الاتفاقية الموقعة بين منظمة الفاو واتحاد يضم أكثر من 3 آلاف صحفي متخصص تسعى إلى تعميق الوعي بأهمية الزراعة كمثال حي على دورها في التنمية المُنتجة، تزخر العلاقة بين الإعلام والزراعة بالكثير من إمكانات التفاعل، إن أحسن أطراف العملية الإنتاجية توجيهها لاستخدامات تطبيقية ذات انعكاسات إيجابية مباشرة على المحصول، كماً ونوعاً، وكذلك على بعض القيم الحميدة للمجتمعات الزراعية خاصة. ومؤخراً وقعت اتفاقية بين منظمة الفاو واتحاد يضم أكثر من 3 آلاف صحفي متخصص تسعى إلى تعميق الوعي بأهمية الزراعة.
من أبسط الأمثلة على أهمية العلاقة بين الإعلام والزراعة، تنبيهات تحولات الطقس والحرارة المفاجئة، التي تبثها مثلا محطات التلفزيون أو بعض خدمات الأخبار العاجلة، عبر الأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت. كما تلعب المطبوعات والمواقع والبرامج الإعلامية المتخصصة بالزراعة دوراً مهماً في نشر وتعميق الوعي في أوساط المزارعين وتحسين عملهم وإنتاجيتهم.
أنشطة أوسع
يتخطى دور الإعلام نشر أخبار التوعية والمعلومات ليتجسد أكثر بأنشطة أوسع مثل إقامة المعارض والمهرجانات لترويج المنتجات الزراعية. ومن ذلك «مهرجان الزيتون» و«معرض المرأة الريفية» و«مهرجان الأغوار الزراعي»، التي تقيمها مديرة التوعية والإعلام الزراعي في الأردن، التي تتولى كذلك التنسيق بشأن البرامج الإذاعية والتلفزيونية الزراعية، التي تبث الرسائل الإرشادية للمزارع والمواطن. لكن الزراعة تفتقر في بعض الدول أو تحرم إجمالا من مزايا علاقتها بالإعلام. وهذا ما يحدث في دول النزاعات الساخنة مثل سوريا، التي لم يعد الاهتمام بالشأن الزراعي شاغلاً لوسائل الإعلام، رغم أن الأخيرة شهدت طفرة كبيرة منذ اندلاع المواجهات.
أما في العراق فيلاحظ المهندس رسول عبد علي عباس في مقال له، من وحي البيئة والتجربة في العراق، حول «الإعلام الزراعي ودوره في تنمية المجتمع الريفي» نشره على موقع كنانة أونلاين، أنه رغم كثرة القنوات الفضائية العراقية؛ فإن المسؤولين فيها «لا يعيرون انتباها لموضوعات الإعلام الزراعي، الذي لا يشار إليه على رغم كونه يمس المجتمع في الريف والمدينة»، مشيرا إلى أن المجلات الزراعية قليلة والبرامج الزراعية المتخصصة لا تجد مكانتها بالصورة المطلوبة. ويؤكد عباس أن للإعلام الزراعي «دوراً هائلًا في التغيير وفي التأثير على الفلاحين، فهو أداة التغيير في المستقبل، وهو حجر الأساس في تطوير العديد من جوانب الحياة الريفية»، مضيفاً: «نجد أن الإعلام الزراعي يمارس دور المرشد للممارسة الزراعية من خلال مضمون برامجه الإعلامية الزراعية، فهو يتناول مواد إعلامية زراعية موجهة للعاملين في المجال الزراعي من فلاحين ومربي حيوانات وطيور. كما أن تلك المواد الإعلامية تحوي معلومات زراعية عن زراعة مختلف الأنواع ومواقيت زراعتها، وكيفية رعايتها وريها وحصادها، وطرق استخدام الأسمدة والكيمياويات، ومكافحة الآفات الزراعية، ويتناول الإعلام الزراعي مجالات أخرى لصيقة بحياة المزارعين».
