الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

العلاقة التاريخية بين الإسلام والغرب في كتاب جديد

22 سبتمبر 2008 02:18
كيف يتجاوز المسلمون والغربيون رواسب التاريخ الثقيلة لبناء حوارٍ حضاري مثمر؟ وكيف يتعامل الغربيون مع هويتهم الجديدة التي تتسم بالتعددية الدينية والتنوع الثقافي؟ وكيف يتفاعل المسلمون مع تحديات المستقبل التي تفرزها طموحات العولمة؟ هذه بعض الأسئلة التي جعلها الدكتور مولود عويمر، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة الجزائر، مدخلاً لكتابه الجديد ''الإسلام والغرب بين رواسب التاريخ وتحديات المستقبل''، وهو من منشورات ''المجلس الإسلامي الأعلى'' في الجزائر ويقع في 230 صفحة· ويرى عويمر في كتابه أن مضمون الإجابة عن هذه الإشكاليات التي تشغل الآن العديد من المفكرين في العالم الإسلامي وكذا قادة الفكر والرأي والسياسة في العالم الغربي، هو الذي سيبرز معالم مستقبل العلاقات بين الإسلام والغرب ويحدد موقع المسلمين في هذا العالم المتحرك، خصوصاً أن مشروع الحوار الإسلامي- الغربي يتطلب تصوراً جديداً، لأن رواسب التاريخ الثقيلة بالصراعات والحروب عبر قرون طويلة، تدفع الإسلام والغرب إلى التصادم، في حين أن تحديات المستقبل المشتركة تفرض عليهما التعايش· وانطلاقاً من إيمانه بحتمية هذا التعايش وضرورته وحل هذه المعادلة الصعبة، وضع عويمر كتابه كلبنةٍ في هذا المشروع الطموح الذي يتطلب مشاركة المفكرين المسلمين والغربيين على السواء· وفي الفصل الأول، تطرق عويمر إلى ''رواسب التاريخ'' التي تعد إحدى العقبات التي تحول دون نجاح حوار الحضارات بين الطرفين، ويقصد بها فترات الحروب الصليبية ومخلفات الاستعمار الحديث من جهة والوجود الإسلامي في أوروبا انطلاقاً من الفتوحات الإسلامية للأندلس وجنوب فرنسا وصقلية وأوروبا الشرقية، من جهة أخرى· وقد بقي هذا الحضور في ظلمات التاريخ زمناً طويلاً حتى بدأ الإسلام يبرز من جديد في الثلث الأخير من القرن العشرين كقوة سياسية وثقافية ودينية فاعلة ليشغل بذلك اهتمامات الساسة والمفكرين الغربيين، خاصة أن الزيادة المستمرة لعدد المسلمين في أوروبا وأميركا تشكل تحدياً جديداً للغرب والإسلام معاً، وتطرق الكاتب بهذا الصدد إلى المعارضة الشرسة التي يشنها المتطرفون الغربيون الرافضون لهذا المد الإسلامي، فظهرت بعد أحداث 11 سبتمبر ''إسلاموفوبيا'' متطرفة باتت تهدد محاولات التقارب بين الإسلام والغرب· وتطرق الكاتبُ بإسهاب في الفصل الثاني إلى جذور هذا الحوار لبناء علاقات وثيقة مع الغرب، وتحدث عن سفر العديد من المفكرين المسلمين إلى الغرب منذ عقود طويلة للتعمق في فهم الأسس الفلسفية والدينية والمقومات الاجتماعية والثقافية التي قامت عليها الحضارة الغربية، وتناول نماذج محمد حميد الله والفضيل الورتلاني ومالك بن نبي وعلي شريعتي وسيد قطب وآخرين، ثم أشاد الكاتب بالمؤتمرات والندوات الدولية العديدة التي شاركت فيها منظماتٌ وشخصياتٌ إسلامية وغربية اهتمت ببحث سبل تخفيف حدة التوتر والخوف من الآخر بسبب رواسب التاريخ، ووضعِ أسس التعايش بين الأديان والتقارب المبني على التعارف والتفاهم والاحترام المتبادل للخصوصيات الثقافية والدينية والاجتماعية للشعوب ليسود السلامُ والاستقرار في العالم· وعرَّج الكاتب في الفصل الثالث على ظاهرة العولمة وتأثيرها في بناء مستقبل العالم الإسلامي، فهي مرحلة تاريخية جديدة في تطور البشرية ويجب التعامل معها كواقع جديد والعمل على ترشيدها· وفي هذا الصدد، دعا الكاتب إلى الاستفادة من الحركات الغربية المناهضة للعولمة والتي قويت شوكتها ودخلت مرحلة البحث عن البديل، وهي فرصة ثمينة للمسلمين كي يساهموا في هذه العملية التاريخية من خلال ما يطرحونه من أفكار وقيم غير موجودة عند غيرهم، آملاً أن تؤدي المعركة الدائرة حول العولمة اليوم إلى تشكُّل وعي جديد يساعد على تحسن الأوضاع في البلدان الإسلامية التي تعاني الاستبداد السياسي والتخلف الاقتصادي والركود الثقافي· وخلُص الكاتب مجدداً إلى ضرورة إنجاح حوار الأديان أو حوار الحضارات من خلال التركيز على القواسم المشتركة وترك الرواسب التاريخية الثقيلة بالصراعات والحروب جانباً، داعياً المفكرين المسلمين والغربيين إلى مواصلة العمل في هذا الاتجاه، وكذا الأقليات المسلمة في الغرب إلى الإسهام الفعال في هذا الحوار من خلال الحرص على الاستقرار والتحول على مصدر أمن ورخاء للمجتمع الغربي
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©