الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جوستاف لوبون: تقدم العرب الحضاري ارتبط بتمسكهم بالإسلام

جوستاف لوبون: تقدم العرب الحضاري ارتبط بتمسكهم بالإسلام
21 سبتمبر 2008 00:16
تصف غالبية الموسوعات والدراسات العربية التي أرخت لتاريخ الاستشراف، المستشرق وعالم الاجتماع الفرنسي جوستاف لوبون (1841 - 1931م) بأنه منصف للإسلام في الوقت الذي يعتبره البعض فيلسوفا ماديا لا يؤمن بالأديان مطلقاً· ويربط لوبون بين تقدم العرب حضاريا وتمسكهم بالإسلام مؤكدا أن تراجعهم الحضاري يرتبط ايضا بتخلفهم عن الدين، فيقول في كتابه حضارة العرب الذي وضعه عام 1884 وترجمه إلى العربية عادل زعيتر: ''حين كان المسلمون متمسكين بدينهم كانوا سابقين أيضاً في الدنيا، ولما ابتعدوا عن دينهم وتعاليمه صاروا تابعين لغيرهم وعالة عليهم، فالمسلمون يدفعهم دينهم إلى التقدم، ويتأخرون بتأخرهم عن دينهم·'' اهتم لوبون في هذا الكتاب بتوضيح ما للعرب من فضل على المجتمعات الغربية وخصوصا الأوروبية فقد أكد أن العرب هم الذين حافظوا على منجزات العالم اليوناني والعالم اللاتيني القديم وطوروا علومه ودراسته حتى إن الجامعات الأوروبية ومنها جامعة باريس عاشت مدة ستمائة عام على ترجمات الكتب العربية وجرت على أساليب العرب وعلماء المسلمين في البحث والاستدلال· وبالرغم من اشتغال لوبون في بداية حياته كطبيب بعد أن أنهى دراسته للطب عام 1866 إلا أن حبه للسفر والترحال وزيارة المجتمعات الشرقية في آسيا وشمال إفريقيا اتجهت به إلى العمل بالبحث الأثري والعلوم الإنسانية ودراسة تطور المجتمعات البشرية ليبدأ اهتمامه بدراسة الحضارة العربية وتطور المجتمعات الإسلامية ويبرز كأحد أهم المستشرقين الذين كتبوا عن الإسلام خصوصا في كتابيه ''حضارة العرب'' و ''الدين والحياة''· وقد أثرت رحلات لوبون إلى بلاد المشرق العربي وشمال إفريقيا واقترابه من المجتمعات العربية والحضارة الإسلامية على توجهاته البحثية خصوصا بعد أن رأى كم الجحود والنكران اللذين ينظر من خلالهما الغرب للحضارة العربية فآثر أن يبحث من خلال منظوره الاجتماعي في تطور المجتمعات العربية والحضارة الإسلامية ويلقي الضوء على عصر العرب الذهبي وأن يظهره في صورته الحقيقية قدر ما يستطيع· وعرض في كتابه ''حضارة العرب'' أبرز معالم الدور الذي قام به العرب في تاريخ الحضارة فيؤكد ''أنه كان للحضارة الإسلامية تأثير كبير في العالم، وأن هذا التأثير خاص بالعرب وحدهم، فلا تشاركهم فيه الشعوب الكثيرة التي اعتنقت الدين الإسلامي فالعرب هذبوا البرابرة الذين قضوا على دولة الرومان بتأثيرهم الخلقي، والعرب فتحوا لأوروبا ما كانت تجهله من المعارف العلمية والأدبية والفلسفية بتأثيرهم''· ويضيف أن العرب بعد أن كانوا تلامذة معتمدين على كتب اليونان، أدركوا أن'' التجربة والرصد خير من أفضل الكتب، وهي الحقيقة البسيطة التي غابت عن علماء أوروبا لمدة ألف عام في العصور الوسطى، ويعزى إلى الفيلسوف (فرانسيس بيكون) إدراكه أهمية التجربة والعلم التجريبي، ولكن آن الأوان لأن نرد هذا الفضل لعلماء العرب''· ويمضي لوبون إلى الحديث عن المسلمين والعرب في بلاد الأندلس باعتبارها كانت معبر العلوم والحضارة الإسلامية إلى أوروبا ، فيذكر أن '' عرب الأندلس وحدهم هم الذين صانوا في القرن العاشر من الميلاد،وذلك في تلك الزاوية الصغيرة من الغرب، العلوم والآداب التي أهملت في كل مكان حتى في القسطنطينية ولم يكن في العالم في ذلك الزمن بلاد يمكن الدرس فيها غير الأندلس العربية، وذلك عدا الشرق الإسلامي طبعا، مشيرا إلى ان بعض النصارى القليلين كانوا يذهبون إلى بلاد الأندلس لطلب العلوم · وقارن لوبون بين سلوكيات المسلم وتعاليم الإسلام التي انعكست على تعامل المسلمين مع غيرهم خصوصا في فترة الفتوحات الإسلامية وبين سلوكيات الغرب والصليبيين فقال ''لما أجلي العرب المسلمون سنة 1610م من بلاد الأندلس اتخذت جميع الذرائع للفتك بهم وقتلهم في حين أن العرب لما فتحوا إسبانيا تركوا السكان فيها يتمتعون بحريتهم الدينية محتفظين بمعاهدهم وكنائسهم وحريتهم في العبادة·'' ومضى يقول إن العالم لم يشهد فاتحا أرحم من العرب ولا دينا سمحا مثل دينهم وأن القوة لم تكن عامِلا في نشر الإسلام وما كانت انتصارات العرب لتعمي أبصارهم وتحملهم على الإفراط المألوفِ عند الفاتحين في العادة فلم يشتدوا في إرهاق المغلوبين على أمرهم، ولا فرضوا عليهم بالقوة دينَهم الجديد الذي كانوا يريدون نشره في أقطار العالم فتراهم حين دخلوا الشامِ ومِصر وإسبانيا يعامِلون الشعوب بمنتهَى الرفق تاركين لهم أنظمتهم وأوضاعهم ومعتقداتهم غير ضاربين عليهم في مقابلِ السلام الذي ضمنوه لهم إلا جزية ضئيلة كانت على الأغلب أقل من الضرائب التي كان عليهم أداؤها من قبل· وأرجع جوستاف لوبون في مؤلفه فضل تقدم العرب والحضارة العربية وازدهارها إلى بعثة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وظهور الإسلام في الجزيرة العربية مؤكدا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أصاب في بلاد العرب نتائج لم تصب مثلها جميع الأديان التي ظهرت قبل الإسلام ومنها اليهودية والنصرانية ولذلك فهو يرى أنه لا يوجد حد لفضل النبي - صلى الله عليه وسلم -على العرب ومن ثم على البشرية جميعها· كما قدم للغرب والعالم في كتابه ''الدين والحياة'' توصيفا منصفا لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة التشويه الذي احتوته الكثير من الكتابات الغربية الاخرى· فقال ''لقد كان محمد صاحب أخلاق عالية وحكمة ورقة قلب ورأفة ورحمة وصدق وأمانة'' ووصف لوبون في معرض حديثه الرسول - صلى الله عليه وسلم- بقوله ''إذا ماقيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد من أعظم من عرفهم التاريخ، إن التعصب الديني هو الذي أعمى بصائر مؤرخي الغرب عن الاعتراف بفضل محمد الذي وحد العرب في أمة واحدة بفضل الإسلام''· ؟ ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©