صالة البورتريه البريطانية تجمع الجديد والقديم

يزداد يوما بعد يوم تأثير الصورة على اللوحة وتكاد تقنيات الصورة بكل القدرات التي وفرها عصر ما بعد الحداثة تحتل المقام الذي كان يحتله اللون والخط والشكل في اللوحة· بمعنى آخر إن اللوحة هنا مع منتجها مع كل قدراته التقنية والإبداعية بما فيها الخيال تتراجع أمام التكنولوجيا والكولاج · الحس يتقهقر أمام الجودة والجدية تحتل مكان الحماسة في العمل الفني · يتجلى ذلك كليا وعلى نحو واسع في فن البورتريه في الوقت الحاضر · لكن هناك تجارب ظلت مخلصة لأصول فن البورتريه الكلاسيكية خصوصا المدرسة الانكليزية التي تحتضن اغلب أعمالها صالة البورتريه الوطنية البريطانية التي أصبحت اليوم إحدى أهم صالات العرض في بريطانيا· في هذه الصالة العريقة يوجد عدد كبير من المعارض ، منها الدائمي والموسمي ومنها الذي يقام لمناسبات خاصة، لكن ما يعرض حاليا وهو معرض افتتح منذ بداية الصيف يركز على البور تريه تحديدا بتقنياته المختلفة، حيث يجد المشاهد في هذه المعارض بورتريهات منفذة بطرق مختلفة طبقا لتوجهات الفنانين المشاركين في هذا المعرض ، لكن اللافت فيه إن اغلب اللوحات منفذة بتقنية كلاسيكية مع عدد قليل منفذ إما بطريقة التنقيط أو بطريقة تجريبية أو باستخدام الشفرة مع محافظتها على الصورة التي لا تخطئ شكل الشخص صاحب البورتريه· انه إخلاص من طراز خاص لروح القرن السابع عشر مع إضافات لونية لا يمكن للعين أن تخطئها· وتعود قصة صالة البورتريه الوطنية البريطانية إلى مارس من عام 1856 وبعد فترة وجيزة من تأكد مكانه في مجلس اللوردات دعا فيليب هنري مع ايرل ستانهوب الخامسة إلى إنشاء هيئة وطنية للصورة الشخصية (البورتريه) أو معرض للصور الأصلية· ستكون هذه الصور لشخصيات لها دور كبير في صناعة تاريخ بريطانيا: رجال دولة او قادة عظام ، مفكرين أو أدباء أو علماء والاحتفاء بمنجزهم التاريخي ولتخليد دورهم سترسم لهم صور شخصية تحتضنها الصالة المراد إنشاؤها· تلقى الفكرة تأييداً واسعا وبعد ثلاثة اشهر من مناقشتها تحت قبة البرلمان يوافق المجتمعون على التصويت ويرصد لهذا المشروع مبلغ 2000 جنيه استرليني تحدت اسم (معرض رسوم الشخصيات البريطانية التاريخية)· وفي ديسمبر نفذ المشروع رسميا من قبل خزانة الدولة · قبل نهاية عام 1856 هيأ جون تيلر اول بورتريه شخصي وكان لخالق اللغة الانكليزية وليم شكسبير وتوالت الرسوم حتى ضمت الصالة بورتريتا لبرنارد شو من عمل برنارد بارتج ثم صورة للملكة فيكتوريا وهي تزور الجرحى· بعض هذه الاعمال أنتج قبل افتتاح المشروع وأخرى أنجزت من اجل المشروع· ولم يمض وقت طويل على افتتاح الصالة التي بدأت تستقطب جمهورا متزايدا ما دفع القائمين عليه الى إجراء تعداد سنوي لعدد الزوار· وباستخدام هذه العينات لوحظ أن الجمهور في تصاعد مستمر ، فمثلا في عام 1980 وصل عدد الزوار الى حوالي نصف مليون زائر، أما في عام 2007 فقد وصل عددهم الى مليون ونصف المليون زائر تقريبا· واحدة من أهداف الصالة هو التعريف بالشخصيات التي صنعت التاريخ البريطاني ، لذا جعلت ادراة الغالري الدخول مجانا وهذا واحد من الاسباب التي ساعدت على استقطاب المزيد من الزوار والسياح· تضم الصالة إضافة إلى لوحات البورتريه أعمالا فنية من مراحل تاريخية تعود إلى القرن السادس والسابع عشر · تقام المعارض الفنية على قاعات هذه الصالة على مدار أيام السنة، منها الدائم ومنها ما يستمر لفصل او لشهر· وهذه الأيام تحتضن القاعة معرض بورتريه التصوير الفوتوغرافي لرائدة فن التصوير في أميركا الجزائرية ( زايدا بن يوسف 1869 - 1933) المولودة في لندن لأب جزائري وأم ألمانية من أصل جزائري أيضا وهاجرت إلى نيويورك عام ·1897 افتتح المعرض في بداية أبريل ويستمر لغاية نهاية الشهر الجاري · وهناك معرض مهم آخر افتتح في بداية يوليو الماضي يضم صورا لأهم رؤساء أميركا ويحتوي على بورتريه لشخصية جورج واشنطن مؤسس أميركا متصدعة قليلاً ولم تشأ الجهات المسؤولة ترميمها وصل سعر هذا البورتريه إلى أكثر من مليون ونصف مليون جنية إسترليني