الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشاطبي لحظة فارقة بين أنصار التجديد ودعاة الجمود

الشاطبي لحظة فارقة بين أنصار التجديد ودعاة الجمود
23 سبتمبر 2008 00:26
يكاد يكون الإمام الشاطبي، هو ختام المجددين في العصور الوسطى الإسلامية، التي شهدت آخر مراحل التطور الإسلامي، والتي بدأ بعدها العالم الإسلامي يدخل في مرحلة ثبات قسرية بفعل العديد من المتغيرات التي أحاطت به داخلياً وخارجياً· وقد كان صاحب نزعة إصلاحية تجديدية ظهرت في كتابيه الموافقات، الاعتصام· شهدت هذه المرحلة كما يقول عبد المتعال الصعيدي في كتابه ''المجددون في الإسلام من القرن الأول الهجري إلى القرن الرابع عشر '' اشتداد الصراع بين أنصار التجديد وأنصار الجمود، فكان لموقفهما من الفلسفة وعلومها الأثر البالغ على الجدل الذي ثار خلال تلك الفترة· ويدرج عبد المتعال الصعيدي الإمام الشاطبي ضمن المجددين في القرن الثامن الهجري، ويتفق معه رشيد رضا في كتاب ''تاريخ الأستاذ الإمام''· ولد الشاطبي بمدينة شاطبه شرق الأندلس عام 585هـ وهو ليس عربيا فهو إبراهيم بن موسى بن محمد أبو إسحاق اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، وكنيته التي عرف بها أبو إسحاق، ومع أنه برع في علوم العربية، فلم ينته نسبه إلى قبيلة من قبائل العرب، بل هو عالم أعجمي بربري ممن سبق أجداده للإسلام· يقول الصعيدي إن الشاطبي تتلمذ على يد الكثير من العلماء من الشيوخ الغرناطيين والوافدين الذين أحسنوا إعداده الأدبي والعلمي في شتى الفروع العلمية، ومن هؤلاء الفخار البيري، أبوجعفر الشقوري، أبو سعيد بن لب، وأبو عبد الله البلنسي· ولم يزل مجتهداً في طلب العلم حتى برع فيه، وصار من كبار أئمته، تكلم في كثير من المسائل مع علماء عصره· كان حريصاً على اتباع السنة البعيدة عن البدعة والشبهة، حتى حدث الصدام بينه وبين شيوخه لشيوع البدعة بينهم وتساهلهم في شأنها إرضاء للعامة وأشباههم، فلم يسلك في هذا مسلكهم، لكونه كان ينهج نهج المتقدمين من العلماء، فكأن لا يأخذ الفقه وعلومه سوى من كتب الأقدمين· وبذلك الإمام الشاطبي حاز فنون كل العلوم الشريعة· يقول عدنان علي اسبيته، في كتابه ''تعطيل الأحكام الشرعية عند الإمام الشاطبي، أنه تميز بمنزلة عالية رفيعة بين علماء الشريعة الإسلامية، فتتلمذ على يديه الكثير من العلماء ، فكان الشاطبي بذلك نجماً ساطعاً بين علماء عصره· وللإمام الشاطبي مؤلفات كثيرة في مختلف علوم العربية والشرعية، كالنحو والصرف والاشتقاق والأدب والشعر وعلوم الحديث وفقهه والفقه وأصوله والتصوف والبدع·· وبدت النزعة الإصلاحية كما يقول الصعيدي عند الشاطبي في كتابين من أهم كتبه وهما: كتاب الموافقات، وكتاب الاعتصام، حيث تتكشف أبعاد منهجه العلمي ــ الإصلاحي الذي اعتبر تجديداً في عصره· يصف عدنان اسبيته دور الشاطبي بقوله: ''انه يتمثل في نظرته الشاملة في أخذه للعلوم، ثم رعته يد الله لينشأ نشأً بعد آخر، لمرحلة يكون الإسلام أحوج إلى علمه الزاخر، تماشياً مع حاجة الإسلام المتنامية يوما بعد يوم، لما يَجِدُّ من حوادث، فيكون امتداداً بأصل التشريع إلى فرعه، لتكتب السلامة والنجاة لأهل هذا الدين الحنيف·'' وكان الشاطبي كما يقول الصعيدي كابن تيمية وابن قيم الجوزية، مجدداً من ناحية الفقه وأصوله· فتميز برؤية خاصة لم يقف أمام الكثير ممن أتى بعده، وتحديداً في رؤيته للنصوص·· وذلك بإثبات الكلية والجزئية، وإثبات الاستقراء كدليل لإثبات الحكم بمجموع الصور لا بعضها، وربط أطراف المسائل النقلية بقرينتها العقلية، واستنباط الأحكام منها· وفي رؤيته للمعاني أخذ بالمصالح وضبطها بضوابط سليمة، ثم قسَّمها، كما نظر إلى علاقتها بالتعليل· ويقول عدنان، كانت المصلحة كما ألمح إليها الشاطبي، هي باب يضم روح التشريع لكثير من الأحكام التشريعية، والتي أتت نصوص الشريعة وأحكامها معبرة عنها، مع ذلك فإن أخذ الإمام الشاطبي بهذه للمصالح، كان مقيداً بشروط ذكرها هو مما يجعله في دائرة التشريع لا خارجها، وحصرها في: عدم الخروج على مقاصد الشريعة بشيء، مما يضمن انسجام أحكام الشريعة مع بعضها مع عدم مخالفتها لمصادر التشريع؛ وألا يناقض أصلاً من أصول التشريع، مما يضمن الثبات في مسيرة التشريع
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©