الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ابن بيَّه: القضاء على فوضى الإفتاء يتم عبر تكوين معاهد ومراكز تُخرّج مفتين راشدين

ابن بيَّه: القضاء على فوضى الإفتاء يتم عبر تكوين معاهد ومراكز تُخرّج مفتين راشدين
18 سبتمبر 2008 02:21
أكد الشيخ العلامة عبدالله بن بيَّه أن القضاء على ''فوضى الإفتاء'' يتم عبر تكوين معاهد ومراكز تؤهل للفتيا، وحل القضايا المطروحة كقضية الإرهاب، داعياً الفقهاء والحكام إلى تكوين جيل من ''المفتين الراشدين''· وأشاد في المحاضرة، التي شهدها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في مجلسه الرمضاني، بما تقوم به دولة الإمارات من إعداد نحو أربعين من الفقهاء خلال عشر سنوات لمهمة الفتيا، مقترحاً مضاعفة المدة ليتم خلالها تعليم هذه المجموعة على الانفتاح الذهني· وتناول العلامة ابن بيَّه في المحاضرة التي كانت بعنوان: ''الفتوى في عصر العولمة'' معنى الفتوى ومجالاتها ومراحلها واشتداد أهميتها بالنسبة للمسلم في عصر العولمة والشروط التي يجب توفرها للفتوى والمفتي، مؤكداً أن من الواجب تعليم الناس دينهم وعدم تركهم في الظلام يستمعون لـ''مفتيي السرداب''· وقدم في هذا الخصوص بعض المقترحات التي من شأنها توحيد الإفتاء لضبط الأمور بعد أن أصبحت الساحة وخاصة القنوات الفضائية مليئة بغير المختصين في هذا المجال، مشيراً إلى استعداد مركزيْ الفتوى اللذين أنشأهما في بريطانيا وموريتانيا للتعاون مع المركز الرسمي للإفتاء الذي أنشأته حديثاً الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والإوقاف في الإمارات· وأشاد المحاضر في البداية باهتمام القادة وأولياء الأمور بالهم الديني عبر الأسئلة والاقتراحات التي يوجهونها إلى العلماء ليقدموا الحلول الفقهية للمشاكل التي أفرزها تطور المجتمعات الإنسانية في عصر العولمة، مؤكداً أهمية وضع برنامج عملي واجوبة للقضايا والاشكاليات الحضارية المعاصرة· وأشار إلى أن الفتوى تعريفاً هي الإخبار عن الله أو الترجمة أو التوقيع عنه سبحانه وتعالى منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان المفتي الأول، وأنها تهدف إلى تبصير المسلم في أمور دينه ودنياه على السواء، وحذر من خطورتها وعظيم وزرها لمن ليس مؤهلاً لها خاصة أنها أصبحت هماً عالمياً يرى أنها تمثل الوجه الثاني للإرهاب، مشيراً إلى الحديث النبوي ''أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار''· وانتقل بعد ذلك إلى الإشكالات الجديدة التي طرحتها العولمة على الفتوى في مجالات الطب والاقتصاد والسياسة والحياة الاجتماعية كالاستنساخ وموت الدماغ السريري وأطفال الأنابيب والرحم المستعارة وزراعة الأعضاء وقضايا المضاربة بالعملات والبورصات وبيع النفط والشورى والديموقراطية والانتخابات والعلاقة مع الآخر والمواطنة أو الشراكة في الحقوق والواجبات ونكاح المرأة وزواجها من غير المسلم ودورها في المجال الاجتماعي وتوليها المناصب القيادية الخ· وأضاف أن العولمة تطرح أيضاً وسائل جديدة للفتوى، قاصداً بذلك شاشة التلفزيون وشبكة الإنترنت، مما