الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القراءات السبع للقرآن الكريم

القراءات السبع للقرآن الكريم
29 يناير 2009 23:34
تركت كثرة الرواة الذين رووا عن أئمة القراءات العشر للقرآن الكريم، أثراً واضحاً في تعدد القراءات التي بدأ الناس يتناقلونها وينشرونها في سائر الأمصار، وكلما تأخر الزمن قل الضبط، خاصة بعد القرون الثلاثة التي شهد لها الرسول -صلى الله عليه وسلم - بالخيرية· ومن هنا بدأ بعض العلماء الغيورين على كتاب الله تعالى يفكرون في وضع ضوابط دقيقة يحكم بها على القراءة المقبولة وغير المقبولة· يوضح ذلك الدكتور حلمي عبدالرؤوف استاذ الشريعة بجامعة الأزهر بقوله إن الإمام أحمد بن جبير ألف كتاباً في القراءات سماه ''كتاب الخمسة'' جمع فيه خمسة من القراء من كل بلد واحد، وألف اسماعيل بن اسحاق المالكي كتاباً في القراءات جمع فيه قراءة عشرين إماما، منهم الأئمة السبعة نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عامر· وألف الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كتابا جمع فيه قراءة أكثر من عشرين قارئا سماه ''الجامع''· وهكذا تتابع العلماء في تدوين القراءات، بأعداد محددة، حسب اجتهاد كل واحد منهم في الذين تحققت فيهم كثرة الضبط، وصحة الأسانيد، الى أن جاء الإمام ''ابن مجاهد'' وحصرها في سبع، وهو أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي المتوفى سنة 324هـ، حيث ألف كتابه المشهور المسمى ''السبعة'' ويعتبر أول من فكر في قصر القراءات على سبع· وجمع فيه قراءة الأئمة السبعة المشهورين نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي· وبين سبب اقتصاره على هؤلاء السبعة، وهو أنهم اشتهروا بين العامة والخاصة بنقل القراءات، وكانت قراءاتهم مسندة لفظا وسماعا، من أول القرآن الى آخره· كما بين ابن مجاهد -رحمه الله تعالى- الأسس والضوابط للقراءة التي تقبل، وهي متحققة في قراءات هؤلاء الأئمة السبعة، وهذه الشروط أو الضوابط هي: أولا، أن تكون القراءة صحيحة السند، رواها جماعة موثقون، من أول السند الى زمن القارئ، وإن كان المحققون من العلماء يشترطون التواتر· ثانيا: أن تكون موافقة لأحد المصاحف العثمانية التي أرسلها عثمان بن عفان رضي الله عنه الى الأمصار الإسلامية، باعتبار أن هذه المصاحف لم يكتب فيها إلا ما هو منقول نقلا صحيحاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثبت في العرضة الأخيرة، ولم تنسخ تلاوته· ثالثا، أن تكون القراءة موافقة لوجه من وجوه اللغة العربية، باعتبار أن القرآن الكريم نزل باللغة العربية، بل بأفصح ما فيها من لهجات، وكان لهذا العمل الجليل من ابن مجاهد أثر بالغ في ضبط القراءات، وإحكام النقل فيها· والعمل الذي قام به ''ابن مجاهد'' فتح ثغرة أخرى، هي فهم كثير من الناس أن ما عدا هؤلاء السبعة لا يصح الأخذ به، وإن كان لم يقصد ذلك، كما فهم بعض الناس خطأ أن الأحرف السبعة هي القراءات السبع التي جمعها ابن مجاهد، وهو فهم غير صحيح· وتبع ابن مجاهد في ''تسبيع'' القراءات جمع غفير من العلماء منهم، أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي، المتوفى سنة 437هـ، وألف كتاب ''التبصرة في القراءات السبع''، وكتاب ''الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها''· وأبو عمرو عثمان بن سعيد الداني المتوفى 442هـ، وألف كتابي ''جامع البيان في القراءات السبع''، و''التيسير في القراءات السبع''، وأبو محمد القاسم الشاطبي المتوفى سنة 590هـ، ونظم ما في كتاب ''التيسير'' لأبي عمرو الداني في منظومة سماها ''جزر الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع للسبع المثاني'' وغيرهم من العلماء· والفهم الخاطئ الذي نتج عن تسبيع القراءات، وهو عدم صحة ما سواها، جعل بعض المحققين من العلماء المتأخرين يصنفون كتبا يضمنونها قراءات الأئمة الثلاثة أبي جعفر، ويعقوب، وخلف، حتى يرفعوا من أذهان الناس هذا الفهم الخاطئ· فجاء الإمام المحقق ''شمس الدين محمد الجزري'' المتوفى سنة 833هـ، فأضاف الى كتاب ''التيسير في القراءات السبع'' للإمام أبي عمرو الداني، قراءة الائمة الثلاثة أبي جعفر ويعقوب وخلف، في كتاب سماه ''تحبير التيسير'' كما نظم قراءة هؤلاء الأئمة الثلاثة في كتاب سماه ''الدرة المضية في القراءات الثلاث المرضية''· وكأنه يريد أن يرد على من يطعن في قراءة هؤلاء الأئمة، ولذلك سمى هذا النظم هذه التسمية، ومعناه أن قراءتهم صحيحة السند، ويقرأ بها كما يقرأ بقراءات الأئمة السبعة· وللإمام ابن الجزري مؤلفان آخران يجمعان القراءات العشر ''النشر في القراءات العشر'' الذي جمع فيه الطرق والروايات المختلفة لقراءات الأئمة العشرة ورواتهم، حتى أصبح أوثق مرجع في القراءات لدى الخاصة والعامة، و''طيبة النشر في القراءات العشر'' الذي نظم فيه ما جاء في كتاب ''النشر'' حتى يسهل الرجوع إليه، وعلى هذا المتن عدة شروح منها المطبوع ومنها المخطوط
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©