فاطمة عطفة (أبوظبي)
في أمسية أدبية نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي، قدمت الدكتورة أمل التلاوي أول أمس قراءة نقدية لرواية الكاتب الإماراتي سعيد الحنكي: «تربيع أول»، والعنوان يشير إلى الطور الأول من أطوار القمر الأربعة، وهو من وحي اسم البطل «راشد بن هلال» – كما تشير د. التلاوي في قراءتها، منذ البداية، إلى عناصر المشهد الروائي من مكان وزمان، مقتبسة قول الراوي: «بعد سنين مرت على آخر صرير للمفصلات المتيبسة على عارضتي الباب الخشبي المتهالك». وبهذه الجملة يعبر الكاتب برمزية عن عودة راشد إلى بيت أهله بعد سنين طويلة من الغياب، مستعيداً في ذاكرته أدق التفاصيل، من جذع الشجرة الذي اصطدم به في صحن الدار، إلى عرس أخته (عذبة) ثم وفاتها، مروراً بذكرى الجدة.
وتستعرض د. التلاوي العديد من صور الذكريات التي تخطر في ذهن البطل وهو يتأمل ما تبقى له من أطلال داره في قرية «المعيريض»، وخاصة أنه لم يرجع لإحياء تلك الذكريات والاستغراق في ومعايشة أطيافها، لكنه عاد على أمل أن يكون له مشروعه بأن يقوم بتصنيع الزوارق الخشبية التقليدية وتطويرها، والبطل ليس شخصية عادية لكنه أستاذ جامعي وله مركزه المهني المتميز في إحدى الشركات، أي أن وضعه مستقر في حياته وعمله، لكنه آثر أن يستقيل ليعود إلى مهنة الأجداد وإحياء صناعتها، وهذه إشارة رمزية جميلة وذكية إلى أهمية التراث وضرورة إحياء صناعاته التقليدية. لكن الزمن تغير، وهذا الحلم الطموح سرعان ما يصطدم بالواقع من خلال رقعة بيضاء صغيرة على الجدار تبين له أن الحكومة أصدرت قراراً باستملاك الدار، بعد ذلك الغياب الطويل.
ويوازن الكاتب في رصد الزمن والأحداث بين الماضي والحاضر، فزمن الغياب وصور الذكريات المستخلصة من تأمل مفردات المكان وما جرى فيه من وقائع ومن عاش فيه من أشخاص، هذا الزمن الغابر يبدو طويلاً جداً بالمقارنة مع زمن اللحظة الراهنة، زمن استدعاء تلك الذكريات وهو بين العصر والمغرب، أي أنه في ساعات محدودة، وهذه ميزة فنية تعبر عن مهارة الكاتب.
وكانت الزميلة نجاة الفارس قدمت الدكتورة أمل التلاوي في بداية الأمسية.. وتقع الرواية في 125 صفحة، وهي صادرة عن دار «مداد» الإماراتية، يشار إلى أن سعيد الحنكي كاتب إماراتي وعضو في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، يحمل درجة الماجستير في إدارة الجودة، يكتب القصة القصيرة والمسرحية، إضافة إلى الرواية.
عدد اليوم
