الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف

المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف
29 يناير 2009 23:33
الإيمان إذا تغلغل في القلب، يضفي على صاحبه قوة تبدو في سلوكه كله، فإذا تكلم كان واثقا، وإذا اشتغل كان راسخا في عمله، وإذا اتجه كان واضحا في هدفه· وترتكز فضيلة القوة في نفس المسلم على عقيدة التوحيد، كغيرها من الفضائل التي تجعله يرفض الخلود إلى الأرض، لأنه رفيع القدر بانتسابه الى السماء· يوضح ذلك الإمام محمد الغزالي-رحمه الله- في موسوعة ''خلق المسلم'' الذي يضيف ان المسلم يستطيع في نطاق إيمانه أن يكون أمة وحده· ''قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين''· الانعام: الآية ·14 ومن فضائل القوة التي يوجه بها الإسلام أن يكون المسلم وثيق العزم، مجتمع النية على إدراك هدفه بالوسائل الصحيحة التي تقربه منه، باذلا قصارى جهده لبلوغ مآربه، غير تارك للأقدار ان تدبر له ما قصر في تدبيره لنفسه· ويكره الاسلام أن تكون مترددا في أمورك، تحتار في اختيار أصوبها وأسلمها، وتكثر الهواجس في رأسك فتخلق أمامك جوا من الريبة والتوجس، فلا تدري كيف تفعل· وتضعف قبضتك في الإمساك بما ينفعك فيفلت منك ثم يذهب سدى· وهذا الاضطراب لا يليق بالمسلم· قال رسول الله ''صلى الله عليه وسلم'': ''المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا· ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل، فإن ''لو'' تفتح عمل الشيطان''· إن الرجل لا يلتفت وراءه إلا بمقدار ما ينتفع به في حاضره ومستقبله، أما الوقوف مع هزائم الأمس، واستعادة أحزانها وتكرار ''لو'' و''ليت'' فذلك ليس من خلق المسلم، بل لقد عده القرآن الكريم مظاهر الحسرة التي تتلجلج في قلوب الكافرين· قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير'' آل عمران الآية ·156 وقد نصح الله قوم هود فأرشدهم الى اسباب القوة الصحيحة، وكانوا عمالقة جبارين، فقال: ''ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة الى قوتكم ولا تتولوا مجرمين'' هود: الآية ·52 وأراد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أن يزين الطاعات للناس، وأن يحضهم على ادائها، وأن يشرح لهم عظمة الإنسان عندما يفعل الخير ويراغم الشيطان ويسمو الى الملأ الأعلى فضرب لهم هذا المثل في سياق حديث له، قال: ''لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتتكفأ فأرساها بالجبال فاستقرت· فتعجب الملائكة من شدة الجبال فقالوا: يا ربنا أخلقت خلقا أشد من الجبال؟ قال: نعم الحديد· قالوا فهل خلقت أشد من الحديد؟ قال: نعم النار، قالوا: فهل خلقت خلقا أشد من النار؟ قال: نعم، الماء، قالوا: فهل خلقت خلقا أشد من الماء؟ قال: نعم، الريح، قالوا: فهل خلقت خلقا أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم إذا تصدق صدقة بيمينه فأخفاها عن شماله· وهذا مثال للرجل القوي المحسن وتصوير لرسوخه عندما يقدم الخير· ومن عناصر القوة أن يكون المسلم صريحا، يواجه الناس بقلب مفتوح ومبادئ معروفة، يجعل قوته من قوة العقيدة التي يمثلها ويعيش لها، ولا يحيد عن هذه الصراحة أبدا في تقرير حقيقة ما· فقد كسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم مات ابنه ابراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت ابراهيم· فقام رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يخطب الناس فقال ما معناه: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وهما آيتان من آيات الله تعالى يريهما عباده· فإذا رأيتم ذلك فافزعوا الى الصلاة · وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحاب الجنة وخلالهم، وأصحاب النار وخلالهم، فعد فضائل القوة والكرامة والنيل في الأولين، وقرن رذائل الهون والعجز بالآخرين قال: أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق· ورجل رحيم رفيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف، ذو عيال· وأهل النار: الخائن الذي لا يخفي له طمع· ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك· وذكر البخيل والكذاب، والشنظير -الفاحش- وان الله أوصى الى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغى أحد على أحد
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©