الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملك التناقض

ملك التناقض
22 سبتمبر 2008 00:59
ممثّل حتى آخر ذرة من كيانه، فكاهي، تراجيدي، ساخر حتى العبث، وواقعي إلى حدود الوجع، برع في تأدية أدوار الخير حتى لكأنه لم يعرف الشرّ يوماً، لكنّه في تقمصه لدور الشرير، يظلّ محتفظاً ببراعته نفسها· يمتلك ملامح مطواعة، تمنحه القدرة على الانتقال بمشاهده من قمة الهزل إلى ذروة الرصانة، ومن منتهى سمات الطيبة إلى آخر ملامح الخبث، يجري ذلك كلّه بغمضة من عينيه المتوثبتين دوماً· هو ملك التناقض غير المتوج، تراه دائماً في الأدوار الثانوية، لكنّ ثانويته لا تنتقص من فعالية حضوره الآسر، ذلك أنّه أحد ممثلين قلائل، ساهموا في إثبات أنّ الصفوف الخلفية لا تعني الهامش بالضرورة، وأدرك أنّ التعامل مع أصحاب المواهب المستجدة، ممن تقل أعمارهم الحقيقية عن مثيلها لتجربته المهنية، لا ينطوي على أي انتقاص، ولا يجدر به بالتالي أن يكون سبباً لأي إرباك· يكاد يكون الأكثر حضوراً على الشاشات، لكنّ وفرة إطلالاته لم تدخله في الاستهلاك، فهو يدرك جيداً كيف يحيل وجوده إلى مادة أنس فائقة العذوبة، بوسعه إقناعك بسذاجته المفرطة، ليحيلك لاحقاً إلى نموذج باهر في السلوك الثعلبي المراوغ، ولا يكون أمامك سوى أن تصدقّه في الحالين، موقناً أنّ الرجل هو التجلي الواقعي لمقولة السهل الممتنع، ذلك أنّه يمثل كما لو أنه يتابع شؤون العيش، أمّا عندما يغيب عن المشهد، ونادراً ما يفعل، فهو يثير بغيابه الكثير من الأسئلة، ويترك العديد من الأمكنة الشاغرة· ينساب بهدوء وإتقان داخل أدواره المتنوعة، ويخرج بالسلاسة نفسها، وبالهدوء إياه نحو دور آخر، مستعيناً على ذلك بوداعة ملتبسة وعفوية مدروسة، وبأناقة لا تقتصر على الملبس وحده، إنّما تطال السلوك والكلام أيضاً
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©