الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

منطقة اليورو تتجرع دواء التقشف وتطمح للنمو

منطقة اليورو تتجرع دواء التقشف وتطمح للنمو
22 ابريل 2012
يدور جدل حاد في أوروبا هذه الأيام حول اتباع أفضل استراتيجية ممكنة للقضاء على أزمة ديون القارة السيادية، والمفاضلة بين معايير التقشف أم النمو. لكن يبدو أن القضية ليست بهذه السهولة. وبينما توشك منطقة اليورو على الدخول في ركود ثان في غضون ثلاث سنوات فقط، بدأت الحرب التي انطلقت في الأوساط الإعلامية والعلمية والمالية، في الانتشار إلى المنابر السياسية في فرنسا واليونان وقريباً في ألمانيا التي تمثل مركز قوة القارة. ويقول بيتر بوفنجر، عضو المجلس الألماني للاستشاريين الاقتصاديين «ليس في مقدور أوروبا تبني تدابير التقشف والنمو في وقت واحد، ودول الاتحاد في حاجة إلى التوصل إلى اتفاقية نمو وليس اتفاقية مالية، وأن الإجراء السريع فيما يتعلق بالضرائب والوظائف هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة». ويرى المدافعون عن النمو، أن تبني تدابير تقشف متزامنة حول مختلف أنحاء أوروبا يمكن أن يُفاقم من تراجع الاقتصاد ويزيد من معدل البطالة ويحد من مقدرة البلدان المثقلة بالديون على تخفيف عجوزاتها وعلى استعادة ثقة الأسواق فيها. كما أن خفض الإنفاق الحكومي يقود إلى خفض وظائف القطاع العام وتقليص الطلب وإلى تراجع طلب المستهلك والاستثمار. ويقول جيانكارلو كورسيتي، أستاذ الاقتصاد في جامعة كامبريدج «السؤال هو ما إذا كان يتعين على الحكومات الأوروبية التهاون في الجهود التي تبذلها لخفض العجز الآن، في وقت لا يزال فيه الاقتصاد العالمي ضعيفاً والمصداقية السياسية بعيدة من التحقيق». خفض الإنفاق أما الحلف الذي ينادي بتدابير التقشف، فمقتنع بضرورة خفض الإنفاق للوصول إلى استدامة الأوضاع المالية العامة وبناء جسور الثقة مع المستثمرين وتوفير البيئة الصالحة لنمو لا يعتمد أبداً على القروض والفقاعات العقارية. ويتفق الطرفان على أن الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية لدعم النمو المنتظر عبر إزالة العقبات التي تقف في طريق السوق الأوروبية الموحدة وجعل قوانين العمل أكثر مرونة، يمكن أن تساعد على المدى القريب. وغالباً ما يختلفان حول الوتيرة التي يتم بها خفض الديون. وتضم مجموعة النمو حلفا يتكون من اقتصاديين أميركيين مثل وزير المالية السابق لورانس سومرز، وبول كروجمان، الحائز جائزة نوبل والأكاديمي براد دي لونج، والمرشح الفرنسي الرئاسي فرانسوا هولاند. كما تتضمن قائمة تدابير التقشف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية. وبينما لا يوجد خيار أمام الدول المثقلة بالديون والواقعة تحت طائلة برامج الإنقاذ مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا، سوى الخضوع لمعايير التقشف الصارمة، يقول بعض الخبراء إن خفض الإنفاق على المدى القصير في بعض المناطق الأخرى، يزيد الوضع المالي سوءاً على المدى البعيد. تكاليف الاقتراض وقال بول كروجمان «ما لم نعتقد أن تكاليف الاقتراض لغرب أوروبا يمكن أن تتجاوز 5% سنوياً على المدى