تعكف ألمانيا على دراسة إنشاء احتياطي استراتيجي للغاز من أجل تحصين نفسها من أي انقطاع في الإمدادات في إشارة للمخاوف المتنامية في برلين من اعتماد الدولة المكثف على الطاقة الروسية·
ويذكر أن ألمانيا تعتمد على روسيا في استيراد أكثر من 40 في المائة من احتياجاتها، ولكن بخلاف ما هو عليه الحال بالنسبة للنفط، فإن الدولة ليس لديها حالياً احتياطي للغاز الطبيعي، بحيث يوفر لها الإسناد الكافي في حال انقطاع الإمدادات·
وتزعم شركات الطاقة أن العقود الآجلة الممتدة الى مواعيد بعيدة باتت تعني أن هذا النظام الذي يتعلق بأمن الطاقة لا يعتبر ضرورياً، إلا أن الحكومة فيما يبدو لم تقتنع بهذه الفكرة·
ويقول مايكل جلوز وزير الاقتصاد الألماني ''إن النزاع الذي اندلع مؤخراً في جورجيا أظهر بوضوح أنه لا يمكن أن نسمح لأنفسنا أن نستمر في الاعتماد على طرف واحد فيما يتعلق باستيراد الغاز''·
وهنالك وثيقة خاصة بوزارة الاقتصاد الداخلي حصلت عليها صحيفة الفاينانشيال تايمز تشير إلى أن الوزارة في طريقها لإجراء تحاليل لفوائد التكلفة وسط مخاوف من أن المشروع سوف يؤدي الى ارتفاع أسعار الغاز، كما تخطط الوزارة لإجراء محادثات مع شركات الطاقة والشركاء العالميين قبل المضي قدماً في المشروع، كما تقول الوثيقة· ووفقاً للدراسة أخرى أجرتها جمعية التجارة الخارجية في الطاقة والنفط فإن تخزين إمدادات الغاز لفترة 90 يوماً سوف يكلف مبلغاً بحوالى ملياري يورو (2,9 مليار دولار) سنوياً· ويشار الى أن ألمانيا تواجه فجوة محتملة في الطاقة بسبب قرار كانت قد اتخذته في عام 2002 يهدف الى التخلص تدريجياً من محطاتها النووية الباقية وعددها 17 محطة· لذا وكما تقول كلوديا كيمفيرت خبيرة الطاقة في معهد دي آي دبليو للاقتصاد في برلين يجب على ألمانيا أن تحذر من أن تصبح معتمدة بالكامل على مصدر واحد للطاقة مثل روسيا في ظل إمكانية حدوث اختلافات سياسية ·
وإلى ذلك، فقد أصبح من الممكن أن تزداد واردات الغاز الطبيعي من روسيا عندما يبدأ خط أنابيب نورث ستريم الذي سيربط روسيا بألمانيا ضخ المزيد من الإمدادات في عام ·2011
والغريب أن الحكومة الألمانية تعتبر خط الأنابيب جزءاً من استراتيجيتها الخاصة بالتنوع نسبة لأن الخط سوف يربط ما بين الدولتين تحت مياه بحر البلطيق متجاوزاً النزاع وعدم الاستقرار الجيوسياسي السائد في منطقة القوقاز·
علماً بأن هذا المشروع أصبح مثيراً للجدل لأسباب أقلها أن رئيس مجلس الإدارة غير التنفيذي لمشروع خط أنابيب نورث ستريم هو جيرهارد شرودر المستشار الألماني السابق الذي كان قد ساعد في الترويج لخط الأنابيب أثناء تسلمه مقاليد السلطة·
ولطالما حاولت شركات الطاقة الألمانية النأي بأنفسها عن الانتقادات العنيفة الموجهة الى روسيا· فقد ذكر الفرع الخاص بالغاز في شركة ئيون أن المقترحات الخاصة بالاحتياطي الاستراتيجي سوف تصبح عبئاً على جموع المستهلكين، بينما قال دولف بيرنوتات المدير التنفيذي لشركة ئيون إن روسيا ظلت تقوم بتوصيل الغاز بمصداقية كاملة في الماضي وسوف تفعل ذلك في المستقبل أيضاً، إلا أن المسؤولين الحكوميين عزموا الأمر على البحث عن دول أخرى غنية بالموارد من أجل إبرام اتفاقيات معها في مجال الطاقة، بحيث تؤدي الى تنويع مصادر الإمدادات الألمانية·
وضمن هذا الإطار فقد قام مايكل جلوز وزير الاقتصاد الألماني مؤخراً بزيارة الى أكبر محطة في أوروبا لتسييل الغاز الطبيعي في النرويج، الدولة التي تساهم أصلاً بتصدير أكثر من 30 في المائة من واردات ألمانيا من الغاز الطبيعي والتي يعتبرها المحللون الشريك الذي يمكن الاعتماد عليه أكثر من روسيا·
عن ''فاينانشيال تايمز''
عدد اليوم
