الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قائمة التوسع الخارجي لدى بوتين

4 مايو 2014 22:16
جاك ترايمان وجيريس بانكس ودايفا نفاريت قناصل فخريون لكل من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا بعد الإجراءات التي اتخذتها روسيا في الآونة الأخيرة في أوكرانيا، لم يعد من المستغرب أن تخشى دول أخرى متاخمة لروسيا من وضعها في قائمة توسع الرئيس فلاديمير بوتين، حيث إن هذا التساؤل بديهي بحسب المادة 61 من الدستور الروسي. وتنص هذا المادة على أن «الاتحاد الروسي يكفل لكل مواطنيه الدفاع عنهم وحمايتهم خارج حدوده». وبعبارة أخرى، فإن روسيا ستحمي أي مواطن روسي يتعرض لسوء المعاملة أثناء وجوده خارج حدودها. في ظاهرها، تبدو المادة 61 أمراً معقولاً. ولكنها من الناحية العملية مادة خطيرة، حيث إنها قد تقدم التبرير القانوني لأعمال غير مشروعة قد تحدث خارج حدود روسيا. فالمادة 61 تذكرنا بمادة الاتحاد السوفييتي الخطيرة رقم 58، التي منعت القيام بأي «أعمال مضادة للثورة» داخل الاتحاد السوفييتي أو خارج حدوده. والمادة 61 لا تتضمن أي معايير لضمان الحقوق، كما أنها لا تستخدم الأدوات الدولية لتسوية النزاعات. وحالياً في روسيا، إذا أراد بوتين القيام بأية إجراءات، فسيفعل ذلك. ولكن عند أي حد تقف المادة 61 في النهاية؟ فإذا قامت طالبة أوكرانية على سبيل المثال بصفع طالب روسي، هل ستهرع الدبابات الروسية نحو كييف؟ وإذا ما شكا مواطنون روس في «سانتا مونيكا» من عدم وجود سكن بأسعار معقولة، هل نتوقع من قوات سبيتسناز (التابعة لروسيا) أن تستولي على مجلس مدينة «سانتا مونيكا» وتجري انتخابات تحت تهديد السلاح لتقرير ما إذا كان يجب ضمها للاتحاد الروسي؟ إن المادة 61 تدعو إلى القلق. والواقع أن هجوم روسيا على جورجيا، وضمها لشبه جزيرة القرم قد حول هذه الخطورة التي تتسم بها المادة 61 إلى حقيقة بعد أن قامت الدبابات الروسية والجنود بغزو الدولة المجاورة. إن بوتين يبرر تدخلاته في جورجيا وأوكرانيا من خلال تأكيده على تفويض المادة 61 بحماية المواطنين الروس. وحسب ما ذكر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: «إننا نتحدث هنا عن حماية مواطنينا، وحماية أبسط حقوق الإنسان -الحق في العيش- لا أكثر ولا أقل». وقد فشل لافروف في ذكر أمثلة محددة لكيفية انتهاك «الحق في العيش» في أوكرانيا، ربما لأن الصورة التي رسمها للروس الذين يعيشون في معسكرات الاعتقال تنفيها حقيقة أنه لم يكن هناك طابور من اللاجئين الفارين من أوكرانيا لالتماس السلامة في روسيا. وعلى حد علمنا، لم يطلب الناطقون بالروسية في أوكرانيا حق اللجوء السياسي في روسيا أو أية دولة أخرى. إن المادة 61 ما هي إلا عذر وذريعة. وفي ظل غياب التدابير الوقائية الفعالة من قبل الاتحاد الأوروبي، ومنظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» والولايات المتحدة، سيتواصل الاستشهاد بالمادة 61 واللجوء للمحرضين لإثارة المشاكل من أجل استرداد الإمبراطورية السوفييتية. وبالنسبة لكثير من المقيمين بالجمهوريات السوفييتية السابقة -بمنطقة شرق أوروبا ودول البلطيق مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا- فإن المأساة التي تتكشف في أوكرانيا تعتبر بمثابة الكابوس الذي كانوا يأملون في زواله بانهيار الاتحاد السوفييتي. إنهم يتذكرون الترحيل الجماعي وحالات القتل والحرمان الاقتصادي الذي ساد تحت الحكم السوفييتي. لذا فهم، ونحن أيضاً، نشهد في القرن الحادي والعشرين محاولة لإعادة الحال الذي ساد في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. لقد تفككت الإمبراطورية الروسية خلال فترة الثورة الروسية والحرب الأهلية التي تلتها. وأعلن سكان أوكرانيا وجورجيا وأرمينيا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا -وهي الشعوب التي كانت تعيش في مستعمرات القيصر- استقلالهم. ولكن بعدما عزز البلاشفة من قوتهم، أجبرت كل هذه الدول المستقلة حديثاً على الانضمام مرة أخرى لروسيا، ولكن هذه المرة في إطار الإمبراطورية السوفييتية. ولم ينجُ من الضم المباشر للاتحاد السوفييتي سوى فنلندا ودول البلطيق. وبعد مرور عشرين عاماً، ساعد قتال فنلندا الباسل ضد القوات السوفييتية في حرب الشتاء في الحفاظ على استقلالها المحفوف بالمخاطر مما أدى إلى ظهور مصطلح «الفنلدة» الذي يستخدم لوصف التأثير الذي قد يكون لبلد قوي على سياسات بلد أصغر مجاور. أما دول البلطيق فقد كانت أقل حظاً. ففي إطار اتفاق سري بين هتلر وستالين، أصبحت هذه الدول مرة أخرى جزءاً من الاتحاد السوفييتي. وتذكرنا تحركات بوتين التكتيكية في جورجيا وأوكرانيا بتكتيكات ستالين لإدماج إستونيا ولاتفايا وليتوانيا قسراً في الاتحاد السوفييتي. ومرة أخرى، شهدنا حشود القوات تتزايد على الحدود، وطلبات مدبرة لالتماس الحماية، ثم دخول القوات وإجراء انتخابات تحت تهديد السلاح. لم يعد بوتين يهتم بمحنة الروس خارج روسيا، أكثر مما يفعل بالنسبة لمحنتهم داخل روسيا. إن المادة 61 تقدم ببساطة مبرراً للسذج، وإن منع بوتين مما يقوم لن يكون بالتمني، بل باتخاذ إجراءات ملموسة، وعندها فقط يمكن للجميع أن يستمتعوا بالسلام في هذا العصر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©