البعيد، فإن خفض الإنفاق في الوقت الحالي بغرض تقليص العجز، ربما يقوِّض الوضع المالي العام بدلاً من أن ينعشه». ويرى ديفيد هيل، الاقتصادي الأميركي، أنه يترتب على الدول الأوروبية خفض العجز بطريقة أكثر تدرجاً بتوزيعه على جدول طويل الأجل وليس تنفيذ ما وضعته المفوضية الأوروبية. وما يقوم به الأوروبيون الآن يقود إلى تراجع العائدات ما يعني عدم إمكانية تحقيق الأهداف المالية التي حددوها. ودفعت ألمانيا باتفاقية تفرض غرامات شبه تلقائية على دول منطقة اليورو التي تفشل في الإيفاء بأهداف خفض العجز، وذلك بغية عدم تكرار الأسباب التي أدت إلى حدوث أزمة الديون في المنطقة. ووفقاً للرواية الألمانية، فإن دول منطقة اليورو الهامشية اقترضت أكثر من مقدرتها لتمويل الإنفاق الذي أثقل كاهل الدول والبنوك والأسر بديون طائلة. وتُوصي المفوضية الأوروبية التنفيذية وصندوق النقد الدولي، الدول التي ترغب في خفض عجزها بتقليص الإنفاق بدلاً من رفع المعدلات الضريبية. ويرغب الاثنان في أن تنعش ألمانيا الطلب المحلي بما تنعم به من نمو قوي وعجز قليل، وذلك للمساعدة في إنعاش الاقتصاد الأوروبي ككل. وتخضع كل من إيطاليا وإسبانيا لمعايير تقشف صارمة تفرضها ضغوطات شديدة من قبل أسواق السندات التي فقدت الثقة في مقدرة تلك الدول على تسديد ديونها. وبلغت تكاليف ديون كل من الدولتين المستويات القياسية في السنة الماضية مما أرغمها على الإعلان عن معدلات خفض كبيرة في الإنفاق العام، بالإضافة إلى إجراء إصلاحات في قطاعي المعاشات وقوانين العمل. وارتفعت عائدات السندات الإسبانية مرة أخرى عندما رفض رئيس الوزراء ماريانو راجوي، هدف العجز الذي اتفق عليه سلفه مع الاتحاد الأوروبي، ووضعه لهدف جديد بنسبة أكبر. ويعزي بعض المحللين الحركة التي اتسم بها السوق لفقدان الثقة في السياسة الإسبانية ولمخاوف عدم إيفاء مدريد بالتزاماتها الجديدة، نتيجة لحالة الركود التي تجاوزت التوقعات إضافة إلى بطالة بلغت 23% بما في ذلك عاطل واحد بين كل اثنين من الشباب. ويصعب ذلك من أمر الخيارات السياسية لكل من مدريد وبروكسل. وفي ألمانيا تواجه ميركل، تحدياً لأيدلوجيتها الخاصة بخفض العجز في مناطق أساسية للانتخابات المقبلة ينادي الناخبون فيها بأفضلية النمو على التقشف. أما في فرنسا، ذكر المرشح الرئاسي الفرنسي هولاند، أنه يضع إنعاش النمو وليس خفض الإنفاق على رأس أولوياته. وقال «تعتمد صدقية خفض الديون أولاً وأخيراً على تعافي الاقتصاد». كيفية التنفيذ ويقول العديد من الاقتصاديين، إن المشكلة ليست في هدفه لزيادة النمو، لكن في طريقة تنفيذ ذلك الهدف، حيث يخطط هولاند لتحقيق ذلك من خلال زيادة الضرائب للأغنياء وللدخول الاستثمارية والبنوك، في وقت يعمل فيه على توفير مئات الآلاف من الوظائف المدعومة للشباب. ويجري ذلك في بلد يشكل فيها الإنفاق العام 55% من الناتج الاقتصادي والعبء الضريبي واحدا من بين الأعلى في أوروبا. ويرى حتى الذين يرغبون في تهدئة أوروبا لوتيرة خفض العجز، أن على فرنسا بذل المزيد من الجهود في سبيل تحقيق ذلك الخفض. نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©