الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأسواق الناشئة تدشن عصراً جديداً خلال الأزمة المالية العالمية

الأسواق الناشئة تدشن عصراً جديداً خلال الأزمة المالية العالمية
5 ديسمبر 2009 23:40
يتوقف مستقبل الموارد المالية والنشاط المالي العالميين على مستقبل الأسواق الصاعدة، لا يعرف هذه الحقيقة المستثمرون فقط، بل توصل السياسيون إليها خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة. ويرى أي مراقب هذا الواقع الجديد بالنظر إلى مجموعة العشرين، التي تضم مجموعة الدول الصناعية السبع بالإضافة إلى الصين والبرازيل والهند والسعودية وغيرها، التي نشأت كمجموعة غير ذات نفوذ. وفي عام 2003 أخفقت قمة مجموعة العشرين في جذب أكثر من 12 مراسلاً أجنبياً، أما الآن وعقب قمتي لندن وبيتسبيرج هناك اعتراف رسمي بأن مجموعة العشرين وليس مجموعة السبع (أو مجموعة الثماني عقب انضمام روسيا لها) هي المنتدى الرئيسي لصنع القرارات الاقتصادية العالمية. فقد اقر السياسيون بالواقع الجديد، فاليوم أي اجتماع اقتصادي عالمي غائبة عنه الصين لن يكون ذا جدوى، والعلاقة بين الولايات المتحدة - أكبر اقتصاد في العالم - والصين (التي تحقق نمواً اقتصادياً أكبر كثيراً من أي دولة أخرى)- أصبحت من الأهمية لدرجة أن البعض يشير إلى أن مجموعة الاثنين - أميركا والصين - هي المجموعة الوحيدة المؤثرة والفاعلة. ومنذ اندلاع الأزمة المالية انقسم العالم إلى قطبين: الولايات المتحدة والصين. وجدير بالذكر هنا أن الدول المنفتحة على الصين مثل كوريا الجنوبية وتايوان ودول أميركا الجنوبية، هي التي أخذت بيد العالم وقادته إلى الخروج من الركود، أما تلك الدول الأكثر ارتباطاً بالولايات المتحدة مثل المكسيك أو بريطانيا تباطأ تعافيها عن باقي العالم. وربما لم يكن يتسن للعالم الخروج من الأزمة خلال العام الحالي، بدون إشادة ومرونة الصين والدول الصاعدة. وقبل عام، حين سحب مستثمرون غربيون خائفون أموالهم من الأسواق الصاعدة، سرعان ما أعلنت شركات من كوريا الجنوبية إلي المكسيك إفلاسها وانهارت عملات هذه الدول وارتفع سعر ديونها ارتفاعاً شديداً، وبدا حتمياً تكرار أزمة الأسواق الناشئة التي وقعت في تسعينات القرن الماضي، وبدا أن تطورات الأزمة ستصل إلى عجز الحكومات ذاتها عن الإيفاء بالديون الأمر الذي نقل الأزمة المالية العالمية إلى مستوى جديد. ولكن قامت الصين بإطلاق خطة تحفيزها قبل أي دولة أخرى، وسجلت ديون الأسواق الصاعدة وسنداتها أدنى حد لها قبل فئات الأصول الأخرى بأشهر ثم بدأت في التعافي. ويقول انطوان فان اجتميل أول من ابتكر (بصفته أحد مسؤولي البنك الدولي) مصطلح الأسواق الصاعدة أو الناشئة “تزداد خطورة الأوبئة إذا كان الجهاز المناعي ضعيفاً. ولكن يمكن تخفيف آثار الأوبئة إن كان الجهاز المناعي جيداً. وللأسواق الصاعدة نظم مناعة أفضل مما يعتقد معظم الناس”. ويضيف أن “هذه الأسواق لديها احتياطيات ولديها ودائع ولم يكن على مستهلكيها ديون تذكر، وكانت مراقبة بنوكها جيدة إلى حد كبير، وكانت قد استفادت من دروس عامي 1994 و”1998. ولم تعد الأسواق الصاعدة الضحايا السلبية