السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل الولايات المتحدة بعظمة رياضييها؟

21 أغسطس 2016 22:00
ها نحن نعيش الآن أمام حالة من التشاؤم تطغى على الحملة الانتخابية، وفي وقت يتجه فيه نجم أميركا نحو الأفول، وينطلق البلد على سكّته الخاطئة، وما زلنا نعاني من نتائج إخفاقنا في العراق. وتشهد نسبة الأميركيين الذين يعتقدون أن الديمقراطية هي نظام «سيء تماماً» أو «سيء جداً» لحكم البلد، ارتفاعاً حاداً. وأظهرت بيانات مؤسسة «وورلد داتا سورفي» لاستطلاعات الرأي أن ربع الشبان الأميركيين يحملون هذا الشعور. وتعتقد الغالبية العظمى من الشبان الأميركيين أن على الولايات المتحدة أن تخرج تماماً من نظام العلاقات الدولية وفقاً لتقرير صادر عن «مجلس شيكاغو للعلاقات الدولية». وأما عندما نتابع فعاليات دورة الألعاب الأولمبية، فلا نبدو وكأننا بلد تعيس يواجه مرحلة انحساره. ووصل بنا الأمر إلى الحدّ الذي يدفعنا للشعور بالملل لأننا نكسب تقريباً كل المسابقات!. ولهؤلاء الفائزين الأميركيين قصصهم المثيرة وشخصياتهم الرائعة. لقد كان الأداء الأميركي الأولمبي خلال العقود الأخيرة مثيراً للدهشة. وفيما عدا استثناءات نادرة جداً، فلقد كنا نفوز بما بين 101 و110 ميداليات في كل واحدة من الدورات الأولمبية المتعاقبة. ويبدو الآن أن فريقنا من الرياضيين المشاركين في دورة عام 2016 سوف يفوز بمثل هذا العدد من الميداليات على الأقل. ولكننا لسنا خارقين للعادة لو قدّرنا إنجازاتنا بمقياس نسبة عدد الميداليات لكل فرد أميركي، وهو المقياس الذي تتفوق علينا فيه كل من نيوزيلندا والدنمارك والمجر وأستراليا وبريطانيا، إلا أن أميركا كدولة، حصدت من الميداليات عبر تاريخ الأولمبياد أكثر من أي دولة أخرى. كما أن هذا التفوق يزداد بروزاً واتساعاً بمرور الزمن. وعلينا أن ننتبه إلى أننا نحن الأميركيين لا نحقق هذه الانتصارات لأننا نمتلك رياضيين ذوي مستويات أفضل، بل إن أميركا حققت هذا التفوق لأنها تتبنى أنظمة ممتازة لتحضير وتدريب الرياضيين. ولهذا السبب، فإن الفضل في حصد الميداليات يعزى لنجاح المؤسسات المعنية بتطوير الألعاب الجماعية والفردية. ويحتكم الألمان من جهتهم إلى نظام عظيم للتدريب على رياضات محددة مثل التجديف والسباحة ورمي القرص والمطرقة والسهم. وتمتلك الولايات المتحدة مؤسسات متكاملة التجهيز والإعداد لتحضير الرياضيين المتخصصين بالقفز العالي والسباحة وكرة السلة والجمباز والعدائين والمشاركين في مسابقات الرياضات العُشريّة. والسؤال الذي يقفز إلى أذهاننا الآن هو: هل تمثل الإنجازات العظيمة لمؤسساتنا الرياضية انعكاساً صادقاً لنجاح مؤسسات الولايات المتحدة القوية بشكل عام، أم إننا أصبحنا مثل الاتحاد السوفييتي السابق حيث كانت الإنجازات الرياضية طريقة لإخفاء حالة التعفّن السياسي؟ ولو غضضت الطرف عن الخطاب العصبي الذي يميز الحملة الانتخابية، فسوف تلاحظ أن المؤسسات الأميركية قوية بشكل عام. وخلال العقود الماضية، حققت بعض الدول النامية، مثل البرازيل والهند والصين، أرقاماً ومعدلات نمو مدهشة إلا أنها تعاني الآن من ضعف مؤسساتها وتراجع نموّها. ويمكن القول أيضاً إن النجاح الاقتصادي الأميركي يحاكي نجاحنا الأوليمبي من حيث الضخامة. وذلك لأن المشاكل التي تعاني منها أميركا مؤقتة فيما كانت تهتم بالأمور الجوهرية. ومنها مثلاً أن الدولار الأميركي يمكن اعتباره إلى حد بعيد العملة العالمية. وأن «دائرة الغذاء والدواء» الأميركية تعتبر المؤسسة العالمية الرائدة في وضع المعايير الصحية، كما أن النظام الأميركي لحماية براءات الاختراع والابتكار هو الأكثر أهمية في العالم. ومن بين أشهر 10 علامات تجارية في العالم تختارها مجلة «فوربس» سنوياً، كانت تسعٌ منها أميركية (مثل: آبل وغوغل وآي بي إم.. وغيرها). كما أن الولايات المتحدة منتج رائد لمصادر الطاقة، ولدينا 15 على الأقل من أشهر 20 جامعة رائدة في العالم. وما زالت هوليوود رائدة صناعة السينما أكثر من أي وقت مضى. وما زال المجتمع الأميركي شاباً، حيث يبلغ متوسط عمر الأميركيين 73.8 سنة بالمقارنة مع 64.5 سنة في كل من ألمانيا واليابان. وتستأثر الولايات المتحدة أيضاً بموقع الريادة على المستوى العالمي في كل ما يطرأ على الابتكارات التكنولوجية من جديد، إن كان الأمر يتعلق بالحوسبة السحابية أو بالاقتصاد التشاركي. ووفقاً لما نشرته مجلة «إيكونوميست» البريطانية، فإن 91% من عمليات البحث في الإنترنت تمت باستخدام حواسيب أميركية، وأن 99% من الهواتف المحمولة عبر العالم تعمل بأنظمة تشغيل مصنوعة في الولايات المتحدة. وفي المقابل، شهدت بعض الصناعات الأميركية انحساراً، إلا أن بعضها الآخر يشهد حالة من التوسع والانتشار. ويمتلك مديرو الأصول نحو 55% من الأصول العالمية. وتستقطب الشركات الأميركية اهتمام 61% من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم. ولا يقل النجاح الذي حققته أميركا في ميدان التجارة العالمية عن ذلك الذي حققه رياضيوها في الأولمبياد. ونحن نحتل الآن المرتبة الثالثة بعد سويسرا وسنغافورة في تصنيف أكبر المنافسين في مجال التجارة العالمية وفقاً لتقييم «المنتدى الاقتصادي الدولي». ويمكن أن يضاف إلى ذلك ما هو أكثر أهمية، ويتعلق بالمكاسب والعوائد الكبرى التي حققتها الولايات المتحدة بسبب اتفاقيات التجارة الحرة التي زادت من حجم الصادرات الأميركية بنحو ثلاثة أمثال ما كانت عليه وفقاً لتقييم صحيفة «ذي وول ستريت جورنال». *كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©