الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخيام تأبى التراجع أمام زحف العمران

الخيام تأبى التراجع أمام زحف العمران
7 ديسمبر 2009 21:32
كم منزل في الأرض يألفه الفتى /وحنينه أبداً لأول منزل.. لم يخطئ الشاعر عندما حصر العشق بأول حبيب، والإلفة بالمنزل الأول، وها هي الخيمة، بيت البدوي في زمن الترحال القسري، تظل مأواه الاختياري في عصر الرسوخ والاستقرار، يستعيد من خلالها تفاصيل عيش الأجداد، ويسترجع طقوس حياتهم الزاخرة بالكثير من مسوغات البهجة فوق ركام المعاناة. بالرغم من النهضة العمرانية الهائلة التي شهدتها دولة الإمارات، والتي وضعتها في مصاف الدول الأكثر عمراناً واستجابة لمفاهيم الهندسة المعاصرة، ثمة ظاهرة تبقى متجذرة في وجدان أبناء الدولة تأبى التراجع أو الانحسار، بالرغم من عوامل كثيرة تبرر مثل التراجع، وهي الظاهرة المتمثلة في انتشار الخيام في البيوت وخارجها مستقبلةً زوارها وضيوفها. وعلى الرغم من أن الخيمة عادة تراثية قديمة منذ أيام البداوة، إلا أنها أصبحت موضوع حديث أغلب الناس هذه الأيام. هل بنيت خيمتك؟ أهي داخل سور منزلك أم خارجه؟ كم كلفتها؟ ما اسم مقاول بنائها؟ وغيرها من الأسئلة التي لا تكاد تفارق بال من هو في استعداد لبناء خيمة في منزله. والطريف بالذكر أن هذه الخيام العصرية أصبحت ملاذ الكثير من الشباب، يتخذونها مكاناً للترفيه، يسرحون ويمرحون داخلها وخارجها وتكون أيضاً مكانهم الخاص للسهر وللسمر. تطور الخيام في ظل العمران يذكر د. محمد أبو العينين، رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الإمارات، أن انتشار الخيام سواء كان داخل البيوت أو خارجها، ظاهرة اجتماعية مرتبطة بالثقافة البدوية الإماراتية ومن شبه الجزيرة العربية، وامتداداً لتراث أصيل، هي تؤدي وظيفة مغايرة لكونها مكاناً للسكن كما كانت في ماضي البدو، وإنَّما كحيز للترفيه، ولاستقبال الزوار خصوصا لفئة الشباب. فـ «الخيمة استمرت، وإن كان في أشكال جديدة بفضل التطور العمراني الذي نشهده في عصرنا هذا، تم استحداث شكل الخيام المعتاد في بناء مقرات للأفراح أو للمعارض أو غير ذلك. أصبحت الخيمة العصرية تحوي شبابيك بزجاج ملون وموزاييك، ثريات ضخمة تتدلى من على سقف الخيمة، تلفاز بلازما بشاشة مسطحة معلق على جدار الخيمة، أجهزة المسرح المنزلي في جميع زوايا الخيمة. والكثير الكثير، فالكل يتفنن في تزيين واستحداث خيمته بأجمل حلة». في بداية الأمر، استغرب البعض انتشار هذه الظاهرة التي تعد مظهر من مظاهر البدو القديمة التي عفا عليها الزمن، إلا أن فئة كبيرة من المجتمع رحبت بهذه الفكرة لما فيها من استرجاع نمط من أنماط الحياة البسيطة القديمة التي مر عليها الزمن، وكاد البعض أن يتناساها. خالد النيادي يستعد خلال هذه الأيام للحصول على خيمته التي استغرق بناؤها وتجهيزها شهرين كاملين، ويقول: «خيمتي هذه ستكون مكان استقبال الضيوف خلال المناسبات، نتبادل فيها التهاني والأحاديث ونتذكر عبق ذكريات زمان الأجداد». بدوره يقول المواطن عوض الشامسي، الذي يغير ديكور خيمته كل شهر: «الخيمة هي مجلس للضيوف وللعائلة، وهي قديمة من قدم أجدادنا، ولكننا استحدثناها وطورناها ببعض الالكترونيات لتواكب العصر، إلا أن عبق الماضي يظل يفوح منها ويذكرنا بحياة أجدادنا». أما محمد سامي، مصري الجنسية، مقيم في مدينة العين منذ ثلاث سنين، فيقول: «أشعر بالسعادة كلما وقعت عيني على بناء جديد لخيمة في منزل مواطني الدولة، لما في ذلك من إحياء لتراثهم الأصيل الذي يكاد أن ينمحي من الذاكرة نتيجة العولمة والتطور السائد، ولا أنكر بأنني أعجبت كثيراً بجمالية هذه الخيام عندما دعاني صديقي ذات يوم لمتابعة مباراة كرة القدم في خيمته». لم يقتصر الإعجاب بالخيام على فئة الرجال فحسب، بل أن بنات الجنس الناعم أبدين إعجابهن بها. حيث تقول سلمى محمد «إنَّ الخيام تعكس تراث الإمارات، ووجودها في المنازل ما هو إلا محاولة من المجتمع بالمحافظة على التراث والتمسك به». تثير دهشة الأطفال أيضاً أحمد علي، طفل يبلغ من العمر الحادي عشر، مقيم في مدينة العين، يتفاخر أمام أصدقائه في المدرسة بخيمتهم التي بناها والده أمام منزلهم المتواضع في العين. ويقول «في مساء كل يوم يجتمع أصدقاء والدي وأصدقائي في الخيمة، نتبادل النكت والأحاجي، نتابع مباراة كرة القدم معاً ونلعب الغميضة حول الخيمة».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©