الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزب الليبرالي الديمقراطي في اليابان··· ومعضلةالحكم

الحزب الليبرالي الديمقراطي في اليابان··· ومعضلةالحكم
21 سبتمبر 2008 01:48
إذا كان ''أوباما'' قد اتهم خصومه بأنهم يحاولون وضع أحمر الشفاه على شفتي الخنزير في مسعى لتجميل ما لا يمكــن تجميله، فإن بعض المراقبين هنا في اليابان يتهمون الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم بالقيام بالشيء نفسه، فالحزب الذي حكم اليابان لنصف قرن من الزمن يبدو أنه قطــع بشكل كلي مع سياسة الأبواب المغلقة التي اعتاد عليها في السابق وتجاوز أسلوب القرارات التي تتخذ وراء الستار، ويظهر ذلك بوضوح من خلال استعدادات الحزب لاختيار رئيس الحكومة القادم، حيث يعرض الحزب مرشحيه الخمسة أمام الرأي العام، بمن فيهم أول امرأة تسعى لهذا المنصب لتظهر صورهم في زوايا الشوارع وعلى شاشات التلفزيون، بعدما أطلقوا دعوات طنانة تطالب بالتغيير، فمع الفشل الذي لاحق رئيسي الوزراء الأخيرين على التوالي، يحاول الحزب استعراض مهاراته في البحث عن مصلح حقيقي يحظى بشعبية واسعة لدى الرأي العام لاستعادة بعض الألق الحزبي المفقود قبل موعد الانتخابات الوطنية الحاسم، أما النموذج الذي لا يكف المرشحون عن استحضاره فهو لرئيس الوزراء السابق ''جونيشيرو كويوزومي'' الذي ساهم خطابه الإصلاحي في إنقاذ الحزب اليبرالي الديمقراطي من أزمته السياسية حتى قبل سنوات تلك التي يواجهها اليوم· لكن ليس واضحاً ما إذا كان التوجه نحو التغيير الذي ينشده الحزب حقيقياً، أم مجرد استعراض ليس أكثر، لا سيما وأن المرشح المفضل للحزب في انتخاباته الداخلية التي جرت يوم الاثنين الماضي، هو نفسه السياسي الذي رشحه خبراء الحزب حتى قبل شهور على بدء الحملة الانتخابية متمثلاً في مرشح نخبة الحزب ''تارو آسو'' - وزير الخارجية السابق ذو الميول المتشددة في السياسة الخارجية- هذا الاختيار دفع بالعديد من المراقبين إلى التساؤل عما إذا كانت الحملة الانتخابية سوى مناورة سياسية ذكية توهم الرأي العام بأن الحزب يبحث عن مرشح إصلاحي في حين عين مرشحاً يبدو إصلاحياً فقط أمام الناخبين في الانتخابات العامة، وفي هذا السياق يقول ''تاكيشي ساساكي'' -أستاذ العلوم السياسية في جامعة طوكيو- ''إن الفرصة الوحيدة أمام الحزب الليبرالي الديمقراطي هو إيجاد مرشح يحظى بشعبية عالية مثل ''كويوزومي''، لكن الحزب متخوف في الوقت نفسه من بروز سياسي آخر على شاكلة ''كويوزومي''، فحسب البروفيسور ''ساساكي'' والعديد من المحللين السياسيين لا يريد الحزب التغيير الكاسح الذي يستطيع السياسيون الإصلاحيون إحلاله، لا سيما وأن ''كوزومي'' لم يكسب شعبيته الواسعة إلا بعدما شن حرباً على حزبه وطالبه بالإصلاح· فقد تقلد ''كويوزومي'' رئاسة الوزراء في العام 2001 في وقـــت كانـــت فيه اليابـــان غارقة طيلة عقد من الزمن في الركود الاقتصادي واحتمال الانهيار المالي، فكان قدومـــه إيذاناً بقلب