الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انتعاش الدولار يعجز عن لجم التضخم في منطقة الخليج

انتعاش الدولار يعجز عن لجم التضخم في منطقة الخليج
22 سبتمبر 2008 00:48
فشلت الارتفاعات الأخيرة لسعر الدولار الأميركي مقابل العملات العالمية في تخفيض التضخم في دول الخليج، رغم أن العديد من المحللين كانوا ينحون باللائمة على ربط العملات الخليجية بالدولار الضعيف في إطلاق الضغوط التضخمية في الخليج· وظلت أسعار الدولار تتراجع طيلة فترة الاثني عشر شهراً الماضية تقريباً، بينما استمر تضخم أسعار النفط والأغذية يضرب الدول في جميع أنحاء العالم· ولكن الأسواق شهدت مؤخراً انعطافاً مفاجئاً، إذ إن الدولار وحتى أغسطس المنصرم سجّل أكبر زيادة له أمام اليورو طيلة ثماني سنوات· أما النفط، فبعد أن وصل سعره إلى مستوى 147 دولاراً للبرميل في الحادي عشر من يوليو أصبح الآن يراوح في مستويات أقل من 120 دولاراً، بينما استمرت أسعار السلع الأخرى ابتداءً من الذهب وحتى الذرة تتراجع جميعها· ولما كان المحللون ينحون باللائمة على الدولار الضعيف والأسعار العالية للسلع، فيما أصبحت تشهده دول مجلس التعاون الخليجي من مستويات عالية للتضخم فقد توقع العديد منهم أن هذه التغيرات يجب أن تعمل على رفع بعض الضغوط من على كاهل اقتصاديات منطقة الخليج· وبات من المتوقع أيضاً تقصي التحولات التي حدثت في الأسواق إلى إزاحة تلك الضغوط التي كانت تعاني منها البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي من أجل فك ارتباط عملاتها بالدولار، ولكن الحقيقة فيما يبدو أكثر تعقيداً من ذلك بكثير· فالتغيير الذي طرأ على قيمة الدولار وأسعار النفط لا يزال محدوداً وغير كاف لإحداث تأثيرات مهمة على معدلات التضخم في المنطقة· بل إن هناك العديد من الأسئلة المطروحة والتي تتعلق بمعدى الانتعاش الذي يمكن أن يحققه الدولار في قيمته على المدى الطويل، علماً بأن بنك ميريل لينش الاستثماري الأميركي قد ذكر مؤخراً أن الدولار قد أفرط في الانتعاش وإلى حد الإرهاق· من ناحية أخرى، يقول ماريوسي ماراثيفتيس رئيس دائرة البحوث في مصرف ستاندارد تشارترد في دبي: ''إن مجرد توقف الدولار عن التراجع والانخفاض يعتبر في حد ذاته أمراً إيجابياً بالنسبة للمنطقة، ولكن يجب وضع هذه المسألة تحت منظور تلك التراجعات الحادة التي كان قد شهدها الدولار، فعلى الرغم من انتعاشه، إلا أن الدولار ما زال أضعف بكثير عما كان عليه في نوفمبر من العام الماضي''· وعلى كل، فإن المكاسب التي حققتها العملة الأميركية مؤخراً سوف تساعد على تقليل حجم المضاربات في الأسواق المالية خاصة فيما يتعلق بمسألة إعادة تقييم أو ارتباط عملات دول مجلس التعاون الخليجي· إذ يقول مشتاق فان محلل الاقتصاديات الخليجية في مجموعة سيتي جروب: ''إن ارتفاع قيمة الدولار قد ساعد حقيقة على إزالة الضغوط السوقية من على كاهل البنوك المركزية في دول مجلس التعاون فيما يتعلق بإعادة تقييم عملائها·· ومما لاشك فيه، فإن ارتفاع قيمة العملة الخضراء من شأنه أن يؤدي أيضاً إلى تخفيف حدة التضخم المستورد، إذ إن ارتفاع الدولار سوف يتمخض عن خفض تكلفة الغذاء وسائر السلع الأخرى التي يتم تسعيرها عادة بالعملة الأميركية''· ولما كانت الأرقام الرسمية قد وضعت معدل التضخم في دولة الإمارات في مستوى 11,1 في المائة لعام ،2007 فإن غياث جوكنت كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي الوطني يقول: ''إن نسبة تتراوح ما بين 2 و3 في المائة من هذا المعدل تختص بالتضخم في الأغذية؛ لذا فإن الزيادة في قيمة الدولار يمكن أن تعمل على خفض اللرقم الإجمالي للتضخم بنسبة تصل إلى 2 في المائة نقطة''· وفي الوقت الذي تمثل فيه جميع هذه الافتراضات أنباء سارة لمنطقة الخليج، إلا أن هناك العديد من الآثار الجانبية السالبة التي تأتي في مقدمتها ذلك الانخفاض المفاجئ في حجم السيولة والناجم عن ارتفاع معدلات الإقراض في العملة المحلية بسبب الجفاف الذي أحدثته المضاربات في العملات· وكذلك فإن اقتران وتزامن هذه المشكلة مع أزمة الائتمان العالمية أخذ يرفع من سعر القروض بالدولار، حيث باتت الشركات والمؤسسات تدفع مبالغ أكبر عما كانت تدفعه مقابل اقتراضها قبل عام من الآن· وفي الوقت نفسه فقد أصبح من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة الأميركية في مستويات أقل بكثير من تلك التي ترغب فيها البنوك المركزية في دول مجلس التعاون· ففي داخل الاقتصاد الأميركي، فإن انتعاش الدولار يعني أن السلع والبضائع المستوردة سوف تصبح أرخص قيمة، وهو الأمر الذي سيشجع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على مقاومة الضغوط الرامية لرفع أسعار الفائدة؛ لأن الدولار بوضعه الحالي يعمل على تخفيف حدة التضخم المحلي· أما بالنسبة لمنطقة الخليج، فإن الأمر يعني أن السياسة النقدية ما بين الولايات المتحدة الأميركية ودول مجلس التعاون يمكن أن تستمر في تباين واختلاف· أما الأهم من ذلك فإن انخفاض أسعار النفط لن يصبح بمقدوره سوى توفير القليل من الانفراج في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي المفرطة السخونة· وبصورة عامة، فإن الدولار القوي وتدني سعر النفط بات من المقدر له أن يوفر مجرد سقف أقل بقليل للتضخم عوضاً عن حل المشكلة بشكل جذري· ومن ناحية أخرى، فإن تصاعد أسعار الأراضي سوف يعمل على الحفاظ على أسعار العقارات في مستويات مرتفعة· وهناك أيضاً مخاطر من أن التوقعات بشأن التضخم قد أصبحت مترسخة أصلاً، فالأجور المرتفعة التي تم منحها إلى العاملين والموظفين في الحكومة في جميع أنحاء المنطقة في هذا العام أصبح من المرجح أن تدلي بآثار تضخمية على أسعار السلع كافة، كما ستؤثر أيضاً على المفاوضات بشأن الأجور في القطاع الخاص وبشكل تساهم فيه في رفع وتيرة التضخم· وكل هذا سيعني أن التضخم سوف يظل في مستوى رقم من خانتين أو يكون قريباً من ذلك ولفترة قادمة قد تطول· (عن مجلة ميد)
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©