الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

براون ··· حان وقت المغادرة

براون ··· حان وقت المغادرة
22 سبتمبر 2008 02:16
في ستينيات القرن الماضي صاغ رئيس الوزراء البريطاني السابق ''هارولد ويلسون'' -الذي كان رئيس وزراء عمالي منكوباً هو الآخر- عبارته الشهيرة: ''ألا ما أطول الأسبوع في عالم السياسة''، أثناء مواجهته لأزمة اقتصادية ساحقة؛ وفي الأسبوع الماضي، واجه رئيس الوزراء الحالي ''جوردون براون'' أزمة اقتصادية في القطاعين المصرفي والعقاري، تعد أسوأ من تلك التي واجهها سلفه ''هارولد ويلسون''؛ من التداعيات السياسية المباشرة لهذه الأزمة زعزعتها وإضعافها لموقف ''جوردون براون'' المزعزع والضعيف سلفاً في صفوف حزبه العمالي وقاعدته الناخبة؛ والآن وبعد 15 شهراً فحسب أعقبت نجاحه في إرغام سلفه السابق ''توني بلير'' على مغادرة المنصب وتقديم استقالته -كي يحل هو محله-، وقد وجد فيها ''براون'' نفسه مواجهاً باحتمال مغادرة المنصب هو الآخر؛ هذا وسوف يتضح يوم غد الثلاثاء، ما إذا سيكون في وسع ''جوردون براون'' الحفاظ على موقعه في قيادة حزب العمال في مواجهة النمو المتصاعد لنفوذ حزب المحافظين، ومن ثم الحفاظ على منصبه في رئاسة الوزارة الحالية، في المناسبة التي تعقد غداً والتي تصفها مصادر من داخل الحزب بأنها حاسمة لمصير ''براون''· المقصود بهذا الحدث مخاطبته للمؤتمر السنوي لحزب العمال الذي سوف ينعقد في ''مانشستر'' يوم غد؛ والأرجح أن ينتبه السيد ''براون'' البالغ من العمر 57 عاماً إلى حقيقة أن عاماً وليس أسبوعاً هي المدة التي تطلبها كل هذا الدمار الهائل الذي لحق بمصيره السياسي؛ ولدى تسلمه حديثاً للمنصب في خريف العام الماضي، كان ''براون'' قد أمضى بضعة أسابيع في تبشير بلاده بإجراء انتخابات عامة مبكرة، وهو ما رجحت استطلاعات الرأي العام التي أجريت حينئذ، أن يحقق فوزاً مريحاً لحزب العمال، إضافة إلى ضمان ولاية رابعة له في رئاسة الوزراء، ليضاهي بذلك الحزب نظيره حزب المحافظين على أيام مجد المحافظين في عقدي الثمانينيات والتسعينيات؛ لكن وعلى إثر انعقاد المؤتمر السنوي لحزب المحافظين في شهر أكتوبر من العام الماضي، متبوعاً بصعود نجم المحافظين في استطلاعات الرأي العام، تراجع ''براون'' عن وعده بإجراء انتخابات عامة مبكرة؛ ولم يمض وقت يذكر على معلقي صحافة ''التابلويد'' البريطانية كي يصوغوا من النعوت والعبارات ما يرسم مفارقات طريفة ولاذعة بينه ورئيس الوزراء السابق ''توني بلير''، خاصة فيما يتعلق بالثقة بالنفس والاطمئنان إلى شعبيته داخل صفوف حزبه وخارجها· ولعل أكبر خسارة سياسية لحقت بـ''جوردون براون'' عقب تسلمه لمهام منصب رئاسة الوزراء، هي سمعته السياسية التي بناها أثناء توليه لمنصب وزير المالية في وزارة ''بلير''، ومن خلال المنصب الأخير استطاع ''براون'' أن يسهم مساهمــــة كبيرة في الازدهار الاقتصادي الذي حققته حكومة ''بلير''، والذي يبدو أنــــه ارتــــد إلى شــــدة وأزمـــة اقتصادية خانقة، تهدد بفقدان ''براون'' لكل ما بناه بيديــه· وكان ''براون'' قد صرح قائلاً في موسمي ربيع وصيف العام الحالي، إن الاقتصاد البريطاني لا يزال بخير، وإن المؤثرات السالبة التي طرأت عليه هي مؤثرات ذات طبيعة عالمية لم ينج منها اقتصاد دولة واحدة على وجه الأرض، وأن مردها إلى أزمة الاقتصاد الأميركي؛ بل ذهب براون إلى وصف الاقتصاد البريطاني بأنه الأقوى على مستوى القارة الأوروبية كلها، ما يمكنه من مقاومة موجة التراجع الاقتصادي العالمي أكثر من غيره؛ إلا أن جميع هذه المزاعم تبخرت الآن فيما يبدو؛ وعلى سبيل المقارنة مع رئيس الوزراء السابق ''توني بلير''، يصف الاقتصاديون البريطانيون خلفه ''براون'' بأنه سمح بإغراق البلاد في بحر من الديون التي يرتبط معظمها بفقاعة أسعار القطاع العقاري، مصحوبة بعجز الحكومة عن التدخل لوضع حد للكارثة؛ وتمضي هذه الانتقادات إلى نعت ''براون'' بإنكار الحقيقة والمراوغة في الاعتراف بها، خاصة على إثر التصريح الذي أصدره الأسبوع الماضي باعتزامه ''تنظيف النظام المالي'' على حد قوله؛ غير أن تلك الانتقادات إزدادت مع استقالة الوزير ''ديفيد كيرنز'' من منصبه الوزاري احتجاجاً على قيادة براون للحكومة الحالية، على رغم إصراره لإنكار حقائق الاقتصاد البريطاني؛ وهذا هو أول وزير يستقيل من حكومة براون في منتصف الأسبوع الماضي· وعلى المستوى الشعبي العام، تشير نتائج استطلاعات الرأي إلى تراجع حاد وغير مسبوق لشعبية كل من ''براون'' وحزبه العمالي، إلى حد يصفه المحللون السياسيون بأنه تراجع ربما لم يعد هناك من سبيل لوقفه؛ خذ لذلك مثالاً نتائج استطلاع الرأي التي أعلنت عنها إحدى أكثر مؤسسات استطلاعات الرأي موثوقية في بريطانيا التي أعلن عنها يوم الخميس الماضي؛ ووفقاً لهذه النتائج فقد تقدم المحافظون على منافسيهم في حزب العمال الحاكم بحوالي 52 نقطة إلى 24 نقطة فحسب، مع ملاحظة أن هذه هي المرة الأولى التي تشير فيها استطلاعات الرأي العام إلى تقدم المحافظين على العمال بفارق يفوق نسبة الـ50% منذ شهر أغسطس مــــن عــام 1988 أي عقـــب فــوز رئيسة الوزراء المحافظة السابقة ''مارجريت تاتشر'' بولاية ثالثة في منصبها؛ والأكثر تهديداً لمصير ''براون'' السياسي، استطلاع إلكتروني مستقل أجراه بعض أنصار حزب العمال، وأعلنت نتائجه في الموقع الإلكتروني لصحيفة ''ذي إندبندنت'' يوم الجمعة الماضي، أشار إلى أن نسبة تتجاوز الـ54% من أنصار الحزب تؤيد أن يتولى قيادة العمال شخص آخر غير ''جوردون براون''· جون إف· بيرنز- لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©