الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء يقهرن سرطان الثدي بالإيمان والعلاج الجسدي والنفسي

نساء يقهرن سرطان الثدي بالإيمان والعلاج الجسدي والنفسي
21 ابريل 2012
لا تزال حملة القافلة الوردية مستمرة تحت إلحاح بعض الهيئات والمؤسسات التي ترغب في الكشف عن المرض لدى موظفيها، إذ كان من المقرر أن تنهي القافلة الطبية عملها يوم 17 أبريل، لكنها ستستمر إلى 26 منه، وتروم الحملة التي صممت لزيادة الوعي حول سرطان الثدي، وحث السيدات على إجراء الفحوصات الذاتية، والخضوع لفحوصات طبية دورية، في جانب من جوانبها الدفع بالسيدات للكشف عن سرطان الثدي، حيث تؤكد الأرقام أن الكشف المبكر يساعد على الشفاء بنسبة كبيرة من المرض، إذ تستعيد المريضة عافيتها الصحية والنفسية، وتعتبر الإصابة بسرطان الثدي من الأمراض القاتلة في حالة تأخر العلاج، بينما تمكنت السيدات اللواتي تعالجن في وقت مبكر من الإصابة من الرجوع للحياة، وبشكل طبيعي، هذا ما جاء على لسان بعض المصابات اللواتي أكدن ضرورة الكشف المبكر من جهة، وعلى ضرورة المساندة المعنوية من جهة أخرى. (أبوظبي) - لم تكن مليكة علي، أم لثلاثة أولاد، تعرف إصابتها بمرض سرطان الثدي، إذ اكتشفت مرضها بعد أن أصبح في مراحل متقدمة شيئا ما، فتاهت بين المستشفيات لتأكيد المعلومة الصادمة بالنسبة لها ولأسرتها، نظرا لما سيترتب على ذلك، خاصة أن أولادها مازالوا محتاجين لتواجدها، وتحت إلحاح الأطباء وإقناعها بإجراء العملية خضعت لها، وتعافت تماما وهي اليوم تنعم بصحة جيدة وراحة نفسية نظرا لمؤازرتها نفسيا من طرف عائلتها وزوجها خاصة. مرض مباغت في هذا الإطار، أشارت مليكة إلى أنها لم تشعر يوما بألم في صدرها، واعتبرت المرض مباغتا لها، وكانت صدمتها كبيرة جدا حين علمت بالخبر، واعتبرت المفاجأة الكبيرة بالنسبة لها أن الطبيب أخبرها بقدم المرض في صدرها، حيث أخبرها أنه متواجد قبل أن تلد أولادها، منذ سنين عديدة، لافتة إلى أنها لو اكتشفته مبكرا لما استأصلت ثديها اليوم. وأضافت أن المرض ينقص من أنوثة المرأة كثيرا، ويؤثر على حالتها النفسية خاصة في البداية، ولكن في ظل تواجد زوج متفهم وأسرة فإن ذلك يخلق الفرق في حياة المريضة، وتابعت مليكة “أنا اليوم تعافيت والحمد لله وأتابع أمور بيتي بشكل جيد، وأمارس حياتي بشكل طبيعي تماما”. مليكة وغيرها من النساء اللواتي أصبن بهذا المرض يؤكدن على ضرورة المساندة النفسية والعاطفية، ومن جهة أخرى يشدن بدور الأهل والجمعيات التي تخفف معاناتهن مع هذا المرض، إلى ذلك تحدثت مجموعة من السيدات عن تجاربهن مع المرض واحتياجاتهن المعنوية، وفي جانب آخر تحدثت نساء عن بعض الجهات التي تتجند لمساندتهن ماديا ومعنويا. من جهتها، قالت أمينة، ربة بيت من جنسية عربية مقيمة في الإمارات، إنها عرفت بإصابتها منذ أن كان عمرها 30 عاما وكانت حينها مخطوبة، وكانت صدمة كبيرة بالنسبة لها. وأضافت “شعرت بوخز في صدري، وتكرر ذلك أكثر من مرة ما دفعني للبحث عن العلاج، فقصدت مستشفى، حيث أكدوا أن هناك إصابة خفيفة في الثدي الأيسر، لكن يجب أن أخضع لعملية صغيرة، وبعد شهرين من هذا الخبر، تفاقمت حالتي رغم أنه لم يصاحب ذلك أي آلام، رجعت للمستشفى، وقمت بإجراء عدة تحاليل مخبرية فتأكد أن العملية يجب أن تشمل استئصال الثدي برمته”. وأوضحت أمينة، التي لم ترغب في نبش الماضي والحديث عنه، مؤكدة أن ذلك يزيد من تفاقم حالتها النفسية، “علمت بإصابتي وأنا في بداية خطبتي وأتطلع لحياة جميلة، بنيت أحلاما وتصورت أولادي يلعبون أمامي ويركضون في كل جانب، لكن مع علمي بالإصابة ساءت نفسيتي، وخاصة أن هذا المرض يلمس الأنوثة إلى أبعد حد، خضعت للعلاج في مستشفى توام شهرا كاملا، وكان من الضروري متابعة العلاج فترة طويلة، أكد لي الأطباء أنني تعافيت والحمد