السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصاغة وراء الفجوة بين المكتوب والموجود في صناعة الحلي الإسلامية

الصاغة وراء الفجوة بين المكتوب والموجود في صناعة الحلي الإسلامية
18 سبتمبر 2008 23:44
يرجح أن معظم ما وصل إلينا من حلي الفنون الإسلامية لا يعود إلى القرون الأولى للهجرة رغم نوعية الزخارف التقليدية الموجودة على قطع الحلي والتي تنتمي للفن الزخرفي على أيام العباسيين والفاطميين والمماليك· وقد تأثرت طرز زخارف الحلي وأساليب صناعتها في بداية العصر الإسلامي بالنماذج الساسانية والبيزنطية ومن العسير تحديد المكان الذي صنعت فيه معظم قطع الحلي الإسلامية أو تاريخ صناعتها· وعلى الرغم من شهرة الشرق الإسلامي بإنتاج أرفع الحلي، فإن ما وصلنا بالفعل من هذه الحلي نادر مقارنة بما كتبه المؤرخون في وصف روائع الحلي والجواهر التي كانت في خزائن الملوك والخلفاء والأمراء، ناهيك عن وجود حي للصاغة في كل مدينة إسلامية· يرجع السبب وراء هذه الندرة في مقتنيات المتاحف من قطع الحلي الإسلامية، إلى عادات الصاغة في سبك قطع الحلي القديمة وإعادة صياغتها من جديد نظرا لقلة الكميات المتاحة من الذهب· ونظرا للتشابه الفني في منتجات سوريا ومصر فإن ثمة قطعا من الحلي ترجح نسبتها إلى أي من هذين الإقليمين بدءا من العصر الفاطمي· فقد عثر في حفائر الفسطاط بمصر على أسورة وخواتم وأقراط من الذهب والفضة، ويظن مما عليها من الزخارف النباتية الدقيقة أنها ترجع إلى العصر الفاطمي· وطبقا لأوصاف المؤرخين، فقد كانت خزائن الفاطميين تحوي العديد من قطع الحلي المزخرفة بالمينا المتعددة الألوان، وأهم ما تعرضه المتاحف من نماذج هذا النوع، قرط صغير مستدير من الذهب عثر عليه في حفائر الفسطاط، و حاليا محفوظ بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة· يلاحظ أن وجه هذا القرط مقعر ومغطي بالمينا، و مقسم إلى ثلاث مناطق، في الوسط كتابة كوفية بيضاء مزخرفة باللون الاحمر على أرضية سنجابية ونصها ''الله خير حافظا''، وفي المنطقتين الأخريين زخرفة حمراء محددة بالذهب على أرضية خضراء· وهناك تحف أخرى صغيرة بنفس المتحف تحتوي على زخارف بالمينا ذات الفصوص المصبوبة في حواجز رقيقة من الذهب، ومنها قطعة حلي من الفضة المذهبة على شكل دائرة وبداخلها دائرة أخرى تمس المحيط فتجعل التحفة شبه الهلال، وهي مزخرفة برسوم بارزة على الوجهين نباتية وهندسية، وفي أحد الوجهين دائرة صغيرة · وتتضمن المينا المتعددة الألوان رسم طائر يحمل في منقاره فرعا نباتيا· وعلى الرغم من السمعة الطيبة التي حازتها الحلي الإيرانية، فإن ما وصل إلينا منها ليس سوى النزر اليسير، ولعل أقدمها علبة تميمة من الذهب يحتفظ بها متحف الكويت الوطني وعليها كتابة كوفية مكررة نصها ''الملك لله''· وهناك أيضا عدد من الخواتم والأساور والأقراط قيل إنه كشف عنها في بعض الحفائر بمدينة الري واستعمل الفنانون في تزيين هذه التحف الثمينة الزخرفة بالأسلاك الذهبية والتخريم والحبيبات الصغيرة· ويوجد سوار من الذهب يشبه في زخرفته