الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإهمال والمنافسة والعزوف هموم تؤرق حرفيين موريتانيين

الإهمال والمنافسة والعزوف هموم تؤرق حرفيين موريتانيين
22 ابريل 2013 20:53
سكينة أصنيب (نواكشوط) - تجود يد الصانع الموريتاني بتحف فنية تلعب دورا أساسيا في حجم صادرات الصناعة التقليدية وفي تنمية الإنتاج واستيعاب البطالة، ولا زالت المدن الصغيرة قلاعا حصينة للمهن والحرف التقليدية التي يزاولها الحرفيون والفقراء، والذين نجحوا في الحفاظ على تميزها وخصوصيتها رغم ما واجهته من صعوبات جمة بسبب دخول الصناعات الحديثة وتقنياتها وآلاتها خضم المنافسة، إلى جانب الإهمال الذي تعانيه جراء استثنائها من اهتمامات الحكومة الموريتانية. وبشكل عام تعاني الحرف التقليدية في موريتانيا من منافسة المستورد، وقلة الدعم، وتجاهل المستثمرين، وغياب نظام المواصفات لتحديد معايير الجودة، وقلة الأشخاص المؤهلين لمزاولة الحرفة ودخول المتطفلين، ما يؤثر سلبا على المنتج ومستوى الإبداع والابتكار فيه. ثلثا السكان نجحت الأنشطة التجارية التقليدية والبسيطة مثل خياطة الملابس التقليدية وصناعة السجاد والخيام وديكورات وإكسسوارات الأثاث، إلى جانب إعداد العود والبخور والأرك، لفترة طويلة في إعالة ثلثي سكان موريتانيا وحفظ التراث والتقاليد، وشكلت بالإضافة إلى المهن المرتبطة بالمجال الفلاحي كتنمية المواشي وزراعة الأرز والخضراوات عصب الاقتصاد الموريتاني. ومن أشهر المهن والحرف التقليدية في موريتانيا صناعة الحلي التي يرجع تاريخها في البلاد إلى القرن السادس عشر حيث كانت بعض القبائل المعروفة باسم «المعلمين» تزاولها دون غيرها وتتوارثها الأجيال داخل هذه القبائل، وتأتي خياطة الملابس التقليدية في المرتبة الثانية بعد صناعة الحلي، ثم بعدها تأتي دباغة الجلود وغزل الصوف وصناعة الفخار والحصير والخيام. وتلعب النساء دورا رئيسيا في ازدهار ورشات غزل الصوف والنسيج والصناعات الخشبية والخياطة التي عرفت تطورا كبيرا بفضل دعم الرابطات النسوية، إضافة إلى الدور الكبير الذي تضطلع به النساء في موريتانيا في المجال التجاري البحث من خلال تسيير المحال التجارية. ويعتبر باحثون أن استمرار الحرف القديمة وتطوير المهن المرتبطة بها يستلزم تأطير التعاونيات والرابطات والتكتلات المعنية بها، ودعم وتحسين وضعية عملها، وخلق تعاون مع القطاعات المعنية لرفع حجم صادراتها، وتنفيذ أنشطة اقتصادية واجتماعية لصالح حرفيين العاملين بها خاصة في الوسط الريفي والرفع من الكفاءة المهنية وتأطير ورشات التدريب الحرفي. تقاليد قبلية يقول الباحث الخليل ولد بيروك إن الصناع التقليديين في موريتانيا توارثوا حرفة الصناعات التقليدية منذ آلاف السنين لأنها ظلت محصورة على طبقة «المعلمين» بسبب التقاليد القبلية، التي فرضت عليهم احتراف هذه الصناعة وحرمت غيرهم منها. ويضيف «كان السكان الأوائل الذين استوطنوا الشرق الموريتاني والقرى التي أنشأها المستعمر مكونين من العمال الحرفيين و»العبيد السابقين» الذين تمكنوا من العثور على وظائف صغيرة تتماشى نوعا ما مع وضعهم السابق كخدم منازل وعمال يدويون، ومع تطور المجتمع أصبحوا يمثلون السواد الأعظم من عمال المدن ونقلوا صناعتهم التقليدية إليها». ويؤكد أن الصناع التقليديين ساعدوا على صيانة الذاكرة الشعبية، وإبراز معالم وجوانب مضيئة للعادات والتقاليد، مضيفا «حافظ هؤلاء الصناع على روائع التراث، وساعدوا المجتمع على التشبث بالأصالة والارتباط بالتقاليد والعادات الضاربة في عمق التاريخ، فإصرارهم على المحافظة على هذا الموروث، وصيانة الذاكرة الحضارية والهوية الثقافية يكتسب أبعادا ودلالات كبيرة لاسيما في زمن الاستيراد والأسواق المفتوحة والبضائع المقلدة». ويشير إلى أن الصناعات التقليدية في موريتانيا تعاني الأمرين نتيجة عدة عوامل. ويقول ولد بيروك «في السنوات العشر الأخيرة بدأت الصناعات التقليدية تتعثر وتتراجع في معظم المناطق نتيجة لبعض المعوقات أهمها عدم قدرة السوق المحلي على استيعاب الإنتاج، وانهيار أسعار البيع، وارتفاع أسعار المواد الأولية، وشدة المنافسة بين المنتجين، وظهور نزاعات بين الصناع التقليديين وعزوف الشباب عن العمل الحرفي». ويدعو ولد بيروك إلى الاهتمام بالصناع التقليديين، وتثمين وتأهيل منتجاتهم التي لا يستفيد منها بدرجة كبيرة حاليا سوى التجار والوسطاء بينما الصناع الذين يملكون الحرفة يتحملون عناء هذه الصناعة من دون الاستفادة منها كما يجب. معاناة صامتة يؤكد «المعلم» ميمون ولد بركة أن الصناع التقليديين الحقيقيين يعانون في صمت، وبعضهم لا يجد ما يكفي لمعيشته فأغلب عوائل فئة «المعلمين» مكونة من أسر ممتدة تشمل الأقارب والأعمام، وبسبب ارتفاع نسبة الإعالة والبطالة وتدني الدخول نجد تفاوتا كبيرا في مستويات المعيشة داخل هذه الفئة، ما يدفع بعضهم إلى ممارسة بعض المهن الشاقة والخطرة أحيانا بغية تلبية احتياجات الأسرة. ويشير إلى أن أغلب الصناع التقليديين يقطنون في مساكن مؤقتة مصنوعة من الخشب والصفائح المعدنية، أما متاجرهم ومحال عملهم فهي عبارة عن أكواخ ومساحات عمومية احتلوها من دون إذن من السلطات، مطالبا المسؤولين بانتشال الصناع التقليديين من واقع البؤس والحرمان إلى واقع أفضل يعينهم على الإبداع فيه، وإغناء المجتمع بصناعتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©