السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث

حكايات من التراث
22 سبتمبر 2008 00:56
نزل أبو نصر الفارابي بدمشق، ودخل على سيف الدولة بن حمدان، وهو إذ ذاك سلطانها، ووقف بين يديه، فقال له سيف الدولة: اجلس! قال: أجلس حيث أنا أو حيث أنت؟ فقال: حيث أنت· فتخطى رقاب الناس حتى انتهى الى مُسند سيف الدولة، وزاحمه فيه حتى أخرجه عنه· وكان على رأس سيف الدولة مماليك، وله معهم لسان خاص يسارهم به، فقال لهم بذلك اللسان: إن هذا الشيخ قد أساء الأدب، وإني سائله عن أشياء، إن لم يعرفها فاخرجوا به! فقال له أبو نصر بتلك اللغة: أيها الأمير، اصبر، فإن الأمور بعواقبها· فعجب سيف الدولة منه، وعظُم عنده· ثم أخذ يتكلم مع العلماء والحاضرين في كل فن، فلم يزل كلامه يعلو وكلامهم يسفل، حتى صمتوا ، وبقي يتكلم وحده· ثم أخذوا يكتبون ما يقول، فصرفهم سيف الدولة، وخلا به، فقال له: هل لك في أن تأكل؟ قال: لا، قال: فهل لك أن تشرب؟ قال: لا· فقال: هل تسمع؟ قال: نعم· فأمر سيف الدولة بإحضار القيان، فحضر كل ماهر في الصنعة، فخطا الجميع، فقال له سيف الدولة: هل تحسن هذه الصنعة؟ قال: نعم· ثم أخرج من وسطه خريطة ففتحها، فأخرج منها عيداناً وركبها، ثم لعب بها، فضحك كل من في المجلس، ثم فكها وركبها تركيباً آخر، فبكى كل من في المجلس، ثم فكها وغير تركيبها فنام كل من في المجلس، فتركهم نياماً وخرج! فراسة أعرابي قال أبو السمراء: خرجنا مع الأمير عبدالله بن طاهر متوجهين الى مصر، حتى إذا كنا بين الرملة ودمشق إذا نحن بأعرابي قد اعترض، فإذا شيخ فيه بقية، على بعير له أورق، فسلم علينا فرددنا عليه السلام، وكان معنا إسحاق بن إبراهيم الرافقي، وإسحاق بن أبي ربعي، ونحن نساير الأمير، وكنا أفره من الأمير دواب، وأجود منه لباساً· فجعل الأعرابي ينظر في وجوهنا، فقلت: يا شيخ، قد ألححت في النظر! أعرفت شيئاً أم أنكرته؟ قال: لا، والله ما عرفتكم قبل يومي هذا، ولا أنكرتكم لسوء أراه فيكم، ولكني رجل حسن الفراسة في الناس، جيد المعرفة بهم، فأشرت له الى إسحاق بن أبي ربعي، فقلت: ما تقول في هذا؟ فقال: أرى كاتباً داهي الكتابة بين عليه وتأديب العراق منير له حركات قد يشاهدن إنه عليم بتقسيط الخراج بصير ونظر الى إسحاق بن إبراهيم الرافقي: فقال: ومُظهر نُسكٍ ما عليه ضميره يحب الهدايا بالرجال مَكور إخال به جبناً وبُخلاً وشيمة تُخبر عنه إنه لوزير ثم نظر إليّ، وأنشأ يقول: وهذا نديم للأمير ومُؤنس يكون له بالقرب منه سرور وأحسبه للشعر والعلم راوياً فبعض نديم مرة وسمير ثم نظر الى الأمير وأنشأ يقول: وهذا الأمير المرتجى سيب كفه فما إن له فيمن رأيت نظير عليه رداءٌ من جمال وهيبة ووجه بإدراك النجاح بشير لقد عُصم الإسلام منه بذائد به عاش معروف ومات نكير ألا إنما عبدالإله بن طاهر لنا والدٌ برٌ بنا وأمير فوقع ذلك من عبدالله أحسن موقع، وأعجبه ما قال الشيخ· فأمر له بخمسمائة دينار، وأمره أن يصحبه!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©