الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتعاش «الوظائف» في أميركا... بين الحقيقة والوهم!

6 ديسمبر 2009 23:46
بعد عامين طويلين من الدمار الاقتصادي العارم شهدا تبخر حوالي 8 ملايين وظيفة، توقف عدد الأميركيين العاملين عن التقلص على الصعيد الوطني الشهر الماضي ضمن تطور غير متوقع أحيا الآمال في انتعاش قريب لسوق العمل. وإذا كان معظم المحللين قد توقعوا أن تزداد معدلات فقدان الوظائف في شهر نوفمبر وترتفع إلى 100 ألف، فإن وزارة العمل الأميركية أعلنت يوم الجمعة الماضي أن المشغِّلين تخلصوا من 11 ألف وظيفة فقط، في شهر نوفمبر -وهو أصغر عدد يُفقد منذ أن بدأ الركود في ديسمبر 2007 كما انخفض معدل البطالة في البلاد إلى 10 في المئة الشهر الماضي، مقارنة مع 10.2 في المئة في شهر أكتوبر. ومما يقوي إمكانية حدوث تحول قريب، أن وزارة العمل أصدرت مراجعة جديدة لعدد الوظائف المفقودة خلال الشهرين السابقين؛ وأظهر التقرير الجديد أن العدد الحقيقي للوظائف المفقودة هو أقل بحوالي 40 في المئة مقارنة مع ما سبق الإعلان عنه -139 ألفاً بالنسبة لسبتمبر و110 آلاف بالنسبة لأكتوبر. وهذه الأخبار السارة التي ظهرت على نحو مفاجئ منحت دفعة قوية لأوباما في وقت يستعد فيه للإعلان عن تدابير جديدة تروم تنشيط نمو الوظائف وفرص العمل. وقد رأى العديد من الخبراء الاقتصاديين في تقارير الوظائف دليلا على أن أزمة سوق العمل العميقة باتت قريبة من نهايتها. غير أن بعض المحللين حذروا في الوقت نفسه من الإفراط في التفاؤل، لافتين إلى أن الأمر يتعلق ببيانات شهر واحد فقط. وفي هذا السياق، يقول لاري كانتور، رئيس البحوث في مؤسسة "باركليز كابيتل" إن التقرير يمثل "ضربة للمتشائمين المنتقدين"، ولكنه أضاف: "لن أفرط، مع ذلك، في التفاؤل والحماس". ولعل أحد أسباب ذلك هو أن الانخفاض في معدل البطالة يعكس، جزئياً، التقلص في مجموع القوة العاملة في البلاد، الذي يعزى بدوره -حسبما يُعتقد- إلى توقف العمال الذين فقدوا وظائفهم عن البحث عن عمل جديد. غير أن هذا الأمر من المرجح أن يتغير الآن بعد أن حملت الأيام الأخيرة أخباراً سارة. وهكذا، فإنه من شبه المؤكد أن تعاود معدلات البطالة المكونة من رقمين -والتي سجلت آخر مرة في أوائل عقد الثمانينيات- الظهور نتيجة دخول أعداد متزايدة من الناس إلى سوق العمل. وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة أن عمليات تسريح العمال قد تباطأت بحدة لا تعني أن المشغِّلين باتوا مستعدين لتوظيف العمال بأعداد مهمة. وفي هذه الأثناء، يتعين على الاقتصاد الأميركي أن يخلق 100 ألف وظيفة جديدة خالصة على الأقل في الشهر للحفاظ على معدلات البطالة مستقرة. ولكن بعض المراقبين لا زالوا يستبعدون حدوث ذلك قبل فصل الربيع، على أقل تقدير. وبالمقابل، فإن فقدان الوظائف أخذ يتراجع على نحو مطرد منذ أن ارتفع إلى ذروته وبلغ 741 ألفاً في شهر يناير. بيد أنه بالنسبة للعمال كأفراد وعائلاتهم، فإن تحسناً صغيراً كفيل بتحسين ظروفهم. وفي هذا الإطار، يقول ريك روتمان من "ويليامسبورت"، بولاية ميريلاند، وهو تقني إلكترونيات، إن معنوياته انخفضت بعد أن سُرح من وظيفته في منتصف شهر سبتمبر كتقني بأحد مصانع المحركات. ويقول روتمان البالغ 45 عاماً: "إنني أهتم دائماً بأعداد الوظائف، غير أنه حين يفقد المرء وظيفته، فإن الأمر يصبح شخصياً جداً". وبعد أن تقدم بنحو اثني عشر طلباً للحصول على وظيفة على الإنترنت، نجح روتمان في الحصول على وظيفة بدوام كامل بالقسم التقني بإحدى شركات خدمات بطاقات الائتمان. وعلى رغم أن راتبه الجديد أقل من راتبه السابق، إلا أنه راضٍ جداً إذ يقول: "إنني متحمس جداً للوظيفة الجديدة، وأعتقد أن الحظ قد ابتسم لي... لقد تمكنت من الحصول على وظيفة، وأعتقد أنها ستكون على المدى الطويل أفضل بكثير من الوظيفة السابقة". أما أوباما، التواق لإظهار أن سياساته الاقتصادية بدأت تؤتي أكلها، فقد وصف التقرير الجديد بأنه أفضل تقرير حول الوظائف في أميركا منذ 2007. وقال في "آلنتاون"، بولاية بنسلفانيا، حيث أمضى يوم الجمعة ضمن سلسلة من الزيارات المقررة إلى مدن وبلدات من أجل إبراز جهود إدارته بخصوص خلق الوظائف: "عليَّ أن أعترف لكم بأن كبيرة مستشاريَّ الاقتصاديين كريستي رومر حصلت على أربعة عناقات عندما جاءتني بالتقرير". قبل أن يضيف قائلا: "ولكنني أود أن أشدد على ضرورة قراءة الأمور في سياقها... فما زال أمامنا طريق طويل ينبغي قطعه... إن المؤشرات الجيدة لا تكفي، وعلينا أن ننمي الوظائف ونعيد أميركا إلى العمل في أقرب وقت ممكن". غير أن ذلك لن يكون سهلا. فقد كان ثمة 15.4 مليون عامل عاطل عن العمل في شهر نوفمبر، كما ظل قرابة 6 ملايين منهم بدون وظيفة لستة أشهر أو أكثر؛ هذا في حين يعمل 9.2 مليون آخرون بدوام جزئي بسبب تقليص ساعات عملهم، أو لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على وظائف بدوام كامل. وفي خطاب مرتقب يوم الثلاثاء المقبل، من المنتظر أن يقترح أوباما عدداً من الأفكار التي يريدها أن تكون متضمنة في جهود جديدة للكونجرس تروم خلق الوظائف. ولهذا الغرض، عمل فريق أوباما الاقتصادي حتى عطلة نهاية الأسبوع من أجل إتمام المقترح. يذكر أن مقترح البيت الأبيض الجديد أقل بكثير من مخطط تنشيط الاقتصاد (787 مليار دولار) الذي مُرر في فبراير الماضي، وإن كان مسؤولو الإدارة قد رفضوا تحديد التكلفة. وفي هذا الإطار، قالت "رومر"، التي ترأس "مجلس المستشارين الاقتصاديين"، في مقابلة يوم الجمعة: "بالطبع، سيكون هذا (المخطط الجديد) على نطاق أصغر مقارنة مع ما تقدمنا به بخصوص (قانون تعافي الاقتصاد). وسيستهدف قطاعات بعينها". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©