دور عالمي
في دلالة على أهمية الإعلام بالنسبة للزراعة أصبح الإعلام الزراعي اختصاصاً لآلاف الصحفيين حول العالم. كما أنه أدى إلى نشوء الكثير من المنظمات العالمية المتخصصة، ومنها الاتحاد الدولي للصحفيين الزراعيين (IFAJ)، الذي يتخذ من مدينة أرنهيم في هولندا مقراً رئيساً له، وهو يضم 32 اتحاداً وطنياً يزيد عدد أعضائها على ثلاثة آلاف صحفي زراعي.
ويتجه هذا الاتحاد ليصبح شريكاً في تفعيل السياسات الزراعية العالمية وأهدافها الكونية، إذ تم مؤخرا التوقيع بين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) على اتفاقية تعاون تعتبر تتويجاً لتنامي دور العلاقة بين الإعلام وهذا القطاع المنتج الذي يتوقف عليه مصير الغذاء العالمي.
وتضع الاتفاقية، التي وقعها مدير عام «فاو» جوزيه جرازيانو دا سيلفا، ورئيس الاتحاد ماركوس رديجر، الخطوط العريضة لمختلف الأنشطة المشتركة، وهي ترمي إلى تعزيز تبادل المعرفة، ونشر المحتويات ذات العلاقة بالتطورات الدولية للجوع، والأمن الغذائي، والتغذية، والتنمية المستدامة، والإدارة المسؤولة للموارد السمكية والغابات، ضمن جملة قضايا أخرى.
وأكد دا سيلفا خلال التوقيع أن «الشراكة مع وسائل الإعلام الزراعية المختصة يمكن أن تؤدي دوراً حاسماً في إعلام الجمهور العام والجمهور المستهدف، إذ يمكننا تغيير حياة أولئك الذين يعانون الجوع المزمن وانعدام الأمن الغذائي». وأعلن أن «المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية (ICN-2)، المزمع عقده في روما في نوفمبر المقبل، سيتيح نافذة من الفرص لرفع مستويات الوعي بقضايا التغذية عبر وسائل الإعلام وأنشطة الروابط الأعضاء في الاتحاد الدولي للصحفيين الزراعيين».
من جهته، لفت رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين الزراعيين ماركوس رديج، إلى أهمية عقد «الاتحاد الدولي للصحفيين الزراعيين شراكات لدعم الصحافة الزراعية وتطويرها في جميع أنحاء المعمورة»، مؤكدا أن الاتفاقية تساعد «في مواءمة إصداراتنا للصحفيين الزراعيين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في جنوب العالم، ولدى البلدان التي لم تصبح بعد أعضاء في الاتحاد». وبموجب نصوص الاتفاق، من المزمع تعميم معلومات المنظمة عن الزراعة والغذاء في العالم على أعضاء الاتحاد الدولي للصحفيين الزراعيين لمساعدتهم في تصعيد الوعي العام حول الإجراءات اللازمة للقضاء على الجوع، إضافة إلى الأحداث التي تنظم مشاركة بين الطرفين وتخصيص قسم إخباري حول أنشطة «فاو» في موقع الاتحاد، متضمنا معلومات مستفيضة عن قضايا الغذاء والزراعة واتجاهات القطاعين.
(أبوظبي- الاتحاد)
جائزة تقديرية
من المنتظر تخصيص جائزة مشتركة بين «فاو»، والاتحاد الدولي للصحفيين الزراعيين تقديراً لأنشطة الصحفيين، الذين يسهمون في رفع مستوى الوعي حول الأهمية الحاسمة لمكافحة الجوع، ما «سيلهم زملاءنا للكتابة حول هذه الموضوعات التي تعد جوهرية للزراعة على الصعيد الدولي»، وفق رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين الزراعيين ماركوس رديج.
عدد اليوم
