الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوقف صدقة جارية

الوقف صدقة جارية
20 سبتمبر 2008 00:28
يعد الوقف من أوعية البر والإحسان والصدقة الجارية· ويحقق فوائد عظيمة في تنمية المجتمع، فمن الناحية الثقافية يدعم المؤسسات التعليمية كالمدارس والكليات والجامعات ونشر التراث والعلوم الأخرى· إنسانيا يقدم رعاية للفقراء والمساكين والأرامل وأبناء السبيل· اقتصادياَ يساهم في الحركة الاقتصادية والاستثمارية لأعيان الوقف وتشغيل الأيدي العاملة والموظفين· خدمياً يساهم في بناء المساجد والمستشفيات والمرافق الحيوية الأخرى· لقد أمر الله بالتكامل والتنافس في فعل الخيرات، والادخار عند الله من الباقيات الصالحات التي تجعل من الفرد مستثمرا حقيقة للدار الآخرة فيبذل بسخاء من أمواله في وجوه الخير متخيرا أنفسها ليبقى صدقة جارية في مجتمعه فيعم نفعه ويكثر ثوابه· وكانت الأوقاف (الصدقة الجارية) والتجارة التي لا تبور والمجال الحافل بعظيم الأجور، حيث الصدقة التي لا ينقطع ثوابها، رغبة من الواقفين في تثقيل موازينهم من جهة، وتخليدا لمآثرهم الصالحة حتى تسير الأجيال على خطاهم ويتواصل نهر العطاء في الناس، ولذا ترجموا الاستجابة لأمر مولاهم حيث قال: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، فالذين آمنوا وأنفقوا لهم أجر كبير)· وقد امتدح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كل من تصدق فترك (علما نشره ، أو ولدا صالحا تركه، أو مصحا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لأبناء السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من موته)· وقد كانت مثل هذه النصوص حافزا للناس على مر العصور لكي يخصصوا من أموالهم لبناء مؤسسات وقفية خيرية نافعة بل لم يكن أحد من أصحاب رسول الله ذي مقدرة مالية إلا وقف، اقتداء برسول الله الذي كان أول الواقفين، لذلك حرص أغلب الأثرياء على وقف بعض أموالهم من العقارات أو المنقولات، لينفق منها على جهات الخير والقربات· كما كان للوقف دوره الجليل في خدمة ورعاية العلم وطلابه وحفظ كرامة العلماء، واحتضان المؤسسات الحضارية والإنسانية كالمساجد ودور العلم، ومواساة الفقراء، ورفع العوز والحاجة عن كثير من شرائح المجتمع· بل إن الطيور في السماء والحيوانات الضالة، والبهائم الهزيلة والمتقاعدة عن العمل كان لها نصيب من ريع الأوقاف عبر التاريخ· وفي أيام الفتن والهزات والكوارث الطبيعية، حافظ الوقف على الهيكل العام للمجتمع، وبنيته الأساسية وهويته الوطنية، وحال دون ذوبانها امام الهزات العنيفة والمحن· ولولا أموال الوقف، لانصهر كثير من فئات المجتمع في بوتقة الظروف الصعبة فكانت أموال الوقف أقوى الحصون التي يلوذ بها الناس، وهي كفيلة برعاية مجتمعات بأسرها من خلال مواردها التي لا تتضب، والتي ابتغاها القائمون عليها لمثل هذه التحديات لقد كانت البداية المباركة لإنشاء الوقف· يوم قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة المنورة، وليس فيها ماء يستعذب غير بئر رومه، فقال من يشتري بئر رومه فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة ؟ فاشتراها عثمان بن عفان من ماله وتصدق بها على السابلة ،أي المارة، كما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد وقف سبعة حوائط (بساتين) في السنة الثالثة للهجرة· ولئن كان معنى التنمية الحقيقية ـ كما يقول أهل الاختصاص ـ استثمار كل ما يمكن استثماره في البيئة التي يعيش فيها الإنسان، للوصول إلى رفع مستواه اقتصاديا وصحياَ وثقافيا واجتماعيا إلى أقصى الدرجات الممكنة· فإن هذه هي الرسالة الحقيقية للوقف على مر العصور، وما علينا اليوم سوى أن نواصل مسيرة هذه الرسالة. المدير العام للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©