الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هادريان ريلاند يصحح صورة الإسلام في الغرب

هادريان ريلاند يصحح صورة الإسلام في الغرب
20 سبتمبر 2008 00:27
يعد المستشرق الهولندي هادريان ريلاند من أوائل المستشرقين الذين حاولوا تصحيح الصورة والمعلومات المشوهة عن الإسلام في الغرب، فقد فند في الجزء الثاني من كتابه ''الديانة المحمدية''، الذي وضعه باللاتينية عام 1705م، بعض الآراء الباطلة التي كانت منتشرة في أوروبا في ذلك الوقت عن الإسلام والقرآن والسنة المحمدية· وحاول تصحيحها استنادا إلى القرآن والسنة ومؤلفات المسلمين ليكون بذلك أول أوروبي يحاول تبرئة الإسلام من التهم الباطلة التي اخترعها الكتاب الأوروبيون من رجال الدين والمبشرين والتي شوهوا بها حقيقة الإسلام عن قصد· وتلقى ريلاند المولود ( 1676م -1718م) تعليمه الأولي في أمستردام ثم التحق بجامعة أوتريشت عام 1693م وحصل منها على درجة الدكتوراه وانتقل منها إلى مدينة ليدن للعمل أستاذا للفلسفة بجامعة هارديرويك عام 1699م، ثم اتجه بعد ذلك وبداية من عام 1701 إلى تدريس اللغات الشرقية بنفس الجامعة· ومن أهم مؤلفات ريلاند التي تناول فيها الإسلام كتابه ''الديانة المحمدية'' والذي وضعه باللاتينية عام 1705م في جزءين تناول القسم الأول العقيدة الإسلامية اعتمادا على مخطوط عربي قام ريلاند بترجمته إلى اللاتينية ليقدم ريلاند بهذا أول عرض أمين للعقيدة الإسلامية كما يفهمها المسلمون· وعالج ريلاند كل فرية وتهمة التصقت بالإسلام بالنقد والتحليل وتوضيح من كان أول من قالها من المسيحيين سواء كانوا مسيحيين شرقيين عاشوا في رعاية الإسلام مثل يوحنا الدمشقي أو مسيحيين غربيين· ولم يكتف ريلاند بمؤلفه هذا عن الإسلام فأفرد للإسلام جانبا كبيرا ومساحة واسعة من دراساته حيث وضع بحثا عن ''القانون الحربي عند المسلمين'' 1708م وبحثا عما اسماه ''الجواهر العربية'' 1708م، كما حقق كتاب ''تعليم المتعلم'' لبرهان الدين الزرنوجي وترجمه إلى اللاتينية، واهتم أيضا بالنقوش والنقود التي عثر عليها في فلسطين وكتب في هذا الموضوع كتابا بعنوان ''فلسطين موضحة بحسب الآثار القديمة'' 1714م· وبالرجوع إلى كتاب ريلاند الأشهر ''الديانة المحمدية'' نجد أن هذا الكتاب أثار وفقا لكتابات الباحثين والمؤرخين حول الاستشراق والمستشرقين، ومنهم الفيلسوف عبدالرحمن بدوي والكاتب إدوارد سعيد، اهتماما عظيما لدرجة أدت إلى اتهام مؤلفه بأنه يريد القيام بعمل دعائي في صالح الإسلام في حين أنه لم يكن يقصد إلا الوصول إلى فهم الدين الإسلامي فهما صحيحا وهو ما دفع الفئات المسيحية المتشددة إلى محاربته بشكل شديد وصلت لدرجة إدراج الكنيسة الكاثوليكية للكتاب في قائمة الكتب المحرم تداولها· وعلى الرغم من ذلك الهجوم الشديد الذي انصب على الكتاب فإن ذلك لم يمنع ترجمة الكتاب إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والهولندية والإسبانية لتتسع أهمية الكتاب وتزداد حوله الآراء الجدلية· ويشير ريلاند في مقدمة الكتاب إلى ما تتعرض له كل الأديان باستمرار من جانب خصومها، إما بعدم فهمها أو برميها بكل سوء بطريقة تنبىء عن قصد خبيث وهو ما تعرض له الإسلام من جانب خصومه مثلما تعرضت الأديان الأخرى· ويمضي ريلاند في هذا السياق قائلا ''إن المرء يصح له حقا أن يبحث عن الحقيقة حيثما كانت''، ولهذا عمد ريلاند إلى عرض الإسلام لا كما يظهر من خلال منظور الجهل به والحقد وكراهية الغرب له وإنما كما يدرس حقيقة في مساجد المسلمين ومدارسهم حيث رأى ريلاند أنه لم يحدث أن تعرض دين من الأديان في هذا العالم وفي أي عصر من العصور إلى مثل ما تعرض له الإسلام من الاحتقار والتشويه والوصف بكل أوصاف السوء· ويقول ريلاند في هذا المنحى ''وقد وصل الأمر إلى حد أن من يريد أن يصف نظرية من النظريات بوصف مشين يصفها بأنها نظرية محمدية·· كما لو كان الأمر أنه لا يوجد في تعاليم محمد شيء صحيح وأن كل ما فيها فاسد، وإذا أبدى أحد رغبة صادقة في التعرف على الإسلام لا تقدم له إلا الكتب المضادة الخبيثة والمليئة بالضلالات''· ومن هنا يرى ريلاند أن الوسيلة الصحيحة للتعرف على حقيقة الإسلام هي بتعلم اللغة العربية والتعامل المباشر مع الإسلام حيث يقول ''ينبغي على المرء بدلا من ذلك أن يتعلم اللغة العربية وأن يسمع محمدا نفسه وهو يتحدث في لغته، كما ينبغي على المرء أن يقتني الكتب العربية وأن يرى بعينيه هو وليس بعيون الآخرين، وحينئذ سيتضح له أن المسلمين ليسوا مجانين كما نظن·· فقد أعطى الله العقل لكل الناس، وقد كان في رأيي دائما أن ذلك الدين الذي انتشر انتشارا بعيدا في آسيا وإفريقيا وفي أوروبا أيضا ليس دينا ماجنا أو دينا سخيفا كما يتخيل كثير من المسيحيين''· ومع هذه النظرة الإيجابية للإسلام وفقا لما حواه كتاب ريلاند ''الديانة المحمدية'' فيبدو أن ما تعرض له ريلاند من ضغوط وهجوم دفع به إلى قول بعض الأشياء السلبية عن الإسلام تناقض ما أبرزه سابقا من نواح إيجابية مثل تلك الفقرة التي قال فيها ريلاند'' صحيح أن الدين الإسلامي دين ضار بالمسيحية إلى حد بعيد، ولكن أليس من حق المرء لهذا السبب أن يبحثه، ألا ينبغي للمرء أن يكتشف أعماق الشيطان وحيله إن أراد الانتصار عليه، إن الأحرى هو أن يسعى المرء للتعرف على الإسلام في حقيقته لكي يحاربه بطريقة أكثر أمانا وأشد قوة''· وبالرغم مما حوته تلك الفقرة من هجوم صريح على الإسلام من جانب ريلاند فإن ذلك لم ينجه من عقاب الكنيسة وبطشها فيبدو أنها رأت في هذا الجزء مبررات يسوقها ريلاند لتبرير تأليفه لهذا الكتاب مما دفعها إلى تحريم تداول الكتاب لخوفها من إظهار بعض الجوانب الحقيقية التي يتصف بها الإسلام إلى عموم الناس في أوروبا· ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©