تلك القطع التي عثر عليها في كنز مدينة الري، وهو من مقتنيات متحف الكويت الوطني وقوام زخرفته سباع متواجهة يفصل بينها رسم دائرة بها اسلاك ذهبية على هيئة نباتية· وفي تركيا العثمانية، أظهر الصاغة حذقا واستيعابا لتراث الحلي في آسيا الإسلامية، وبخاصة في إيران والهند، ونالت منتجاتهم الاعجاب الشديد من الاوروبيين في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين ''18-17م''· ويحتفظ متحف طوبقابوسراي باستانبول بالعديد من نماذج الحلي التي كانت شائعة الاستخدام في البلاط العثماني وخاصة في القرن الثامن عشر الميلادي· وتتميز الحلي التركية بدقة مشغولات الذهب ووفرة زخارفها مع الميل الى استخدام الأحجار الكريمة بكثافة كبيرة في أعمال الزخرفة· اما الأندلس، فإن قطع الحلي المنسوبة إليها تبدو نادرة للغاية، ويظهر أنها كانت متأثرة بالتقاليد الفاطمية في مصر وشمالي أفريقيا، وخاصة في مجال استخدام الزخرفة بالمينا المتعددة الألوان وثمة قرط من الذهب يحوي كتابات بالخط المغربي الشهير يجمع بين الخطين الكوفي والنسخي على أرضية من المينا الزرقاء والحمراء ويرجح انه من صناعة الأندلس· وتعتبر الهند في عصر أباطرة المغول خير سفير للحلي الإسلامية على مشارف العصر الحديث، فقد كان الإقبال على الحلي هناك عظيما، ونبغ في صناعتها الفنانون الهنود· ووصلت الى المتاحف والمجموعات الفنية في أرجاء العالم قطع كثيرة من حلي الهند المصنوعة من الفضة والذهب والمرصعة بالأحجار الكريمة والمينا المتعددة الألوان· وإلى جانب الحلي التي اختصت المرأة بمنتجاتها المختلفة، كانت هناك جملة من أدوات الزينة التي أنتجت لتلبية احتياجات النساء في التزين والتعطر· وتعتبر المكاحل أكثر هذه المنتجات شيوعا وكانت تتخذ من النحاس وربما ايضا من الفضة والذهب والعاج· كما صنعت ايضا قنينات صغيرة من الفضة لحفظ ماء الورد وخاصة في إيران· غير ان اهم ادوات الزينة التي انتجت في العصر الإسلامي كانت المرايا المعدنية المصنوعة من البرونز والشبيهة بالمرايا الصينية، وتعد إيران صاحبة السبق في هذا المضمار· ومن المعروف ان المرايا في العصور القديمة كانت تصنع من المعدن المصقول اللامع ولا سيما من البرونز أو النحاس أو الفضة، ورغم استخدام مرايا الزجاج ظلت المعادن طوال العصور الوسطى تستخدم في عمل المرايا وكان ظهور هذه المرايا المعدنية ميدانا خصبا، مارس فيه الفنان المسلم ميله نحو ملء الأسطح بالزخارف، فنرى على بعضها زخارف بارزة تمثل فرعا نباتيا يحف به من الجانبين رسم ابو الهول وحول ذلك كله شريط دائر من كتابة كوفية· وكان على بعض هذه المرايا رسوم آدمية وحيوانية أو مناظر صيد أو حتى رسوم بروج فلكية خاصة ان بعض الاعتبارات المتصلة بالتنجيم كطالع السعد كانت تؤدي الى إقبال النساء على شراء واقتناء مثل هذه المرايا· اما الأمشاط فكانت تصنع غالبا من العظم وافضلها من العاج، وفي بعض الأحيان كانت تتخذ لهذه الامشاط العاجية الثمينة مقابض من الذهب والأحجار الكريمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©