الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغاز الأميركي... هل يحل «أزمة المناخ»؟

7 ديسمبر 2009 21:28
في المرة الأولى، التي حاولت فيها شركة "شيزابيكي إينرجي" للطاقة شراء حقوق استخراج المواد المعدنية من" ديانا ويتمور" (74 عاماً) سمسارة العقارات المتقاعدة، المقيمة في جنوبي نيويورك، فإنها عرضت عليها 125 دولاراً مقابل كل فدان من الأرض تقوم بالتنقيب فيه، بالإضافة إلى 12 في المئة حق انتفاع على أي كمية غاز تقوم باستخراجها من أراضي تلك السيدة. لم تقبل" ويتمور" بهذا العرض، ولا تزال على موقفها بعد انقضاء عامين، بل إنها قامت بالإضافة إلى المئات غيرها من ملاك الأراضي، بتكوين تحالف يتولى عملية التفاوض مع 9 شركات نفط وغاز. وآخر العروض المقدمة لأصحاب الأراضي في تلك المنطقة مقابل استغلال أراضيهم وصلت إلى 5.500 للفدان مع حق انتفاع نسبته 20 في المئة. يقول "دانييل فيتزسيمون" ابن تلك السيدة، الذي لعب دوراً كبيراً في تكوين التحالف المذكور المعروف باسم"بنجهامتون كونكلين جاز ليز كواليشن" في معرض التعليق على هذا الوضع "إن هذا الإقبال من جانب شركات الطاقة هو الذي سيغير الأحوال تماماً في هذه المنطقة". منذ عدة سنوات لم يكن لدى شركات النفط والغاز، ما يكفي من التقنيات المتطورة التي تمكنها من استخراج الغاز المخزن بين طبقات الصخور الرسوبية الرخوة في هذه المنطقة. أما الآن وبفضل التطورات التي حدثت في مجال الحفر الأفقي، ووسائل تهشيم الصخور، فإن عددا كبيراً من المناطق التي تحتوي على مخزونات هائلة من الغاز، والتي تقع في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، قد أصبحت جاهزة للاستخدام.. نتيجة لذلك فإن الصورة كما يقول" توني هايورد" المدير التنفيذي لشركة بريتش بتروليوم: "تحتوى الولايات المتحدة على مخزونات غاز تكفي استهلاكها - بالمعدلات الحالية - لمئة عام قادمة". ويضيف:"ونظرا لأن الغاز الطبيعي ينتج نصف كمية الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، فإن أمام الولايات المتحدة فرصة فريدة لمعالجة الهموم المتعلقة بأمن الطاقة والتغير المناخي". واحتياطيات الغاز الأميركي القابل للاستخراج، يمكن أن يصبح بناء على ذلك، أكبر من احتياطيات الغاز الروسية الهائلة ـ كما يقول بعض الخبراء. وتشكيلات "مارسيللوس" الصخرية الرسوبية الرخوة التي تمتد عبر مساحات شاسعة من الأراضي الواقعة في ولايات بنسلفانيا، ونيويورك، وويست فيرجينيا فقط، توجد بها كميات من الغاز تكفي لتلبية كافة احتياجات أميركا من هذه المادة لأربع عشرة سنة قادمة...وفقاً لتقديرات اثنين من الخبراء بجامعة "بنسلفانيا ستيت". وفي مقاطعة "بروم" بولاية نيويورك وحدها، حيث يعيش "فيتزسيمون"، يمكن للشركات العاملة في مجال تنمية استخراج الغاز من الصخور الرسوبية الرخوة، أن تنشئ مشروعات للقيام بذلك تقدر قيمة استثماراتها، كما يقول الخبراء الاقتصاديون التابعون للمقاطعة بما يقارب 15 مليار دولار . وتشير شركة "بي. إف. سي" لاستشارات الطاقة أن استخراج الغاز من الصخور الرسوبية الذي كان يمثل 1 في المئة فقط من إنتاج الولايات المتحدة، قد ارتفع الآن ليمثل 10 في المئة ولا يزال آخذا في الارتفاع. وهذا الوضع كفيل بنقل مشهد الطاقة من مقاطعة"برومي" إلى خليج المكسيك، وهو ما سيؤدي إلى تخفيض أسعار الغاز، وطمأنة ملاك المنازل الذين يقومون باستخدام الغاز في التدفئة، أو المدن أو الشركات التي تمتلك أساطيل من السيارات التي تعتمد على الغاز كوقود. وتلك التطورات في مجال إنتاج الغاز كان لها تأثير ملموس: فعلى الرغم من أن موسم الشتاء قد بدأ بالفعل في الولايات المتحدة، فإن أسعار الغاز الطبيعي في الوقت الراهن تبلغ ثلث المعدل التي كانت عليه منذ 14 شهرا. ومع توافر هذه الإمدادات الجديدة ، فإن البلاد ستكون أقل عرضة للمخاطر الناتجة عن الكوارث الطبيعية التي تضرب المدن الواقعة على سواحل الخليج، وكذلك أقل اعتمادا على الواردات من الدول الأجنبية. ويشار في هذا السياق أن واردات الغاز المسيل من دول مثل" قطر" و"نيجيريا" و"ترينداد" قد هبطت بنسبة 58 في المئة عام 2008 . والتوقعات الخاصة بزيادة إمدادات الغاز الطبيعي بأسعار أقل، كفيلة بتحويل مسار السجالات التي تدور حول التغير المناخي،كما توجه ضربة قاصمة للاقتراحات الخاصة بإنشاء مصانع فحم جديدة. ونظرا لأن محطات الغاز يمكن غلقها وفتحها بسرعة ـ بخلاف مصانع إنتاج الفحم، ومحطات إنتاج الطاقة النووية. فإن منشآت الغاز الطبيعي يمكن أن تفيد كمكمل لمنشآت إنتاج طاقة الريح والطاقة الشمسية التي يتغير إنتاجها حسب ظروف الطقس. حول هذه النقطة يقول" تيموثي ريث" السيناتور السابق عن ولاية كولورادو والذي يرأس الآن مؤسسة الأمم المتحدة" يو إن فاونديشين":" من الممكن استخدام الغاز الطبيعي كجسر إلى مستقبل مبني على الطاقة المنخفضة الكربون، القابلة للاستدامة". وفي شمال تكساس يتساءل البعض فيما إذا كانت عمليات الحفر المكثفة من أجل استخراج الغاز الطبيعية هي السبب في سلسلة من الزلازل الخفيفة، التي وإن لم يكن كثيرون قد لاحظوها إلا أن حدوثها نفسه كان أمرا غير متوقع لحد كبير مما أثار انزعاج الجيولوجيين ودفعهم لإجراء العديد من الأبحاث والدراسات للتوصل إلى أسبابها. في محاولة للتخفيف من حدة المخاوف والانتقادات تعهدت سلطات بعض الولايات بالعمل على التطبيق الصارم لكافة الشروط والمعايير التي تحول دون وقوع هذه المخاطر، مع الاستمرار في نفس الوقت في عمليات استخراج الغاز على أساس أنه ـ وفي جميع الأحوال ـ أفضل من الفحم التي تعارض الجماعات البيئية أي مشروعات جديدة لاستخراجه، وإنتاجه. محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©