أدى إلى اتساع نطاق الفتوى ليتلقاها في وقت واحد مئات الآلاف في أرجاء المعمورة وكأنها أوامر بالقتل أو الاعتداء فيسود التوتر هذا البلد أو ذاك كما هو الحال في بعض البلدان العربية· وقرر أنه لا يمكن الاعتماد على فتاوى الشبكة والشاشة بسبب الفوضى والجرأة على الفتوى من غير المؤهلين لها أو الذين ينتحلون صفة أو شخصية المفتي، وأنه لابد من إعادة هيبة الفتيا ورهبتها والتذكير بضمان المفتي للنفس والمال بمعنى أنه يحاسب ويحاكم إذا تعرض شخص بسبب فتواه إلى الموت أو خسارة ماله· وقال إن إعادة هيبة الفتوى وتذكير المفتي بحسابه مع الله تمر عبر شروط الإثبات والنظر في الموضوع وفي صفات المفتي كمعرفته لعلوم الدين والسنة وأصول الفقه واللغة، وكذلك العلم بالواقع وبمآل ومستقبل فتواه، مشيراً إلى أن الخليفة عمر بن عبدالعزيز كان كما هو حال القرآن مع الخمر يتدرج ويتباطأ في إصدار فتواه كي لا ينفر الناس من ذلك· وأضاف أن على المفتي أن يعرف الأولويات ''مثال فتوى ابن تيمية بشأن جنود التتار السكارى''، كما أن عليه أيضاً النظر في الأحوال المحلية والبيئة العالمية الشاملة والعمل بتحقيق المناط في الأشخاص والأنواع، بمعنى أن الناس ليسوا على شاكلة واحدة، وبذلك تأتي الفتوى شفيقة وميسرة على الأمة ''مثال الإمام الغزالي وصيد الأمير والفقير''، مشيراً إلى أن ذلك هو المنهج الذي يتبعه، بينما الشاشة لا تعرف الفرق بين الناس لأنهم في ظروف وأقاليم مختلفة، ومثال بقاء المرأة المسلمة مع زوجها النصراني وكذلك سفرها في هذا الزمان دون محرم إذا أمنت على نفسها وعرضها· وأكد أن على المفتي ضرورة مراجعة المعنيين من أهل السياسة والاقتصاد لمعرفة الإشكاليات التي يعانون منها، مشيراً إلى أن ذلك سيجعلهم على معرفة واضحة وشاملة بهذه القضايا مثل طريقة التعامل في استيراد الطائرات وصيانتها وتأمينها وغير ذلك من الإكراهات المتعلقة بعملية البيع وكذلك المسائل المتعلقة بالاعتراف بالعدو ومهادنته· وقال إن الفتوى يجب أن تمر بثلاث مراحل: أولاها التشخيص، حيث على المفتي الذهاب إلى مكان الإشكالية لمعرفة كل جوانبها، ثم مرحلة تلمس الدليل من القرآن أو السنة أو الإجماع والقياس أو المصالح المرسلة أو سد الذرائع والاستحسان بعد وضوح القضية، ثم مرحلة اللجوء إلى المقاصد والنصوص والفروع والقواعد بسعة بال وصبر كبير· وتحدث في هذا الصدد عن المركز الذي أنشأه في مدينة كارديف البريطانية لتدريب قادة المساجد والمراكز الدينية في الغرب وخاصة أميركا وكندا من خلال دورات في الفقه الميسر وشؤون الفتوى وكيفية التعايش مع الآخر بسلام وراحة دينية وسعة أفق وبذلك يكون مرجعية للناس ومخلصاً لهم من الفوضى ومن ''قراصنة الفتوى·'' وفي ختام المحاضرة، رد على سؤال عن الخطوات اللأزمة لتوحيد الإفتاء، مشيراً إلى ضرورة فرض هيبة الفتوى ورهبتها حيث لا يسمح الدين لأي كان بذلك، فالفتوى في الأصل مكلف بها الأمير أو مأموره وليس المتكلف أي الفضولي· كما رد على سؤال آخر حول أنواع الفتاوى التي ردها إلى ثلاث أولها الشؤون العامة كالجهاد والحرب، مشيراً إلى أن الجهاد