لحماقات المستثمرين الدوليين في هذه الدورة وبالتالي فهي أنقذت باقي العالم. وهذا يدعو إلى الشك في الأساس الذي راهن المستثمرون عليه به، ومثلما تستحق الأسواق الصاعدة الكبرى مقعداً حول طاولة مجموعة السبع ربما يلزم معاملة أسهمها وسنداتها في مستوى الأسواق المتقدمة، وربما يحتاج العالم تعريفاً عن الأسواق الصاعدة يكون أكثر تنوعاً. وفي الوقت الراهن تتدفق الاستثمارات إلى الأسواق الصاعدة من خلال صناديق موزعة على مجموعة من الدول. وفي السنوات التي انتهت بالأزمة المالية كان الاستثمار في الأسواق الصاعدة رهاناً على العالم المتقدم. فإذا كان أداء سندات العالم المتقدم جيداً فالعالم الصاعد كان أداؤه أفضل، ولكن إذا انهار أداء العالم المتقدم انهياراً سريعاً وهو ما حدث كان أداء الأسواق الصاعدة أسوأ، وهذا التدفق المالي بلا تفريق في الأسواق ومما نجم عنه بعض المشاكل. فالأداء منذ خفت حدة الأزمة متشابه إلى حد كبير ما دفع بالبرازيل إلى اللجوء إلى ضوابط مالية للحد من التدفقات في سوقها، إذاً يبدو أنه ينبغي على باقي العالم إعادة النظر في طريقة استثماره في الأسواق الصاعدة. ومع ذلك بالنسبة للأسواق الصاعدة ذاتها تظل هناك مسائل خطيرة حول مرحلة تطورها التالي. المسألة الأولى هي إن كان العالم قادراً فعلاً على السماح لها بالنمو إلى الدرجة التي تطمح إليها. فماذا سيحدث مثلاً إذا تقلص المعروض من السلع الأساسية؟ إن ذلك سيعني ببساطة استحالة إمداد هذه الدول الصاعدة بالغذاء والوقود والمواد الأولية الأخرى اللازمة وهو ما قد يؤدي إلى استشراء التضخم وإلى قلاقل اجتماعية في العالم الصاعد.بالإضافة إلي أن هناك شكوكا حول الصين، ذلك أنها تعافت بفضل فائض نقدي بلغ من الشدة درجة أن أطلق عليه فقاعة ائتمانية متعمدة، فهل كان يمكن لها أن تتحرك دون أزمة من نوع ما؟ وإذا اضطرت الصين إلى إيقاف النمو فماذا سيكون رد فعل شعبها؟ وكيف ستحل الصين المسائل المتعلقة بعملتها التي ارتبطت بالدولار منذ يوليو الماضي الأمر الذي يجعل الصين أكثر قدرة على المنافسة كلما انخفض سعر الدولار؟ هناك مجموعة ثالثة من المخاوف تتعلق بالعولمة ذاتها، فإجراءات التعامل مع الأزمة المالية يمكن أن تؤثر تأثيراً كبيراً على التجارة. من هذه التأثيرات توجه الدول الصاعدة إلى إيقاف استثمار صناديق التقاعد بها في الخارج وتقييد حصول الشركات على حزم إنقاذ من خلال الاستثمار خارج دولها والانسحاب الذي قد يحدث بسبب قيام الدول المتقدمة بزيادة اصدار سنداتها من أجل سد عجز موازنتها ما يصعب على الآخرين جمع التمويلات وهي جميعاً قوى تبعد العالم عن النظام المالي الراهن، وأخيراً ما هو رد فعل الغرب لو بدأت الصين شراء شركاتها؟ وهذه طريقة منطقية بالنسبة للصين لتنفق رصيدها الهائل من العملة الصعبة - وهو منطق الرأسمالية في أنها يتعين عليها فعل ذلك. لقد أجابت الأسواق الصاعدة العام الماضي على سؤال مهم متعلق بتطورها، والمسألة الآن هي إن كانت الدول المتقدمة قادرة على التعايش مع المرحلة القادمة من صعود الأسواق الناشئة. عن “فايننشيال تايمز
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©