لله”. دعم معنوي شددت أمينة أن المساندة النفسية مهمة جدا في حياة المريض. وأضافت “ساندني خطيبي الذي أصبح زوجي فيما بعد كثيرا في بداية رحلة علاجي، لم يتخل عني أبدا، بل سهر على كل احتياجاتي، وساعد في رفع معنوياتي، ولا زال يساندني إلى اليوم، وأنا ممنونة له بحياتي، شعرت أنني لست وحيدة في هذا العالم، إذ شعرت بداية أن حياتي انتهت، وخاصة أنني لازلت شابة في مقتبل العمر، حاول زوجي إرضائي بكل الطرق لتجاوز كل المحن، وما ساعدني عليه كثيرا هو أنه دلني على جمعية أصدقاء مرضى السرطان، حيث كنا بالصدفة في معرض في عجمان، وحدث أن كانت الجمعية تعرض خدماتها على الناس فتعرفنا عليها وعلى خدماتها وقدمت كل بياناتي، وبعد فترة بدأوا يتصلون بي ويعرضون علي مساعدتهم”. وأعربت أمينة عن سعادتها كونها تعرفت على الجمعية التي مدت لها يد العون من حيث العلاج والمساندة المعنوية إذ كانت توفر لها المواصلات من وإلى العين لمتابعة علاجها في مستشفى توام، كما توفر لمرضى السرطان الأدوية. وقالت أمينة “بالإضافة إلى المساندة المادية التي تقدمها لنا الجمعية فإنها تستدعينا للمشاركة في كافة الفعاليات التي تقيمها، حيث يسمح لنا ذلك بالتلاقي والتحاور وتبادل الخبرات، بالإضافة لذلك فإن الجمعية تساندنا في الجانب النفسي، حيث توفر أخصائيين نفسيين في حال طلب أحدهم ذلك”. وفي سياق آخر، قالت أمينة إنها ترغب في الإنجاب، والطبيبة المعالجة، لا تمانع وأعطتها أملا في ذلك، مشيرة إلى أن الفكرة بدأت تلح عليها خاصة أنها متزوجة منذ فترة وتساؤلات الناس تضعها في حرج. إحباط وأمل عن تجربتها مع المرض، قالت أرلين “قبل ثلاث سنوات اكتشفت أنني حامل بتوأم، وبعد شهرين من الحمل فقدت أحدهم، وفي شهري الرابع أحسست بألم شديد بثدي الأيمن فقلت إن هذا جراء تكون الحليب نتيجة الحمل، وعند زيارتي للطبيب أخبرته عن الألم الذي ينتابني بثديي الأيمن فقام بتحويلي إلى الطبيب المختص الذي قام بفحوصات مختبرية، وبعد أسبوع جاءت النتيجة إيجابية، لم أصدق الخبر بعد”. وتابعت “بعدما رأيت الدموع بعين زوجي استيقظت من صدمتي حينها سمعت الدكتور يتكلم وينصحنا بالرجوع للفلبين للعلاج وإنهاء الحمل هناك، كانت كلماته كالسكين الذي يقطع قلبي، فكيف لامرأة أن تقبل بقتل فلذة كبدها، وأنا التي فقدت طفلي قبل وقت قصير، ذهبت إلى مستشفى توام بالعين لأتأكد من نتيجة الفحوصات، فتأكدت النتيجة ونصحني الأطباء بالتداوي بالجلسات الكيميائية لأنها هي الطريقة السليم في حالتي لأحافظ على جنيني، ووعدني الطبيب بالتوقف عن العلاج الكيماوي عند اقتراب موعد الولادة، وخضعت لثلاث جلسات حيث كانت لها مضاعفات عدة منها التقيؤ وفقدان الشهية وفقدان الشعر وفقدان المناعة خلال شهر من العلاج وقبل الجلسة الأخيرة والثالثة جاء الخبر المفجع هو أنه من الممكن أن ألد طفلي قبل الأوان، حتى أن الطبيب نصحني بإجراء عملية قيصرية، وفي صباح 23 فبراير 2009 وكما كان مقررا أن أجري العملية القيصرية تقبل الله صلوات ودعواتي حيث زفت لي البشرى أنني لن أخضع للعملية لأن جميع المؤشرات تنبئ أنني سألد طفلي طبيعيا. وفي نهاية شهر نوفمبر 2009 وبعد أن أكملت الجلسة الكيميائية الخامسة جاءني الخبر السعيد من الطبيب بأنني شفيت من سرطان الثدي، الخبر الذي أرجع لي الحياة من جديد”. وتابعت “علينا التحلي بالإيمان والشجاعة وأن نقوم بفحوصات دورية لتجنب المرض”. تبادل التجارب قالت كوثر زهران سيدة في الخمسينيات إنها مصابة بأمراض أخرى بالإضافة إلى سرطان الثدي، ولفتت إلى أنها اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي فجأة قبل 10 سنوات، موضحة أن ذلك شكل لها صدمة كبيرة جدا، أما اليوم فإنها تآلفت مع المرض، لكنها باتت تشتكي من أمراض أخرى مثل السكري وتضخم في القلب وارتفاع الضغط ما أثر على