السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عباس وأردوغان.. بين الإنكار والأسف

4 مايو 2014 22:16
كريستا كايس براينت القدس في منطقة عُرفت باحتضان مشاعر الكراهية أكثر منها بالتعبير عن الأسف، كان هذا الأسبوع خاصاً جداً. ففي الذكرى التاسعة والتسعين لمذبحة الأرمن تحت الحكم العثماني، عبّر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن «تعازي» بلاده لأحفاد ما بين 600 و1,5 مليون أرمني الذين قضوا في ما يعتبره كثيرون إبادة جماعية. وتزامناً مع شروع إسرائيل في إحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست، وصف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قتل 6 ملايين يهودي بأنه «أبشع جريمة» في التاريخ الحديث، معبِّراً عن «تعاطفه مع عائلات الضحايا والعديد من الأبرياء الآخرين الذين قُتلوا على أيدي النازيين». الأرمن والإسرائيليون رفضوا ما اعتبروها تصريحات انتهازية لزعيمين يوجدان تحت الضغط. لكن بغض النظر عن دوافعهما، فإن تعبير أردوغان وعباس عن تعاطفهما لخصومهما يمثل قطيعة كبيرة مع الدبلوماسية العامة المتعنتة التي ميزت المنطقة باسم «الشرف». ويقول آلون ليل، وهو دبلوماسي إسرائيل مخضرم مثّل بلاده في عدد من البلدان، ومنها تركيا، إن الاعتذار أضحى «وسيلة جد شائعة» في مناطق أخرى من العالم بدءاً من التسعينيات. «لكن ليس في الشرق الأوسط.. وذلك يعزى، في تقديري، لكون عنصر الشرف هذا في الدبلوماسية يُعتبر أكثر أهمية بكثير (مقارنة مع الديمقراطيات الغربية)»، مضيفاً: «إن كل شيء يتعلق بتسجيل النقاط». ومما لا شك فيه أن تصريحات كل من أردوغان وعباس تأتي في وقت يواجه فيه الزعيمان ضغطاً داخلياً ودولياً. ذلك أن عباس عالق في لعبة تبادل اللوم مع إسرائيل بعد انهيار مفاوضات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. أما أردوغان، فيتعرض للانتقاد على نحو متزايد بسبب قمعه مظاهرات الشارع، وادعاءات تتعلق بفساد حكومي، وعدم تحقيق تقدم بخصوص سعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لكن ذلك لا يقلل من قيمة مثل هذه البوادر، حسب أورهان كمال جنيز، وهو كاتب عمود ومدافع عن حقوق الإنسان. وفي هذا الإطار، يقول جنيز، الذي عمل طويلاً مع الأقليات في تركيا: «إنها المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس وزراء تركي عن تظلمات الأرمن»، مضيفاً: «إنه زعيم سلطوي، وقد تكون لديه عيوب كثيرة، لكنه.. تجرأ على المخاطرة. إنه سياسي جريء». والجدير بالذكر هنا أن تركيا كانت تنكر على مدى عقود ادعاءات الأرمن بوقوع إبادة جماعية خلال الحرب العالمية الأولى، عندما أدت عمليات الترحيل والمذابح العثمانية إلى مقتل ما يقدر بـ 1,5 مليون أرميني. وكانت عمليات الترحيل تلك رداً على انتفاضة أرمنية متقطعة دعمت القوات الروسية الغازية. وعلى الرغم من شروع عدد من الأكاديميين الأتراك في تحدي خطاب الإنكار عام 2000، إلا أن استعمال كلمة «إبادة جماعية» ظل جد مثيراً للجدل. لكنهم سعوا سعياً حثيثاً إلى دفع الخطوط الحمراء في وسائل الإعلام التركية والأوساط الأكاديمية، كما بدأ بعض المعلقين يستعملون الكلمة على التلفزيون. واليوم، وفي ظل تصريح أردوغان، «صارت لدى الجميع إمكانية مناقشة» الموضوع، كما يقول هيو بوب من مجموعة الأزمات الدولية في إسطنبول. والشيء نفسه ينسحب على المجتمع الفلسطيني، حيث يفتح التصريح الذي أدلى به عباس الباب لمناقشة وقائع تاريخية يتم تحاشيها بشكل عام خشية تبرير الادعاءات اليهودية بالسيادة على الأرض، وبالتالي تقويض القضية الوطنية الفلسطينية. غير أن إسرائيل رفضت تصريح عباس. وبالمثل، رفضت الجالية الأرمينية في الخارج تعليقات أردوغان، قائلة إن أنقرة «لم تقم سوى بإعادة صياغة إنكارها للإبادة الجماعية». وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول بوب: «عادة ما يكون رد فعل جالية في الخارج على النحو التالي: هذا ليس كافياً، إننا نريدك أن تجثو على ركبتيك، وتطلب الصفح وتندم على ما اقترفته من ذنب». والحال أن كلا الجانبين لديهما دور ليلعبانه في التغلب على الانقسام، كما يقول، مشبهاً العملية بسدود بحرية لا يمكن فتح بوابات السدود فيها إلا عندما يصبح مستوى الماء متساوياً على كلا الجانبين. ويقول بوب في هذا الصدد: «إن الاختباء وراء نسختك المصقولة للأحداث، ورفضك الاعتراف بنسخة أخرى للأحداث، لا يجدي!». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©