الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اختلاف اللهجات

اختلاف اللهجات
29 يناير 2009 23:35
كان العرب يبدلون بالهمزة في أول الكلمة عينا فيقال (عِنّ) بدلاً من (إِنّ) وهي لهجة تميم، ومثل جعل كاف الخطاب للأنثى شينا وهي لهجة ربيعة وهي الكثيرة في الخليج، ومثل نطق القاف كافا وهي لهجة بني الحارث بن كعب· وجميل في ذلك ما جاء في المحاسن والمساوئ وجمع الجواهر أن الخليفة العباسي المأمون خرج في قافلة صيد فابتعد عن حاشيته في مطاردة صيد لم يظفر به· ووقف ينتظر الحاشية فمر به أعرابي فسلم عليه فقال له المأمون: ما أقدمك يا أعرابي؟ قال: الرجاء لهذا الخليفة وقد قلت أبياتا أستمطر بها فضله، فقال المأمون: أنشدنيها· قال: يا ركيك، أو يحسن أن أنشدك ما أنشد الملوك؟ قال: إن الخليفة منيع الأبواب، شديد الحراس ولن تستطيع الوصول إليه ولكن هل لك أن تنحلنيها وهذه ألف دينار خذها ودعني أتوسل لعلي أتوصل· قال: قد رضيت· بيد أن الحاشية أقبلت ونادوا الخليفة بلقبه، فارتبك الأعرابي لما قاله للخليفة وهو يجهله· فقال له: يا أمير المؤمنين، أتحفظ من لهجات العرب شيئاً؟ قال نعم· قال فمن يجعلون القاف كافا؟ قال: بنو الحارث بن كعب· قال الأعرابي: عليهم لعنة الله لن أعود لهذه اللهجة أبدا· فضحك المأمون وفهم حسن تخلصه وأمر له بألف دينار غير الألف الأولى! رأس سيحترق روى صاحب المحاسن والمساوئ عن الأصمعي أن الخليفة العباسي محمد الأمين بن الرشيد كان قد غضب على أبي نواس لأمر ما فأمر بوضعه في السجن، فأراد أن يبعث له بشعر فلم يستطع، وبعد شهر رأى خادما للخليفة جاء السجن لأمر أرسله فيه أحد المسؤولين، وكان قد حلق رأسه فليس فيه شعرة واحدة، فانتهز أبونواس فرصة فقال له: هل لك في خمسمائة دينار أدفعها إليك على أن أكتب على رأسك بيتين وتمر بهما بين يدي الأمين، فأغرته الدنانير فقبل، فتناول الدواة والريشة وكتب: مضى لي شهر مذ حبست كأنني فديتك- قد أذنبــت ما ليس يغفر فإن كنت لم أذنب ففيم حبسـتني وإن كان لي ذنـــب فعفــــوك أكـبر ثم كتب أسفلهما إذا قرأت كتابي هذا فاحرق القرطاس! فلما مضى الخادم ودخل على الأمين ورأى كتابة على رأسه عجب وسأله فأخبره الخبر فقرأ البيتين وما أسفلهما لم يتمالك نفسه من الضحك، وقال: لله دره! ما سبقه أحد إلى مثل هذا ثم أمر بإخلاء سبيله وأحسن إليه· ثقافة روي أن الخليفة العباسي عبدالله المأمون كان في مجلسه ومعه بعض الأدباء فتفرع بهم الحديث عن الشعر والشعراء، فتساءلوا ما أعظم بيت قيل في الرثاء وما أعظم بيت في المديح إلى غير ذلك، فقال لهم المأمون أنتم فضلتم في الرثاء شاعراً وفي المديح شاعراً ثانياً وهكذا، فأين أنتم من شاعر وأحد بلغ الذروة في كل هذه الأغراض؟ قالوا ومن هو يا أمير المؤمنين؟ قال: مسلم بن الوليد، فبيته في الرثاء: أرادوا ليخفوا قـبره عن عـــدوه فطيب تراب القبر دل على القبر كما قال يمدح رجلاً شجاعاً: يجود بالنفس إذ ضن الجواد بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود وهجا رجلا فجمع هجاء المنظر وهجاء المخبر في بيت واحد وأجاد: قبحت مناظره فلمـــا خبرتـــه حسنت مناظره لقبح المخبر وتغزل فقال مخاطباً قلبه: هوى يجـد وحبيـــب يلعــــب أنــت لقـــى بينهـــــما معـــــذب جنون أم ذكاء ؟ روى أبو الفرج بن الجوزي في أخبار الظراف أن بهلول المجنون مرّ يوماً فرأى خلقاً يقفون أمام محل تجاري نَقَبَه بعض اللصوص وسرقوا ما فيه، فقال لهم بهلول: هل أمسكتم بالجناة؟ قالوا: لا· قال: هل تعرفونهم؟ قالوا: لا قال: فإني أعرفهم! فمال بعضهم على بعض فقالوا: إنه مجنون، ولو رآه الجناة وهم يرتكبون فعلتهم لم يكترثوا به، فعليكم باللين معه، لعله يخبرنا بهم· فقالوا له: من هم الجناة يا بهلول؟ قال: إني جائع ولا أحسن التذكّر وأنا جائع· فجاءوا له بطعام عظيم وحلواء فلما أكل وفرغ من طعامه، قالوا له: حقاً تعرف من هم الجناة يا بهلول؟ قال: نعم ولا ريب· قالوا وقد ملأ البشر قلوبهم: ومن هم؟ قال: هم اللصوص!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©