الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ذكاء

ذكاء
21 سبتمبر 2008 00:23
قدم رجل الى بغداد للحج، وكان معه عقد يساوي ألف دينار، فاجتهد في بيعه، فلم يوفق، فجاء الى عطار موصوف بالخير، فأودعه إياه، ثم حج، وعاد، فأتاه بهدية، فقال له العطار: من أنت؟ وما هذا؟ فقال: أنا صاحب العِقد الذي أودعتك إياه، فما كلمه حتى رفسه رفسة رماه عن دُكانه، وقال: تدعي عليّ مثل هذه الدعوى! فاجتمع الناس، وقالوا للحاج: ويلك! هذا رجل خير، وما وجدت من تدعي عليه إلا هذا! فتحير الحاج وتردد إليه، فما زاده إلا شتماً وضرباً· فقيل له: لو ذهبت الى عضد الدولة، فله في هذه الأشياء فراسة! فكتب قصته، ورفعها لعضد الدولة، فصاح به فجاء، فسأله عن حاله، فأخبره بالقصة، فقال: اذهب الى العطَّار بكرة، واقعد على دكته، فإن منعك فاقعد على دكة تقابله من بُكرة الى المغرب ولا تكلمه، وافعل هكذا ثلاثة أيام، فإني سأمر عليك في اليوم الرابع، وأقف وأسلم عليك، فلا تقُم لي ولا تزدني على رد السلام، وجواب ما أسألك عنه، فإذا انصرفت فأعد عليه ذكر العقد، ثم أعلمني ما يقول لك، فإن أعطاكه فجيء به إليَّ· فجاء الى دكان العطار ليجلس فمنعه، فجلس على دكة تقابله ثلاثة أيام، فلما كان في اليوم الرابع اجتاز عضد الدولة في موكبه العظيم، فلما رأى الخراساني وقف وقال سلام عليكم، فقال الخراساني - ولم يتحرك: وعليكم السلام· فقال: يا أخي، تقدم فلا تأتي إلينا ولا تعرض حوائجك علينا! فقال: كما اتفق، ولم يشبعه الكلام، وعضد الدولة يسأله، ويُخفي وقد وقف، ووقف العسكر كله، والعطار قد أُغمي عليه من الخوف· فلما انصرف التفت العطار إليه· فقال: ويحك! متى أودعتني هذا العقد؟ وفي أي شيء كان ملفوفاً؟ فذكرني لعلي أذكره، فقال: من صفته كذا وكذا، فقام وفتش، ونفض جرة عنده، فوقع العقد، فقال: قد نسيت، ولو لم تذكرني الحال ما ذكرت، فأخذ العقد، ثم قال: وأي فائدة لي في أن أعلم عضد الدولة؟ ثم قال في نفسه: لعله يريد أن يشتريه! فذهب إليه فأعلمه، فبعث به مع الحاجب الى دكان العطار، فعلق العقد في عنق العطار، وصلبه بباب الدكان، ونودي عليه: هذا جزاء من استودع فجحد، فلما ذهب النهار أخذ الحاجب العقد، فسلمه الى الحاج وقال: اذهب به!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©