نفسيتها بشكل كبير. وأضافت “تأثرت كثيرا في بداية إصابتي، وتأثرت حياتي كلها، حيث هجرني الناس ما زاد من معاناتي، رغم أن المرض غير معد، وعندما يكون الإنسان مصابا فإن العلاقات الإنسانية تلعب دورا كبيرا في الشفاء، والمساندة تساعد على تقبل المرض، خاصة بالنسبة للمرأة، فهذا المرض حساس جدا، فعندما يقطع جزء من جسمها، فنفسيا تكون المرأة منهارة”. وتابعت “بعد سنوات من العلاج تعرفت على جمعية أصدقاء مرضى السرطان التي تخفف عنا هذا المصاب، إذ تساعدنا ماديا من خلال توفير المواصلات للمستشفى، وتتكفل بشراء الأدوية، بالإضافة إلى أنها تساندنا معنويا حيث تنظم فعاليات تنخرط فيها كل العضوات، ما يشعرنا بأهميتنا، ويتيح لنا فرصة التلاقي والحديث عن نفس الحالة، فنقتسم ساعات الفرح والحزن ما يجعلنا نتقبل المرض ونتفوق عليه”. ورغم مصاب زهران فإنها أكدت أنها متفائلة بالحياة. ونصحت زهران بالكشف المبكر. وقالت إن المرض صامت، وليست له أي علامات تظهر تواجده في الجسد، لهذا يجب الكشف خاصة أن الوسائل متوفرة والسبل ميسرة، موضحة أن الكشف المبكر يساعد على العلاج ويعطي نتائج أفضل. شقا العلاج من جهتها، قالت الدكتورة سوسن الماضي، رئيس اللجنة الطبية التوعوية بحملة القافلة الوردية، وعضو في جمعية أصدقاء مرضى السرطان، إن الصحة تعني خلو الإنسان من الأمراض البدنية والنفسية، والعقلية، ولهذا فالمعالج للصحة البدنية، يجب أن يراعي هذه العناصر الثلاثة. وأضافت “في الجمعية نهتم جدا بالجانب المادي والمعنوي جنبا إلى جنب، بحيث نساعد في توفير العلاج، كما نساعد على أن يستعيد المريض عافيته النفسية، ولأجل ذلك فإننا نخلق العديد من الفعاليات التي تناسب المرضى، ورغم أن مواردنا موجهة بشكل كبير للجانب العلاجي المكلف، فإن الجمعية لم تنس الجانب النفسي لهذه الفئات، فالمعاملة الإنسانية لهذه الفئة مهم جدا ترفع من معنوياتها وترجعها للمجتمع ولحياتها الطبيعية”. وتابعت “في الجمعية نقيم عدة فعاليات ترتبط أحيانا بالاحتفالات الدينية والوطنية التي تقيمها الدولة، وأحيانا ترتبط بمناسبات كأعياد وأيام دولية مثل عيد الأمهات حيث أقمنا هذه السنة احتفالا حضرته العديد من السيدات اللواتي أتيحت لهن فرصة التلاقي والتعارف مع حالات أخرى، وتكمن الاستفادة في مثل هذه الفعاليات في تبادل الخبرات والمعلومات ونقل التجارب، بالإضافة للترفيه والتفريغ التي تساعد بشكل كبير على التعافي. وتابعت الماضي “تقدم الجمعية نوعين من الخدمات منها الخدمات العلاجية، والمتمثلة في توفير المواصلات وتقديم المعونات الغذائية وتوفير الأدوية، والمساعدة في إجراء الفحوصات المكلفة بطبعها، وتغطية مصاريف الفحوصات والعيادات سواء كان داخل الدولة وخارجها، كما نوفر أجزاء تعويضية كثدي صناعي أو بعض الأطراف لترجع حالة المريض لشكلها الطبيعي، كما نساعد البعض على تأدية فريضة الحج أو العمرة، أما الخدمات الأخرى التي نقدمها للمرضى منها الجانب النفسي، فبالإضافة لإحداث فعاليات فإننا نوفر أخصائيات نفسيات لمن ترغب في ذلك، وكوننا نعالج المرض في كافة مراحله فإن المرضى يتلقون مساندة كبيرة من طرف الجمعية ومن طرف بعضهم البعض في مثل التجمعات حيث يتناقلون الخبرات ويتبادلون النصائح”. ومن جانب آخر أوضحت الدكتورة سوسن الماضي أن الجمعية بصدد إحداث مشروع يروم إعادة تأهيل المرضى لينخرطوا في المجتمع من جديد وفي ميدان العمل، وأكدت الماضي على أن هذا المشروع سيرى النور قريبا إذا توفر له الدعم المادي، والمشروع عبارة عن دورات في جميع المجالات من الخياطة والتطريز والكمبيوتر وغيرها من المهارات التي تعلي قيمة الفرد، إذ أشارت أن الإنسان كلما تعلم شيئا كلما شعر بقيمة نفسه من جهة وجدواه داخل المجتمع من جهة أخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©