلقائي في التمثيل. وكان الراحل الذي ابتكر شخصية “عثمان عبدالباسط”، الخادم الأسمر، واستغل مفرداتها وطقوسها ‏الخاصة. كما أطلق عليه «بربري مصر الوحيد» عن طريق نقاد الفن في مصر. (القاهرة) - كان علي الكسار أول فنان مصري يحقق نهضة مسرحية كوميدية، حيث تفرد بمصريته عن ‏سائر الفنانين الذين سبقوه وعاصروه بفرقهم التي أتت من بلاد الشام وغيرها من أمثال يعقوب صنوع وسليم نقاش ويعقوب روفائي وعزيز عيد ونجيب الريحاني. وقد ولد علي خليل سالم في حي السيدة ‏زينب الشعبي الشهير في القاهرة في 13 يونيه عام 1887، واستمد شهرته “الكسار” من والدته “زينب علي الكسار” التي ‏كان يدين لها بفضل كبير في تربيته وإيمانها بموهبته ومساندتها له بعد أن ‏توفي والده. شخصية «النوبي» ولم يحظ الكسار بقسط كبير من التعليم، حيث أمضى سنوات قليلة في أحد الكتاتيب‏، وبعدها عمل مع والده في مهنة ‏صناعة الأحذية التي لم ترق له، فعمل مع خاله “سفرجياً” في قصر أحد الأثرياء، وخلال عمله بدأ يتردد على الفرق الصغيرة التي ‏تقدم عروضها ولكثرة مشاهدته لهذه ‏العروض تأكد أن الفن والتمثيل طريقه.‏ وانضم في عام 1916 إلى فرقة “الأوبريت الشرقي” التي كانت تقدم عروضها في شارع عماد الدين، وكان يرأسها مصطفى أمين وبعد ‏انضمامه إليها تحول اسمها الى فرقة “مصطفى أمين وعلي الكسار”. وفي العام نفسه حدثت له نقلة كبيرة، حيث قدم مع شريكه مسرحية “حسن أبوعلي ‏سرق المعزة” وقدم فيها دور “خادم نوبي”، واستدعى كل خبرته التي اختزنها أثناء عمله سفرجياً مع ‏النوبيين، ‏ونجحت شخصيته نجاحاً هائلاً، واستطاع بذكائه ‏وموهبته أن يرسخ لشخصية “النوبي” واختار لها اسم “عثمان ‏عبدالباسط” وبدأ يحدد ملامحها فهو رجل نوبي أسمر ملامحه بسيطة ‏تبدو عليه التلقائية التي تصل الى حد السذاجة والبلاهة، لكنه رغم ذلك يعتمد ‏على ذكائه الفطري في مواجهة المشاكل والأزمات، ورغم سذاجته وبلاهته فإنه شديد الاعتزاز بكرامته. مسرح «الماجستيك» وتمكن ‏من تكوين فرقته الخاصة مع أمين صدقي، وبدأ يقدم عروضه على مسرح ‏‏”الماجستيك” منذ عام 1919، وبدأ بمسرحية “ليلة 14” واستمرت ‏عروض الفرقة بنجاح كبير، حيث كان أمين يؤلف المسرحيات أو ‏يترجمها من المسرح العالمي ويمصرها ويضفي عليها الطابع الشعبي ‏المصري، والكسار يمثل ويقود الفرقة ومنذ ذلك التاريخ بدأت المنافسة ‏الحقيقية بين فرقة نجيب الريحاني وشخصية “كشكش بيه” التي يقدمها، وفرقة علي ‏الكسار وشخصية “عبدالباسط” التي ابتكرها.‏ وفي الثلاثينيات من القرن الماضي زاد نجاح الفرقة وسافرت الى العديد من بلاد الشام ‏لتقدم عروضها، خصوصاً بعد انضمام الموسيقار زكريا احمد ‏إليها وتقديمه لألحان مسرحياتها، وفي عام ‏‏1936 حدث خلاف بينه وبين شريكه فانفصل أمين وكون فرقة خاصة به حملت اسمه، وتأثرت فرقة ‏الكسار قليلاً حتى عثر على المؤلف حامد السيد الذي استطاع أن ‏يكتب العديد من المسرحيات الناجحة التي استعاد بها الكسار مجده مرة ‏أخرى، وهو ما دعا أمين الى أن يعود الى فرقة الكسار كمؤلف وليس ‏شريكا في الفرقة. الاتجاه للسينما وفي منتصف الأربعينيات من القرن الماضي