الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا.. واستعراض القوة في سوريا

22 أغسطس 2016 21:24
استعرضت روسيا من جديد عضلاتها في سوريا يوم الجمعة الماضي، وأطلقت لأول مرة صواريخ كروز على أهداف من السفن الحربية في البحر المتوسط، بعد أيام من بداية القصف من قاعدة في إيران. وتبدو التحركات العسكرية الجديدة جميعها، وكأنها لإثبات أن لدى روسيا القدرة على الضرب من جميع الاتجاهات تقريباً في منطقة كانت تحاول إعادة تأكيد قوتها فيها، ولذا فهي تضرب من إيران، ومن سفن حربية في بحر قزوين، ومن قاعدة في سوريا في محافظة اللاذقية الساحلية، والآن من البحر المتوسط. وبدورها، أكدت الولايات المتحدة أيضاً قدرتها العسكرية بطريقة جديدة، من خلال الدفع بطائراتها لحماية قواتها، وحماية من تدعمهم، من الضربات الجوية التي تشنها قوات الحكومة السورية. وقد أصدرت وزارة الدفاع الأميركية تحذيراً واضحاً للحكومة السورية، بعد أن قامت طائراتها الحربية بضرب المنطقة الخاضعة لسيطرة الأكراد، حيث كان أفراد من الجيش الأميركي هناك. وفي هذا السياق، قال النقيب «جيف ديفيس»، الناطق باسم وزارة الدفاع: «ننصح النظام السوري بعدم التدخل ضد قوات التحالف، أو أي من شركائنا». ويبدو أن المحادثات قد توقفت بين روسيا والولايات المتحدة بشأن اقتراح لتنفيذ عمليات مشتركة في سوريا ضد الجماعات المسلحة التي تعتبرها كل من الدولتين إرهابية. وقد ازدادت وتيرة الضربات الجوية التي تشنها روسيا والحكومة السورية في الآونة الأخيرة، مع عدم إحراز تقدم في الأفق لإيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب. وبينما تقول روسيا والولايات المتحدة، إنهما تتشاركان في الهدف المتمثل في هزيمة تنظيم «داعش» في سوريا، إلا أنهما تشنان حروباً موازية بشكل منفصل ضد الجماعة المسلحة، وفي الوقت نفسه تدعمان جانبين متناقضين في الصراع بين حليف روسيا رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومعارضيه الآخرين، ومن بينهم المعارضون الذين تدعمهم الولايات المتحدة. وقد ساعدت القوات الجوية الروسية التي دخلت الحرب في الخريف الماضي، الأسد في البقاء في السلطة، وإحراز تقدم على الأرض ضد المعارضين. وتقدم الحرب كذلك للرئيس فلاديمير بوتين مجالاً عاماً لإثبات قوته، ولكي يظهر أيضاً لخصومه أسلحته الجديدة المتطورة. وصواريخ كروز الروسية لا تعد نقطة تحول في الحرب، ولكن القاذفات البعيدة المدى التي تحلق من إيران، والحمولات الأثقل التي تستطيع حملها، تشكل تهديداً جديداً للمسلحين المعارضين والمدنيين. وكانت وزارة الدفاع الروسية ذكرت يوم الجمعة الماضي، أن سفينتين من الأسطول الروسي في البحر الأسود، هما «زيلوني دول»، و«سيرباخوف» قد أطلقتا ثلاثة صواريخ من مواقع في شرق البحر المتوسط قبالة سواحل سوريا. وتعد صواريخ «كاليبر» إضافة جديدة للترسانة الروسية، وهي تشبه صواريخ كروز- توماهوك الأميركية، وهي كذلك، مثل توماهوك، قادرة على حمل رؤوس نووية، ولكن ضمن العشرات من الضربات التي تنفذها روسيا يومياً، فإن الهجمات الصاروخية الثلاث كانت هي الأكبر. وقالت الوزارة، إن الصواريخ أصابت ثكنة عسكرية، ومركزاً للقيادة، ومستودعاً للأسلحة تابعاً لجماعة «جبهة فتح الشام»، التي كانت تدعى حتى وقت قريب «جبهة النصرة»، وتتبع رسمياً تنظيم «القاعدة». والأهم من ذلك من الناحية العسكرية، هو قرار إطلاق قاذفات بعيدة المدى من إيران بدلاً من موسكو كما كان يحدث من قبل. وقد دخلت الولايات المتحدة، أيضاً، على خط المواجهة يوم الجمعة الماضي. وقال البنتاجون، إن الطائرات سارعت بالتحليق فوق شمال شرق سوريا في تحذير للحكومة، بعد أن أصابت الطائرات الحربية السورية مناطق يسيطر عليها المقاتلون الأكراد الذين يتعاونون مع الجيش الأميركي لمحاربة تنظيم «داعش». أما القوات الحكومية والقوات التي يقودها الأكراد، فتخوض مناوشات بين الحين والآخر، وجاءت الغارات الجوية الحكومية وسط أكثر الاشتباكات خطورة حتى الآن. وكان تحليق الطيران الأميركي هو أقوى رد من الولايات المتحدة على الضربات الجوية التي شنتها القوات التابعة للحكومة السورية، على رغم أن الهجمات السورية والروسية أصابت مراراً وتكراراً جماعات من المعارضين العرب الذين تدعمهم الولايات المتحدة، وكذلك مستشفيات ومدارس ومناطق مدنية. وقد أثار التحرك الأميركي تذمراً من بعض معارضي الأسد، الذين قالوا إن الولايات المتحدة تبدو على استعداد لتقديم حماية أقوى لحلفائها بقيادة الأكراد أكثر من جماعات المعارضة الأخرى أو المدنيين. وقال المتحدث باسم «البنتاجون»، إن قاذفتين طراز «سو-24» ضربتا يوم الخميس مواقع بالقرب من مدينة الحسكة في شمال وسط سوريا، ولكن الغارات لم تصب أياً من أفراد الجيش الأميركي. ودفعت هذه الحادثة الولايات المتحدة للاتصال بالجيش الروسي، الذي أشار إلى أن طائراته لم تشارك في الضربات، حسب ما ذكر الناطق باسم «البنتاجون». وحث مسؤولون أميركيون الروس على الاتصال بالحكومة السورية، وتوصيل رسالة واضحة: «إن الطائرات الأميركية ستدافع عن القوات على الأرض إذا واجهت تهديداً». * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©