الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد يوسف يستدعي الزمن الثقافي الجميل

محمد يوسف يستدعي الزمن الثقافي الجميل
22 سبتمبر 2008 02:17
ضمن الفعاليات الرمضانية لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وتثميناً لدور الرواد المحليين في صياغة الملامح الثقافية والفنية والمسرحية المبكرة في المكان، استضافت إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة مساء أمس الأول بخيمة مركز (إكسبو) الباحث والفنان التشكيلي والمسرحي الدكتور محمد يوسف صاحب الإسهامات والعطاءات المؤثرة في الحركة الثقافية بالدولة· حفلت الجلسة الرمضانية الحميمة بطيف واسع من التداعيات والذكريات التي سردها الدكتور محمد يوسف وعبرت عن زمن إبداعي جميل ومليء بالتحديات والشغف الحقيقي والتضحيات الفردية المتجاوزة لقلة الإمكانيات وندرة المشتغلين بالحقل الثقافي آنذاك· بين المسرح والتشكيل بدأ يوسف حديثه بالتأكيد على ضرورة التواصل مع الجيل المؤسس للحراك الثقافي في الدولة بالتوازي مع جهود الجيل الحالي لتحقيق السوية المعرفية وتدوير الخبرات بين الجميع· وعن تجربته الطويلة في حقليْ المسرح والتشكيل قال يوسف: يتميز فن التشكيل بالعمل في فضاء من العزلة والأداء الفردي، بينما ينتصر العمل في المسرح للشغل الجماعي والتعاون مع فريق كامل يسعى لتقديم فن حيوي يخاطب الجمهور ويتفاعل مع ردات فعله المباشرة أثناء العرض، وفي كلا الحقلين فإن شرط الإبداع لابد أن يكون حاضراً ومتحققاً كي لا يتبخر ويتلاشي العمل التشكيلي والمسرحي من الذاكرة الفنية للمكان· وأضاف يوسف: كانت فترة السبعينات من القرن الماضي، هي المحطة التي قادتني ومجموعة من الزملاء المتحمسين للدخول في مغامرة البحث عن الوهج الفني والتلمسات الأولى وسط محيط بكر ومفتقد للهيكلية أو البنية المنظمة للحراك والترويج الثقافي، ولم نكن نسعى خلال عملنا إلى تحقيق أهداف شخصية، أو منافع مؤقتة، بل كنا نحمل هماً حقيقياً ورؤية تتآلف مع الحاضر وتنطلق إلى المستقبل، وكان طموحنا المشترك منصباً على خلق كيان ثقافي محلي ذي ملامح وخصوصية تعبر عن نفسها بقوة، وتنافس البنى الثقافية المجاورة في الخليج والعالم العربي· ثم تحدث عن اهتماماته المسرحية المبكرة، والتي تبلورت في أوائل السبعينات مع تأسيس المسرح الوطني المنبثق من جمعية الشارقة للفنون الشعبية والمسرح، حيث كان الفنانون وقتها يشاركون في الأعمال الدرامية التابعة للتلفزيون الكويتي الذي كان يبث برامجه بالأبيض والأسود، ثم اتجه هؤلاء الفنانون إلى تلفزيون أبوظبي بعد تأسيسه مباشرة، أما الكيان الإداري للمسرح -كما يقول محمد يوسف- فقد تأسس مع المرسوم الذي أصدره صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بدمج مسرح الإمارات مع المسرح الوطني بالشارقة، وكان من المشاركين في هذا الدمج الفنان ضاعن جمعة وعبيد بن صندل وموزة المزروعي وعبدالله المطوع وعايدة جمعة ومحمد عبدالرحمن وغيرهم، ثم انتقلت مجموعة من هؤلاء الفنانين إلى دبي وكوّنوا فرقة مسرح الشباب، وظل مسرح الشارقة الوطني وبالتعاون مع جمعية الإمارات للفنون التشكيلية مواظباً على رفد الساحة المحلية بالعديد من النشاطات والبرامج الثقافية التي كانت تتحسس وجودها في المكان، وكان ذلك قبل تأسيس الدائرة الثقافية في الشارقة· روافد الوعي الثقافي وعن التحول الكبير الذي شهده المسرح في الإمارات قال يوسف: بدأ هذا التحول مع ظهور مسرحية (شمس النهار) من نص لتوفيق الحكيم، ومن إخراج الراحل المبدع صقر الرشود، وكانت أول مسرحية محلية تبث تلفزيونياً وعلى الهواء مباشرة من قاعة أفريقيا بالشارقة، وكان هذا بمثابة حدث ثقافي مهم واستثنائي، واستحقت المسرحية أن تحتل هذه المكانة بسبب مشاركة مجموعة لامعة من الفنانين المبدعين والمتحمسين في هذا العمل· ثم توالت الأعمال المسرحية المفاجئة والمدهشة -كما يقول يوسف- مع ولادة ''مسرح خالد'' بمنطقة المصلى بالشارقة من خلال مسرحيات استقطبت الجمهور والإعلام وقطاعات واسعة من المجتمع مثل مسرحية: ''هارون الرشيد في القرن العشرين''، وكانت الفنانة غصن سالم قد تولت دور زوجة هارون الرشيد، ومن الفنانين الآخرين محمد حمدان بن خادم وعبدالله شريف دبل الذي لم يأخذ فرصته كاملة في الدراما والمسرح رغم موهبته وأدائه الكوميدي والفطري الذي لم يكن يجاريه فيه أحد في ذلك الزمان· وعن بداياته في حقل الفن التشكيلي، ذكر الدكتور محمد يوسف محطات مهمة في مسيرة هذا الفن في الدولة والتي انطلقت مع عودة الدارسين للفنون التشكيلية من الخارج، حيث درس محمد يوسف النحت في جامعة القاهرة، وكانت هناك أيضاً الدكتورة نجاة مكي وعبيد سرور وعبدالرحيم سالم وحسن شريف وعبدالقادر الريس الذي كان يعمل في الكويت، وكانت ولادة الحركة التشكيلية متوازية مع الطفرة المدنية والعمرانية التي شهدتها الإمارات في أواخر السبعينات، وهي الطفرة التي مهدت لوعي مختلف وحاضن للفنون البصرية الجديدة مثل النحت والتصوير والأعمال الزيتية وغيرها من أنواع الفنون العالمية والمعاصرة· وأضاف يوسف: ''إن تطور الوعي الثقافي والفني في الدولة بدأ من خلال ثلاثة أجيال فنية وأدبية وهي جيل الدارسين في دولة الكويت، ثم أتى بعدهم الجيل الذي عاد من العراق، وأخيراً الجيل الذي قدم من القاهرة، حيث ساهم هؤلاء الخريجون في وضع الأعمدة الأولى للبناء الثقافي من خلال العمل التطوعي أولاً، ثم مع العمل الرسمي بالتنسيق مع الهيئات الثقافية الوليدة والمتشكلة مع بداية تأسيس الدولة''· وفي ختام الجلسة الرمضانية، أشار الفنان محمد يوسف إلى ضرورة خلق وتشجيع الأجيال الجديدة المبدعة، وضرورة استقطاب جمهور واع ومتواصل مع البنى الثقافية والنشاطات والبرامج الفنية المتطورة التي تشهدها الدولة حالياً، وخلق هذا الجمهور والجيل المبدع يجب أن تشارك فيه قطاعات متعددة وأهمها -كما يقول يوسف- هي الجامعات وكليات التقنية والمدارس التي يمكن أن تساهم بقوة في تنمية الحس البحثي والشغل الجمالي والفكري والنقدي لدى الطلبة
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©