البـــلاد رأساً على عقـــب من خلال سياسته الاقتصادية و''الكاريزما'' التي يتمتـــع بها، فعلى غرار الرئيس ''رونالد ريجان'' خلال الثمانينات أقنع البلاد بضــرورة القيـــام بإصلاحـــات تنفتح أكثر على السوق، وهي السياســـة التي ضمنــــت للحزب الليبرالي الديمقراطي انتصارات كاسحة في الانتخابــــات العامـــة، ويبـــدو أن الحزب يسعى إلى إعادة تلك الإنجازات الانتخابيــــة والبقـــاء في الحكـــم، لكـــن دون تطبيق السياســـات التي أتى بها ''كويوزومي'' مثل القضاء على التيارات القوية داخل الحزب التي هيمنـــت لفترة طويلة على عملية اتخاذ القرار وتخفيف قبضة الجهاز البيروقراطي القويـــة على الاقتصاد، وقد استقبــل الرأي العــــام الياباني هذه الإصلاحـــات بترحــــاب كبير بعدمـــا مل من الفساد الحزبي من دون القدرة على التصويــــت على المعارضــــة بسبب عدم تجريبها من قبل، ويذكر أنه منذ مغادرة ''كوزومي'' للحكومـــة قبل عامين والحزب يسعى إلى إخراج نفســــه مــــن الأزمـــة لكن دون جدوى، ورغم عودة الفصائل المتنفذة داخل الحزب، إلا أنها فشلت في لعب دورها التقليدي الذي يصنع الأسماء والمرشحين بعدما امتنعوا هذه المرة عن الوقوف إلى جانب مرشـــح بعينـــه· ويبدو أيضاً أن الناخبين لن يسمحوا بعودة الحزب إلى أساليبه القديمة، لا سيما بعدما اضطر رئيس الوزراء الأخير ''ياسو فودوكا'' إلى الاستقالة من منصبه بعد سنة واحدة قضاها على رأس الحكومة بسبب محاولاته الرجوع إلى سياســـة الأبواب المغلقة، كما رفض الرأي العام أيضاً سلفه ''سنزو آبي'' الذي تبنى أجندة يمينية على حساب الانشغالات الاقتصاديــة للناخبين، ويصف العديد من نواب الحزب الليبرالي الديمقراطي في البرلمـــان الحزب، على أنه توقـــف في وسط الطريق ولم يواصل تطوره، فبعدما دمر ''كويوزومي'' آلة الحزب المترهلة، ما زال العديد من أعضائه يقاومون التحول إلى حزب سياسي حديث تجمعه أجندة أيديلوجية واضحة، ويعبر عن هذا الوضــــــع ''تــــــارو كونــــو'' -النائب عن الحزب الليبرالي الديمقراطي في الغرفة الثانية للبرلمان- قائلاً: ''إن الحزب يمر بأزمة حقيقيــة؛ لأنه لا يمثــــل أي فكرة، إنــــه فقــــــط حـــزب السلــطة''، لكن استكمال هـــــذا التحـــول قـــد يستدعي أزمـــة أكبر مثـــل خروج الحزب من الحكـــم، وهــــو ما يوضحه ''كوزو واتانابي'' -أحد أعضاء الحزب الديمقراطي المعارض- قائلاً: ''إن التغيير الحقيقي يعني خلق نظام حزبي ثنائي، لكن الحزب الليبرالي الديمقراطي لا يريد التغيير الحقيقي، إنه فقط يسعــــى إلى ترشيـــح وجـــه شعبي باســـــم الحزب''، هذا الوجــــه ليس سوى ''آســــو'' البالــــغ مـــــن العمـــــر 76 عاماً الذي حاول طيلة الفترة السابقة الترويج لنفسه كشخصية شعبويــــة، ونجح في ذلك إلى حد ما، لا سيما بعد تقدمه في استطلاعات الرأي التي أُجريت مؤخـــراً· مارتان فاكلار- طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©