الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصيت ولا الغنى

18 سبتمبر 2008 23:19
هل فعلا جميع المواطنين أغنياء كما يقول التجار '' أنتم اغنياء واموالكم كثيرة '' والاسعار يجب أن تكون خاصة لكم ! هل الواقع كذلك أم أن المواطن نفسه ألصقها بنفسه لحصوله على امتيازات لا يرضاها إلا لنفسه؟ وعدم رضاه على الحياة العادية وجريه وسعيه الدائم خلف المظاهر واقتنائه للباهظ ثمنه؟ أُعجبتُ ذات يوم بفستان سهرة فوددتُ شراءه وعندما استفسرت عن ثمنه وجدته لا يساوي ذلك المبلغ فتنازلت عن رغبتي وحلمي بتلك الليلة التي نويت ارتداءه فيها حالما وقع نظري عليه، فهممتُ بالخروج وإذا بزبونة من جنسية أخرى تصادف وأن يكون ذوقها كذوقي وأُعجبت بالفستان ذاته، فدفعني الفضول والغيرة والحسرة لانتظارها خارج المحل لأسألها عن السعر الذي اشترت به الفستان، لم أنتظر طويلاً فبادرتها بالسؤال لأفاجأ بأنها اشترته بأقل من نصف الثمن الذي عُرض علي، وبذكاء منها علمت بأنني سبقتها له ليغتنم البائع فرصته برفع السعر لأنني وعلى حد قوله (انتم مواطنون وأموالكم كثيرة) فوجدني فريسة سهلة ليكون جزء ما بمحفظتي كافياً لعشاء في مطعم خمسة نجوم،، فـ (برستيجي) كمواطنة كان مطمعاً لأكون واحدة من ضحاياه· في أحد الأيام رغبت بتغيير هاتفي النقال،، فذهبت مع إحدى أخواتي لأحد المحال واستفسرت عن أحدث الهواتف النقالة،، أخذ البائع باستعراض عضلات خبرته بشرح مواصفات كل منها،، وقع نظري على أحدها فأعجبني وأردتُ شراءه،، فما كان منه إلا وأن تدخل في اختياري وعلّق بقوله بأنه لا يناسب المواطنين وأغلب الوافدين يقتنونه (هذا طبعاً لرخص ثمنه)،، فنصحني بهاتف (خقة) على حد قوله أن المواطنين وخاصة البنات يشترونه وبالطبع سعره يساوي ثلاثة أضعاف ذلك الهاتف الخاص لأصحاب الدخل المحدود، وحقيقة أعجبني الهاتف لكثرة المديح الذي حفظت أغلب كلماته من البائع وكذلك لشكله ·تفحصت محفظتي فوجدتُ المبلغ كافٍيا لشرائه طبعاً مع تأجيل مشروع شراء ما يلزمني للشهر التالي لأن الهاتف يُسال له اللعاب وفي حقيقة الأمر ''أعاني من حمى اقتناء أحدث الهواتف''،، همّ البائع لعمل اللازم مع إصراري على خفض سعره قليلاً،، استلم نقوده فأخذ يعدها والابتسامة تعلو وجهه وهو يتمتم بمكر وبصوت مسموع (انتم مواطنون وأموالكم كثيرة)،، هممتُ بالخروج وأنا سعيدة بالهاتف الـ (خقة)· هذان الموقفان كافيان لأن يجعلانا نتساءل دائماً، ماذا يعني إن كنا مواطنين؟؟ هل يعني ذلك بأن في بيت كل مواطن بئر نفط؟؟ أم أن كل المواطنين يعملون في وظائف مرموقة وعالية؟؟ لا يزال هناك من المواطنين من يبحث عن عمل، من يبحث عن مأوى، من يسكن بالإيجار، فبلادنا كسائر بلاد العالم فيها الطبقة الثرية والطبقة المتوسطة وطبقة محدودي الدخل والطبقة الفقيرة، تتشابه في حمل الجنسية ولقب (مواطنين) وليس ذلك بأنهم متساوون في المعيشة· نوال سالم جامعة الإمارات العربية المتحدة- قسم الاتصال الجماهيري/مسار الصحافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©