تراجع مسرحياً بعد أن مر بالعديد من ‏الأزمات المالية التي ظهر أثرها في عدم انتظام عروض الفرقة حتى تم ‏إغلاقها تماما في نهايات الأربعينيات وهي تلك الفترة التي شهدت وفاة ‏الريحاني، وبدأ يركز نشاطه على السينما ‏التي وقف أمام كاميرتها لأول مرة عام 1920 عندما شارك مع أمين صدقي في فيلم قصير “الخالة الأميريكانية” أخرجه ‏الإيطالي بونفيللي، وكان الفيلم صامتاً، ولم يرض طموح الكسار الذي كان يعتمد في أدائه في المسرح على ‏الحوار واللغة المباشرة بينه وبين جمهوره، ومع ازدياد الحركة السينمائية ودخول زملاء ورفقاء جيله فيها واحداً بعد ‏الآخر، أدرك أن السينما هي الوثيقة الوحيدة التي ستحفظ فنه للأجيال القادمة ‏وليس المسرح الذي لن يشاهد عروضه إلا المعاصرون لها، وعاد الى ‏السينما في عام 1935 مع المخرج الكسندر فاركاش من خلال فيلم “بواب ‏العمارة”. وتوالت ‏أفلامه بعد ذلك مع المخرج توجو مزراحي، وكونا ثنائياً قدم أروع أفلام الكوميديا في السينما ومنها “خفير الدرك” عام ‏‏1936 ثم “سلفني 3 جنيه” و”عثمان وعلي” و”100 ألف جنيه” و”التلغراف” و”نور الدين والبحارة الثلاثة” و”علي ‏بابا والأربعين حرامي” و”الساعة سبعة”. وقدم أفلاماً أخرى مع مخرجين آخرين مثل “يوم المنى” مع ‏ألفيزي اورفانيللي، و”محطة الأنس” مع عبدالفتاح حسن، و”يوم ‏في العالي” و”ألف ليلة وليلة” مع حسين فوزي.‏ آخر أفلامه وفي نهاية الأربعينيات تراجعت مكانته السينمائية وقلت أفلامه وبدأ ‏يقبل الأدوار الثانوية أو المساعدة لأسباب متفاوتة منها توقف مزراحي عن السينما عام 1946، ودخول السينما في نوعية مختلفة ‏من أفلام الكوميديا بعد الحرب العالمية الثانية ‏أفرزت نجوماً جدداً يقدمون الكوميديا بشكل مختلف أمثال إسماعيل ياسين ‏وعبدالفتاح القصري ومحمود شكوكو وزينات صدقي وماري منيب وحسن ‏فايق وغيرهم، ‏إضافة إلى أنه لم يجدد في مشواره ‏ومسيرته فقد ظل ثابتا على نمط واحد في كل أفلامه وهي ‏شخصية “عثمان عبدالباسط”. وشاهده الجمهور في أدوار ‏صغيرة في أفلام “غلطة أب” و”الأم القاتلة” و”جزيرة الأحلام” و”آه من الرجالة” و”قسمة ونصيب” و”مغامرات خضرة”، و”آخر كدبة” مع فريد الأطرش، و”أمير الانتقام” مع أنور ‏وجدي، و”صاحبة العمارة” مع محمد فوزي، و”قدم الخير” مع شادية ‏عام 1952، وكان آخر أفلامه “قلبي على ولدي” مع كمال الشناوي وزكي رستم وشكري سرحان وإخراج بركات عام 1953. «بربري مصر الوحيد» ضمت قائمة أهم 100 فيلم في السينما المصرية فيلم “عثمان وعلي” الذي جسد فيه دورين لرجلين متشابهين تماماً، ولكن الفارق الاجتماعي بينهما كبير جداً، الأول لـ”عثمان عبد الباسط” العامل البسيط ‏المرح، والثاني “علي بك” المدير الثري الجاد الأنيق. وكان الكسار قد عانى في أواخر أيامه من ‏التجاهل والنكران والجحود، وأصابه المرض ‏حتى لقي ربه ‏في عام 1957، عن 70 عاماً وهو لا يملك من الدنيا شيئاً يورثه لزوجته وأبنائه، ومنهم ابنه “ماجد” الذي ألف عنه قبل فترة كتاباً عنوانه “بربري مصر الوحيد” وهو اللقب الذي أطلقه عليه النقاد في مصر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©