الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السلطة في زيمبابوي والبحث عن أمل

السلطة في زيمبابوي والبحث عن أمل
20 سبتمبر 2008 00:44
بعد ثلاثة عقود تقريباً قضاها على رأس السلطة أصبح للرئيس ''روبرت موجابي'' شريك رسمي يقتسم معه بعض الصلاحيات، لكن السؤال الذي يُطرح اليوم بحدة هو، إلى أي حد سيسمح موجابي باقتسام السلطة مع ''مورجان تشانجراي''، غريمه السابق الذي سجن، وتعرض للضرب والتعذيب على يد قوات الأمن؟ فبعد مرور ستة أشهر على الاضطرابات التي اجتاحت زيمبابوي وتفشي أعمال العنف على نطاق واسع، توصل الحزبان الرئيسيان إلى اتفاق لاقتسام السلطة يوم الاثنين الماضي بالعاصمة هراري، ويتيح الاتفاق فرصة الخروج من الأزمة الطاحنة التي عصفت بهذا البلد الواقع جنوب أفريقيا وجعلته منبوذاً من قبل الدول الغربية· وفيما يبقي الاتفاق بشكل واضح الجزء الأكبر السلطة في يد ''موجابي'' باعتباره رئيساً للدولة ومتحمكاً في الجيش وأجهزة الاستخبارات، لكنه أيضاً يقلص ولأول مرة من السيطرة التي مارسها حزب ''زانو-بي·إف'' ولربما مهد الطريق أيضاً أمام تنحي ''موجابي'' عن السلطة وتخليه عن الرئاسة؛ ويعبر عن هذه التطورات الجديدة التي تشهدها زيمبابوي ''روي بينيت'' -أمين الخزينة في حزب حركة التغيير الديمقراطي الذي يعيش في المنفى بجوهانسبورج- قائلا: ''الطريق الأفضل هو الانتظار، فالشيطان كما هو معروف يكمن في التفاصيل، والأهم الآن هو التطبيق، إذ لا نعرف على وجه التحديد كيف سينفذ الاتفاق على أرض الواقع''· وتلقى الزيمبابويون سواء في الداخل، أو الخارج نبأ الاتفاق على اقتسام السلطة بنوع من الارتياح المشوب بالترقب، بحيث من المتوقع أن يشرع بعض اللاجئين الزيمبابويين في جنوب أفريقيا والبالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين نسمة في العودة إلى بلادهم بعد انتهاء الأزمة السياسية؛ لكن العديد منهم أيضاً ما زال يذكر حملة العنف والترويع التي شنها ''موجابي'' ومؤيدوه ضد رموز المعارضة الذين يتعين عليهم اليوم العمل جنباً إلى جنب وطي صفحة الماضي؛ كما أن الاقتصاد المتدهور في البــــلاد بنسبــــة تضخم فلكيــــة بغلـــت 11 مليون في المائة ستدفع العديد من اللاجئين إلى التفكير ملياً قبل اتخـــاذ القرار بالعودة· لكن مجرد التوقيع على اتفاق سياسي بين الأطراف المتصارعة يمنح فسحة من الوقت للتوصل إلى حلول على المدى البعيد، ولانخراط المؤسسات الدولية في إعادة إعمار البلاد بعد التدهور الكبير في الاقتصاد الذي أصابها وشارفت معه على الإفلاس والانهيار، وبموجب الاتفاق سيبقى ''موجابي'' رئيساً للبلاد ولمجلس الوزراء، فضلاً عن قيادته للجيش وأجهزة الاستخبارات، فيما سيتولى ''تشانجراي'' رئاسة الحكومة، كما سيرأس مجلساً رقابياً يشرف على المجلس الوزاري، وسيحصل حزب ''موجابي'' على 15 منصباً وزراياً مقابل 13 لحزب حركة التغيير الديمقراطي فيما ستحصل جماعة صغيرة انفصلت عن تسفانجيراي على ثلاثة أصوات· وبمقتضى الاتفاق، سيحتفظ ''موجابي'' بصلاحياته السابقة مثل ''العفو عن السجناء والتخفيف من العقوبة، أو تعليق قرارات العفو بإيعاز من الحكومة''، وهو يستطيع أيضاً وفقاً للدستور ''إعلان الحرب والسلام''، وجاء هذا الاتفاق بعد جولتين من الانتخابات العاصفة نظمت في شهر مارس الماضي وفاز خلالها حزب ''تشانجراي'' بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية، لكن دون أن يتجاوز نسبة 50 بالمائة التي تجنبه ضرورة خوض جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس ''موجابي''؛ هذا الأخير الذي فاز في الجولة الثانية بعد انسحاب ''تسفانجيراي'' احتجاجاً على أعمال العنف التي اجتاحت البلاد ووقف وراءها أفراد الجيش والشرطة لمواجهة أنصاره، وربما بسبب الجو المتوتر بين الطرفين أبدى العديد من المراقبين قلقهم إزاء الاتفاق واحتمالات نجاحه· وفي هذا السياق يقول ''ستيفن فريدمان'' -محلل في معهد الديمقرطية بجنوب أفريقيا في جوهانسبورج- ''من الصعب نجاح اتفاق بين طرفين استخدم أحدهما العنف ضد الطرف الآخر، ونتوقع بأنهما سيتعاونان مع بعضهما البعض''، ويزعم حزب التغيير الديمقراطي أنه ما لا يقل عن 130 شخصاً من أعضائه لاقوا حتفهم على يد الميلشيات التابعة لموجابي خلال الأشهر الستة الأخيرة، ويتابع المحلل ''ستيفن فريدمان'' أن أي اتفاق حقيقي لاقتسام السلطة كان عليه أن يتولى أمر الجيش، بالإضافة إلى تعاملاته المالية وسيطرته على الموارد في زمبابوي، قائلا: ''في اعتقادي أن الجنرالات على يقين من أن تسفانجيراي لن يمارس سلطة حقيقة تهدد امتيازاتهم، وهم لن يسحموا له بذلك على كل حال''· وفي خطاب ألقاه ''تشانجراي''' يوم الاثنين الماضي بعد التوقيـــع على الاتفاق قال: ''إن العالم مملـــوء بأمثلة عما يحدث عندما يكون الدافع هو التركيز على أخطاء الماضي بدل أمجاد المستقبل، وقد اخترت الأمل كدليل ومرشد للمستقبل، فإذا انضممتم إليّ، فسنشهد معاً إعادة إحياء للأمة''، ومع ذلك يتوقع لاتفـــاق اقتســام السلطـــة فتح الطريق أمام المساعدات الأجنبية وعودة الاستثمارات التي علقت بسبب سنوات العقوبات ضد نظام ''موجابي''، كما يأتي الاتفاق في وقته ليخفف من أعباء الدول المجاورة التي اضطرت إلى استقبال آلاف النازحين طيلة العقد الأخير بسبب تردي الوضع الاقتصادي، ويدعو الاتفاق إلى رفع ''العقوبات الذكية'' التي فرضت على موجابي ورجاله من قبل الدول الغربية، فضـــلا عن دعوته إلى كتابة دستـــور جديد للبلاد تشرف على صياغتـــه لجنـــة خاصة تستدعى بعـــد شهرين من تشكيــل الحكومـــة· سكوت بالدوف- زيمبابوي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريسيتيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©