الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف المرفوض

29 يونيو 2010 21:07
بين فترة وأخرى تخرج بعض الأخبار الصادمة إلى وسائل الاعلام عن تعرض صغار في عمر الزهور لعنف بدني، آخرها ذاك الذي نشر قبل عدة أيام عن وفاة طفلة عمرها عامان ونصف يشتبه في تعرضها للضرب المفضي للوفاة. وللأسف يكون هذا العنف من أقرب الناس للصغار، من الوالدين المكلفين أصلا بحماية الأطفال والعناية بهم. أخبار ضرب الأطفال المؤلمة التي تتصدر الصحف بين فترة وأخرى توضح دائما وجود «عنف مستتر» في بعض البيوت، عنف خفي عن أعين الناس وجهات حماية المجتمع مثل الشرطة والدعم الاجتماعي، عنف يظهر فقط عندما يتعرض الطفل لمأساة ربما توصله إلى الموت. أكثر ما يزعج في مواضيع العنف تجاه الأطفال هو الصمت إزاءها، ربما لغياب الوعي الكافي من الناس حوله، وربما لأن الأطفال أيضا يصمتون خوفا من مضاعفة العقاب، أو لأنهم نشأوا تحت ضغط العنف حتى أصبحوا يعتبرونه شيئا مألوفا، كذلك يجد معظم الآباء أن ضرب الصغار والعنف اللفظي تجاههم حقا شرعيا لهم ووسيلة من وسائل التربية! في زمن مضى كان الابن الذي يرزق به الوالدان يعامل بمختلف أنواع العنف البدني واللفظي حتى يصبح «رجلا»، بينما تعامل الفتاة بالأشغال المنزلية الشاقة حتى تكون «سيدة محترمة». هذه الفكرة المتوارثة أخرجت مفهوما قاصرا يدعى «العنف المقبول» وتحت شعاره يتعرض الصغار لأنواع مختلفة من الضرب والتنكيل، وبالطبع أثبت هذا المفهوم خلله ودفع بجميع العقلاء إلى رفضه، فالعنف بكافة أشكاله وأحجامه يؤدي إلى نفس النتائج ويجب حماية الصغار منه دون تمييز لعنف مرفوض وآخر مقبول. في البيوت المحيطة بنا أطفال يتعرضون لأشكال مختلفة من العنف المستتر، تبدأ من الضرب إلى الاهمال. أستغرب من طفل يتجول في الثانية فجرا دون رقابة أهل، من طفلة حرمت حق الدراسة حتى وصلت للثالثة عشرة من العمر دون أن ترتدي المريول أو أن تدخل المدرسة، من أطفال يضربون صباح مساء بسبب ومن دونه، وحتى مراهقين يضربون ويطردون من منازلهم ليلا فيهيمون في الشارع بحثا عن مكان ينامون فيه. اليوم نشعر بحاجة أكيدة لتعزيز مؤسسات لحماية الطفل، جهات يمكن الاتصال بها بمنتهى السرية لتتدخل وتنقذ الاطفال من العنف، بما يساهم في حماية الاجيال القادمة من الصغار ويفعل دور المجتمع للعناية بهم، ونحتاج تفعيل دور الناس في حماية المجتمع. هناك الكثيرون ممن يعلمون بوجود عنف يمارس تجاه الصغار لكنهم يجهلون جهات التبليغ عنه، هؤلاء الذين يحملون في قلوبهم غيرة على طاقات الوطن الواعدة يتمنون أن يجدوا مؤسسة يمكنهم الالتجاء إليها من دون أن تعرف هوياتهم بالطبع، لأن التبليغ ضد تعرض طفل لإهمال أو عنف من أسرته ما زال في عرف المجتمع «تدخل في شؤون الآخرين». فتحية البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©