الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعليم... مفتاح الحل في أفغانستان

9 ديسمبر 2009 00:53
جريج مورتنسون ليس مضطراً للاعتماد على مراكز الدراسات والبحوث أو وثائق السياسات السرية لإيجاد الطريق إلى أفغانستان أفضل حالًا؛ ذلك أن متسلق الجبال هذا ابن ولاية مونتانا الأميركية الذي تحول إلى بانٍ للمدارس -ورُشح مؤخراً لجائزة نوبل للسلام -يعتمد على ما يمكن تسميته مؤشراته الخاصة، وذلك بناء على زياراته وأحاديثه مع الأطفال في الولايات المتحدة وأفغانستان. فخلال الأشهر القليلة الماضية فقط، تحدث مع عشرات الآلاف منهم. ويقول مورتنسون: "إني أسأل دائماً التلاميذ الأميركيين كم مرة يتحدثون مع أجدادهم حول الأحداث التاريخية المهمة التي وقعت في الماضي؛ ودائماً يرفع 10 في المئة منهم فقط، على أكثر تقدير، أياديهم ". ويطرح السؤالَ نفسه في المناطق النائية من أفغانستان، حيث نجح في بناء 80 مدرسة، يركز الكثير منها على تعليم الفتيات. وهناك، يبدو أن الإجابات تعكس الصحة الاجتماعية للمجتمع. ففي القرى والبلدات التي لم تفرض فيها "طالبان" إرادتها على السكان، يقول مورتنسون إن 80 في المئة من الأطفال تقريباً يردون على سؤاله بالإيجاب. أما في المناطق حيث يتركز مقاتلو "طالبان" الأجانب والمحليون، ونسجوا علاقات بالقاعدة أحياناً، فلا أحد تقريباً يرفع يده. في وقت تعهد فيه الرئيس أوباما بإرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان في الأول من ديسمبر من أجل استئصال الإرهابيين في أفغانستان، يشير "مورتنسون" إلى أهمية أن يكون الجهد مقروناً بجهد آخر، ألا وهو تعليم قاعدة المجتمع. ذلك أن سبب التطرف الديني وتحريف التعاليم التي أتى بها القرآن هو الجهل والأمية والبطالة، كما يقول، وكلها أمور يمكن التقليل من تأثيرها أو محوها بواسطة التعليم. غير أن الأقسام الدراسية لا يمكن أن تقوم إلا إذا ساهم السكان المحليون في نجاحها. ويشرح "مورتنسون" قائلاً إن "طالبان" تنجح لأنها تعرقل النظام الاجتماعي على المستوى المحلي عبر قطع علاقة التعلم التي بين الأطفال ومجالس الشورى (المجالس القبلية)، مضيفاً: "ولكنك عندما تقوم بذلك، فإنك لا تمحو أهمية التاريخ والهوية المحليين فحسب، وإنما تنسف أيضا قدرة "الملالي" (الزعماء الدينيين) على أن يكون لهم تأثير إيجابي على الشباب". والأهم من مستويات الجنود أو الميزانيات الحربية، حسب "مورتنسون"، هو الفوز بالثقة على المستوى المحلي؛ والطريقة التي ستتصرف بها الولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة من مهمتها في أفغانستان، هي التي ستحدد ما إن كانت ستغادر البلاد من دون أن تضطر إلى العودة لاحقاً. ومثلما يشير إلى ذلك عنوان كتاب مورتنسون الذي كان من بين الكتب الأكثر مبيعا في 2006 "ثلاثة فناجين شاي" (يذكر أن كتابه الجديد هو "من الحجارة إلى المدارس" الذي يبدأ من حيث توقف كتابه الأول)، فإن العلاقات تتطور ببطء في جلسات الشاي، وهي رسالة أدت إلى تغير في الفهم لدى كبار القادة العسكريين الأميركيين، تغير