جاء في ثلاث آيات بما يوافق الفصل الحادي والخمسين من شريعة الأمم المتحدة أي أنه دفاع عن النفس، بينما ذكر في آيات أخرى في سياقات أخرى· والنوع الثاني من الفتاوى يتعلق بقضايا تهم الأمة كالشركات والبنوك، وتتولى الفتيا فيها لجان ومجموعات متخصصة لا تخالف الشريعة، والنوع الثالث الذي يتناول القضايا الشخصية كفروض العين مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج·· إلخ، والتي يمكن للمفتي أن يفتي فيها إن احتاج الأمر أحياناً الى فتاوى جماعية· وأوضح أن الفتوى تتناول أيضاً الحالات العقدية ودار الحرب ودار الإسلام بعدما أضحت العولمة دارا واحدة للناس· ورد المحاضر على سؤال حول جواز قتل أصحاب الفضائيات، مؤكداً صعوبة الفتوى بالقتل، وأن على المفتي أن يبين للناس خطأهم، وأنه لا يجوز له الإفتاء عبر الشاشة إلا اذا كان عليماً بأمور الفقه والفتيا خاصة أن الناس أصبحت تستمع إلى الصوت المتشدد وليس المعتدل· وأجاب على سؤال حول ولاء المسلم للدولة الغربية التي يقيم فيها، مؤكداً أن الولاء هو نتيجة للمواطنة ومن توابعها ويأتي ضمن الحقوق والواجبات، كما أنه لا يتنافى مع الشرع إلا إذا منع المرء من عبادة ربه فلا ولاء لهذه الدولة· كما رد على سؤال آخر حول حقوق غير المسلمين في أرض الإسلام، مؤكداً أيضاً أن الإسلام كفل حقوق جميع الديانات، وهو أول من قنن العلاقات بين الجميع عبر وثيقة المدينة المنورة· وحول الإفتاء المشوه للدين، قال إن الحل فيما أشار إليه في المحاضرة من إعادة الهيبة للفتوى وتطبيق الشروط والمقترحات التي ذكرها، وأشار رداً على سؤال آخر بشان التعريف الشرعي والقانوني للإرهاب، مؤكداً أنه تخريب وتدمير واعتداء بالسلاح على قوم آمنين في غير حق معترف به، مشيراً الى أن التعريف الدولي للارهاب لم يتم بعد· وفيما إذا كانت الفتوى بديلة أو ناسخة للقانون المدني للدولة قال إنها جواب لسؤال عن حكم شرعي وليست ناسخة أو بديلة للقانون وليس لها صفة الإلزام الذي هو للقاضي الذي ينوب عن الحاكم وليس المفتي فرأيه غير ملزم وحول آليات ردع المفتي المهدد للدولة اجاب بضرورة تعليمه خطأه واشاعة الثقافة المرجعية وسيادة القانون عليه ومحاسبته، كما أشار إلى المعايير الخاصة بعمل المفتي ومؤهلاته لذلك· الحضور حضر المحاضرة، وهي الخــامســـة في هذا الموسم، ســـمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان، والفريق سمو الشيخ ســـيف بن زايد آل نهيــــان وزيـــر الداخلية، وسمو الشيخ منصـــور بن محمــــد بن راشد آل مكتوم، والعميد الركن الدكتور الشيخ سعيد بن محمد آل نهيان نائب المفتش العام بوزارة الداخلية، والشيخ أحمد بن حامد المستشار الخاص لصاحب السمو رئيس الدولة، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ومعالي الشيخ حمدان بن مبـــارك آل نهــيـان وزيــــر الأشغال العامة، ومعالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للسياحة· كما حضر عدد من الشيوخ والوزراء وأصحاب الفضيلة العلماء وبعض كبار المسؤولين·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©