الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمويل الضمان الاجتماعي

تمويل الضمان الاجتماعي
18 سبتمبر 2008 23:43
سار سيدنا عمر بن عبدالعزيز ــ الخليفة السادس ــ على المبادئ المتميزة لمن سبقه ، حتى أن الرجل كان يخرج من بيته بزكاته فلا يجد من يأخذها · وذكر الخطيب البغدادي في '' التاريخ '' و ابن تغري بردي في '' النجوم الزاهرة '' والنباهي في '' قضاة الأندلس '' و أبو العرب في '' طبقات علماء إفريقية '' أن يحيى بن سعيد ــ عامله على إفريقية ثم قاضيه بالأندلس ــ يقول : بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية ، فاقتضيتها ، و طلبت فقراء نعطيها لهم ، فلم نجد فقيرا ، و لم نجد من يأخذها منا· فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس · و يضيف قائلا : فاشتريت بها رقابا (عبيداً) فأعتقتها· والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يتم تمويل المعوزين ؟ و أتمنى ألا تشمل الإجابة مقولة أن كل واحد عليه أن يجعل قروشه في حصالة ــ يساهم فيها بقوة أو بمروءة ــ لأيامه ذات الألوان الداكنة· فالإسلام لم يلزم أحدا بذلك ، وإنما جعل ذلك من باب الفضل والإحسان· والكفالة في هذا الضمان مقصورة على بيت المال، وهو يمول ذلك ـ أولا ـ من حصيلة الزكاة و من ثم صرفها ــ على خمسة أصناف من الثمانية المشهورة ــ حيث أن رواتب العاملين عليها متكفلة الخزينة العامة بصرفها ، والمؤلفة قلوبهم قد أوقف سيدنا عمر بن الخطاب سهمهم، والرقاب الآن في حكم التاريخ الذي لن يعود على الأقل قريبا· ويتم التمويل ـ ثانيا ـ من خلال التبرعات ، الفضل و الإحسان، و قد ذكر صاحب '' حياة القلوب '' و المسعودي في ''مروج الذهب'' أن سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سأل من في مجلسه يوما : أرأيتم من زكى ماله ، هل يبقى فيه حق لغيره ؟ فأجاب سيدنا كعب الأحبار رضي الله عنه : لا · فرد عليه سيدنا أبو ذر رضي الله عنه بقوة ، و استشهد بقوله تعالى في سورة البقرة ( ··· و لكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر والملائكة و الكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين و في الرقاب وأقام الصلاة و آتى الزكاة ··· ) مبينا في ذلك الفرق بين ''آتى المال'' و''آتى الزكاة''، موضحا أن العطف هنا للمغايرة · والأحاديث في هذا الغرض أكثر من أن تحصى ، و لعل من أشهرها قوله صلى الله عليه و سلم ( أنا و كافل اليتيم في الجنة كهاتين ) و أشار بإصبعيه الشريفتين · و يتم التمويل ـ ثالثا ـ من فرض الأموال ، كما صرح به فقهاء المالكية ، فقد ذكر الشاطبي في'' الموافقات '' أنه عندما يخلو بيت المال، أو ترتفع حاجات الجند، و ليس فيه ما يكفيهم ، فإن للإمام أن يوظف ــ أي يفرض ــ ما يراه كافيا لبيت المال في الحال ، إلى أن يظهر فيه مال ، أو يكون فيه ما يكفي · وـ للإنصاف نذكر ما أضافه أيضا في كتاب '' الاعتصام '' ـ و هو أن الاقتراض لسد الحاجات إنما يكون حيث يوجد لبيت المال دخل ينتظر، وإلا فيتم الفرض ـ ولعل هذا مما يريح مقرري الضرائب أثناء الأزمات· فقيه ومفكر سعودي ؟ فقيه ومفكر سعودي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©