بدأ خلال السنوات الأخيرة من إدارة بوش. فهذا الأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان الذي اختاره أوباما بعناية، وجد نسخة من كتاب "ثلاثة فناجين شاي" في انتظاره بالقرب من سريره وضعتها زوجته ديبورا. كما وصل "ثلاثة فناجين شاي" أيضاً إلى الجنرال ديفيد بترايوس، رئيس القيادة الوسطى الأميركية؛ والجنرال ستانلي ماكريستال، الذي طلب مؤخرا 40 ألف جندي إضافي. وهو كتاب يجب على كل عسكري أميركي في المنطقة أن يقرأه. وقد استدعى مولن وبترايوس مورتنسون إلى اجتماعات في البنتاجون، حيث استعمل هذا الأخير خرائط ليقودهم في جولة افتراضية عبر البلاد، مشيراً إلى بعض المناطق التي كان عصياً على القوات البرية الأميركية اختراقها تقريباً، ومخبراً إياهما بأسماء "مجالس الشورى" والملالي الذين يتعين الاتصال بهم. ويقول مورتنسون: "إن الكثير من الوجهاء والأعيان الذين أعرفهم غاضبون حقاً من الأميركيين... ولكن الأمر لا يعزى إلى حضورنا العسكري بقدر ما يعزى إلى الاعتراض والاحتجاج الشديدين اللذين تتسبب فيهما الطائرات من دون طيار وقاذفات القنابل التي تهاجم الأماكن التي يشتبه في أنها مخابئ لمقاتلي "طالبان" ولكنها تقتل الكثير من الأشخاص الأبرياء". فـ"مجالس الشورى" تقول إنها إذا كانت ترحب بالجهود الرامية إلى القضاء على الإرهابيين، فإنها لا يمكن أبداً أن تتحمل أو توافق على ما كانت إدارة بوش تسميه "الخسائر الجانبية". غير أن ما أذهل مولن أكثر من أي شيء آخر هو كيف استطاع مورتنسون بناء المدارس في مناطق لاقت فيها الولايات المتحدة أشرس مقاومة وأثقل الخسائر. ويذكر هنا أن مدرسة واحدة فقط من مدارس مورتنسون تعرضت للهجوم من قبل طالبان في وقت يحاول فيه الأصوليون، الذين يعارضون تمكين المرأة، إحباط تعليم الفتيات بالعنف. وحسب اليونيسيف، فإن نحو 850 مدرسة قُصفت أو أحرقت أو دمرت في أفغانستان خلال 2007، مقابل 600 في باكستان المجاورة. والجدير ذكره أيضاً أن "مورتنسون" بدأ بناء المدارس في أفغانستان وباكستان قبل الحادي عشر من سبتمبر. وفي غضون هذه الفترة، قام بأكثر من 36 زيارة إلى المنطقة. الكابتن جون إف. كربي، الذي يسافر مع "مولن" ويقوم مقام المتحدث باسمه، يقول إن رئيس هيئة الأركان المشتركة أُذهل بمدى إلمام مورتنسون بالاختلافات القبلية في أفغانستان. ويقول كربي: "سأل (مولن) جريج كيف استطاع إحراز التقدم، وكان جواب جريج "لماذا لا تأتي وترى الأشياء بنفسك؟". فقبل "مولن" دعوة مورتنسون لافتتاح مدرسة جديدة للفتيات في يوليو الماضي في وادي بانشير ورأى عن كثب التأثير – ولكن فقط بعد أن جلس مولن وسط الشيوخ والأعيان واحتسى الشاي معهم. ويقول مورتنسون: "يتعين علينا أن نضع أوجهاً بشرية على بعضنا بعضا... إن الأدميرال مولن لم يذهب إلى هناك لتُلتقط له صور مع الأهالي، وإنما أراد أن يرى بأم عينيه الأشياء على حقيقتها.. وما نتج عن ذلك هو الاحترام المتبادل". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: مونتانا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©