الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دروس في التسامح للمستقبل

21 ابريل 2013 23:24
لاودي أرهام ناشط في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان ومجابهة العنف عندما احتفل المسيحيون بالجمعة الحزينة يوم 29 مارس في كنيسة الكاتدرائية بوسط جاكرتا، قام مسجد الاستقلال المجاور وبكل استعداد بتوفير مواقف السيارات التابعة له لأفراد رعية الكنيسة. فبالنظر إلى وجود المسجد والكنيسة إلى جانب بعضهما، يصعب تصوّر سبب كفاح الجماعات الدينية أحياناً لتتدبّر أمورها. ليس وجود مسجد مجاور لكنيسة بالأمر الغريب في إندونيسيا. بُني مسجد الحكمة بمدينة سولو بوسط جاوا محاذياً للكنيسة الجاوية المسيحية، ولمدة تزيد على خمسين سنة، كانت علاقة المُصلّين في المسجد والكنيسة علاقة احترام ومحبة. وفي منادو بشمال سولاويزي، يقف نصب لخمس ديانات في إندونيسيا، وهي الإسلام والمسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية والهندوسية والبوذية. على «جبل الحب». كذلك تم بناء خمسة بيوت عبادة هناك، تشكّل أمثلة على العيش المشترك وشهادات على مفاهيم الديمقراطية والحرية الدينية في إندونيسيا، كما تنبأ عالمان إندونيسيان مسلمان هما عبد الرحيم وحيد ونورشوليش مجيد. لذا عندما جرى تدمير كنيسة بروتستانتية في سيتو في بيكازي بغرب جاوا، والمعروفة بالتبرع باللحوم للمسلمين أثناء عطلة عيد الأضحى، والذي يخلِّد استعداد النبي إبراهيم عليه السلام للتسليم بإرادة الله تعالى في التضحية بابنه الأكبر... عندما جرى تدميرها في مارس لأنها لم تحصل على تصريح بناء، أثار ذلك قلقي الشديد وقلق العديد من الإندونيسيين. فنحن نؤمن بعمق أن الديمقراطية والحرية الدينية هما من المبادئ الإسلامية. ويمكن لإعادة إحياء الفلسفة الديمقراطية لتينك الشخصيتين المؤثرتين أن يشكل حلاً للتمييز ضد الأقليات. كان عبد الرحمن وحيد، المعروف بـ«غوس دور»، رئيس نهضة العلماء (أكبر منظمة إسلامية من التيار الرئيس في إندونيسيا) والرئيس السابق لإندونيسيا. وكان نور شوليش مجيد المعروف بـ«كاك نور»، مفكّراً مسلماً بارزاً ومؤسِّس جامعة بارامدينا ومؤسسة بارامدينا، وهي مركز تعلّم إسلامي يشجّع التسامح الديني والتعددية. غيّر «غوس دور» عدداً من القوانين التي حوّلت بشكل كبير النظام الاستبدادي التمييزي الذي تم تأسيسه خلال حكم الرئيس سوهارتو الذي استمر 30 سنة (1967-1998)، إلى نظام ديمقراطي. ويسمّى «غوس دور» أحياناً «أبو الأمة»، وقد احتضن الأقليات من خلال زيارة الكنائس والمعابد وحافظ على علاقات دافئة مع قادة الأقليات الدينية. كما جعل من الممكن للإندونيسيين الصينيين ممارسة حقهم في الاحتفال بالمناسبات الصينية. كذلك أسّس المؤتمر الإندونيسي للدين والسلام، وهو منظمة تركّز على حوار الديانات، و«مؤسسة وحيد» التي تشجع الديمقراطية والسلام والتعددية في الإسلام. وبالنسبة لـ«غوس دور»، فإن جميع الناس متساوون تحت الإسلام. وقد تصوّر إندونيسيا دولة ديمقراطية يتمتع فيها كل مواطن بحقوق متساوية من جميع النواحي. «ليست الديمقراطية غير محرّمة في الإسلام فحسب، بل هي إلزامية، فتطبيق الديمقراطية هو أحد مبادئ الإسلام، ألا وهي الشورى»، كما قال في إحدى المرات. وبالمثل، يؤمن «كاك نور» بالحقوق المتساوية لجميع المواطنين في بناء أماكن عبادة وتعليم القواعد الدينية في الأماكن العامة والمشاركة في الانتخابات أو الأحزاب السياسية. وما زال يُشار إلى «كاك نور»، والذي توفي عام 2005، على أنه «أستاذ الأمّة»، فأفكاره الديمقراطية الإسلامية مقبولة بشكل واسع من قبل السياسيين المسلمين، وهي تنادي بمشاركتهم في الأحزاب السياسية العلمانية مثل «غولكار»، الحزب السياسي الذي سيطر على المشهد السياسي في إندونيسيا أثناء حكم سوهارتو الذي استمر لمدة 30 سنة، و«ديموكرات» الذي فاز بانتخابات عام 2009 التي أعادت تعيين سوسيلو بامبانغ يودويونو رئيساً لإندونيسيا. تعاونت الأحزاب الإسلامية والعلمانية السياسية منذ عام 2004 في حكومة تحالف تدعم كلاً من أحزاب المسلمين المتدينين والعلمانيين. يمكن لكل إندونيسي أن يكون جزءاً من الحكومة وأن يصوّت لممثّلين مسلمين وغير مسلمين. ورغم أن هذه الممارسة جرى تحدّيها من قبل البعض، فإن قادة بعض الجماعات من الأقليات، مثل نائب محافظ جاكرتا المسيحي الصيني «باسوكي تجاهاجا بورناما»، اكتسب شعبية ودعماً من المواطنين والسياسيين على حد سواء. وهناك حاجة ملحّة لتفكير وطني معمّق حول الطبيعة الحقيقية للإسلام وتثقيف صحيح حول قيم الإسلام الديمقراطية، يكون مصدرها أفكار وكتب «غوس دور» و«كاك نور» وغيرهما من القادة المسلمين البارزين، بهدف خفض حالات التمييز والعنف المرتكزة على الدين. وللمفكّرين والنخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني مسؤولية العمل معاً لتوفير معرفة على اتساع البلاد يتم بموجبها تحويل القيم الديمقراطية للإسلام لضمان حرية مجموعات الأقليات في ممارسة حقوقها. بوجود تفكير وتعليم وطني حول هذه القيم، فأنني أرى بلداً أكثر تسامحاً في المستقبل. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©