الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وتايوان: التجارة بدل السياسة

30 يونيو 2010 21:12
جوناثان أدامز تايوان وقعت الصين وتايوان صفقة تجارية تاريخية الثلاثاء الماضي ساهمت في إضفاء صبغة رسمية على الروابط التجارية بين العملاق الآسيوي الاقتصادي الصاعد، وإحدى دول النمور الآسيوية المتطورة في مجال التقنية الفائقة، كما نحت جانباً نزاعاً تفاقم ذات يوم إلى درجة التهديد بنشوب حرب. وهذه الصفقة التي أطلق عليها اسم" اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي"، سوف تخفض التعرفة الجمركية على التجارة المتبادلة بين البلدين، والتي تُقدر قيمتها حالياً بـ120 مليار دولار سنوياً، كما ستيسر حصول شركات البلدين على الخدمات التي تحتاج إليها. وهذه الاتفاقيات، ابتعدت قدر الإمكان عن السياسة، وهو ما بدا جليا في إصرار مسؤولي البلدين على التأكيد أن تلك الصفقة تتعلق بالروابط الاقتصادية فحسب. وكان لافتاً للنظر أن الصين استخدمت كلمة" العلاقة بين الشاطئين" دون أن تذكر الاسم الرسمي لكل من الصين وتايوان، كما لوحظ أن التوقيع على الاتفاقية تم من قبل ممثلين شبه رسميين، وليسوا مسؤولين حكوميين. ومع ذلك تمثل هذه الصفقة دليلا واضحا على مدى التحسن الذي طرأ على العلاقات بين الصين الشعبية وبين جزيرة تايوان التي تعتبرها الصين حتى الآن جزءاً منها. حول ذلك يقول "هو شيكنج"، الباحث في "معهد الدراسات التايوانية" التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وهي مركز دراسات وبحوث، مرتبط بالحكومة مقره بكين، يقول إن أهمية اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي، "ترجع جزئيا إلى أن كل طرف يقول للطرف الثاني بموجبها إنه يريد حل المشكلات العالقة من خلال المفاوضات الجادة، بدلا من تبادل الشتائم، والانخراط في حرب سياسية". وفي "شونجكينج" بالصين، حيث تم توقيع الاتفاقية، تنبأ "تشيانج بينكنج"، كبير ممثلي تايوان في توقيع الصفقة، بانبلاج "فجر جديد من الثقة المتبادلة"، بينما قال "تشن يونلين"، كبير ممثلي الصين إن الصفقة سوف "تعزز من القدرة التنافسية للأمة الصينية على المستوى الدولي". لكن المحللين يحذرون من أن الصفقة قد تكون أكثر ما يمكن الوصول إليه بصدد "علاقات عبر المضيق" (وهو مصطلح يستخدم عادة للإشارة للعلاقات الصينية -التايوانية)، خلال السنوات القليلة القادمة، وأن عقد صفقات كبيرة مشابهة لهذه الصفقة أمر غير وارد، إلا إذا ما تمت إعادة انتخاب الرئيس "ما ينج -جيو" المعروف بمواقفه الودية تجاه الصين، في الانتخابات التي ستجرى عام 2012، كما أن فرص إجراء محادثات سياسية أو عسكرية خلال تلك الفترة تعد ضئيلة للغاية. ويشار في هذا السياق إلى أن نسب تأييد الرئيس" ماينج" قد هبطت كثيرا بعد أن أنفق رأسماله السياسي في الدفع من أجل توقيع الصفقة المذكورة مع الصين، حيث وصلت هذه النسبة إلى 28 في المئة منتصف يونيو، بعد أن كانت 40 في المئة في منتصف عام 2009. ومع قيام المعارضة الداعية لاستقلال الجزيرة بشن حملة عنيفة ضد الصفقة مع الصين، فإن الاحتمال الأكبر عند اقتراب موعد الانتخابات هو أن يضطر الرئيس إلى الدخول في أجواء الحملة، فيركز على كسب أكبر عدد ممكن من الأصوات من خلال تبني خطاب يميل إلى التركيز على المصالح التايوانية، ويقلل إلى أدنى حد من الإشارات الودية إزاء الصين. وأمام "ماينج"، وحزبه استحقاق انتخابي صعب هو الانتخابات المحلية التي ستعقد في نوفمبر المقبل، وأيضاً انتخابات تشريعية في أواخر 2011، وفي الأخير انتخابات رئاسية سوف يحاول فيها تأمين إعادة انتخابه. "إن الرئيس خلال حملته الانتخابية سيبذل قصارى جهده كي يثبت للناخبين أن اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي سوف تحقق النتائج الإيجابية التي وعد بها"، هذا ما قاله "جورج تساي"، المحلل السياسي في جامعة الثقافة الصينية في"تايبيه". وقال "تساي" أيضا: "المشكلة هي أن الوقت ضيق وصبر الناس قليل". ورأي "تساي" كذلك أنه" ليس من مصلحة ماينج الدخول في أي حوار سياسي مع الصين... فهذا الموضوع ليس على أجندته... وحتى لو تمت إعادة انتخابه خلال عامين فلا أتوقع الكثير منه". من جانبهم يعتقد الصينيون كذلك أن الوقت لم يحن بعد للدخول في حوار سياسي مع تايوان. والراهن أن العسكريين التايوانيين يحجمون حتى عن الدخول في محادثات مع الصينيين للاتفاق على إجراءات لبناء الثقة. حول هذه النقطة يقول "أرثر دينج"، الخبير الأمني التايواني، "إن المحادثات بين العسكريين في البلدين تحمل في طياتها مخاطرة سياسية كبيرة لحكومة ماينج، كما تحمل مخاطر لحملته الانتخابية أيضا". والتوقيت ليس هو العقبة الوحيدة للمفاوضات بين الجانبين، حيث أكد الرئيس التايواني أكثر من مرة أنه يتعين على الصين أولا سحب ترسانة الصواريخ المنصوبة على الجانب الآخر من المضيق والموجهة إلى تايوان قبل أن يدخل في مباحثات سياسية معها. ويرى كثير من المراقبين أن هذا الموقف قد لا يكون وسيلة جيدة للبدء في مباحثات سياسية بين البلدين.. وهو ما يوضحه "لي"، من جامعة "زيمين"، والذي يقول: "أعتقد أن موضوع الصواريخ يمكن أن يُحل من خلال مباحثات سياسية بين الجانبين، ولا يجب أبداً أن يكون شرطاً مسبقاً للدخول في تلك المباحثات". وهذا الرأي يتبناه أيضا معظم المسؤولين الصينيين. ويشار إلى أن "اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي" سوف ترسل إلى الجهات التشريعية المختصة في تايوان لاعتمادها، علماً بأن المعارضة قد بدأت بالفعل حواراً حول الكيفية التي سيتم بها مراجعة هذه الاتفاقية. وفي نفس الوقت تبدو المعارضة مهيئة لتقديم مقترح جديد، يدعو لطرح الاتفاقية لاستفتاء عام حولها. لكن عدد المقاعد التي تشغلها المعارضة في البرلمان لا يتيح لها إمكانية إعاقة الاتفاقية، ما يعني أن الموافقة النهائية عليها سوف تتم في أواخر الصيف الحالي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©