السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإبداع كوسيلة للحوار بين أميركا والعالم الإسلامي

الإبداع كوسيلة للحوار بين أميركا والعالم الإسلامي
30 يونيو 2010 21:54
بعد عام من خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في جامعة القاهرة، والذي حمل نقاطاً جوهرية لمبادرة تعمل على تقارب الدول العربية والإسلامية، واستقبلته الشعوب العربية والإسلامية بتفاؤل كبير، باعتباره يعد نقلة نوعية في النظرة الرسمية الأميركية للعالمين العربي والإسلامي، جاء هذا المؤتمر “مبادرات في التعليم والعلوم والثقافة لتنمية التعاون بين أميركا والدول الإسلامية” الذي عقد أخيراً بمكتبة الإسكندرية بمشاركة نخبة من المثقفين والفنانين والإعلاميين مثلوا ما يزيد على 40 دولة عربية وإسلامية وغربية، ليضع النخب على اختلاف مجالاتها في مواجهة تساؤلاتها وهمومها أمام بعضها بعضاً، للوصول إلى سبل تحقيق وخلق بيئة نقية وسليمة تدفع إلى تغيير مفاهيم الشعوب الخاطئة عن بعضها بعضاً، وتقريب الرؤى بينها. المؤتمر الذي ضم جلسات وورش عمل ومحاضرات، وامتد على مدار أربعة أيام، وجه إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما رسالة قال فيها إنه في إطار العمل المشترك من أجل مناقشة القضايا السياسية والأمنية التي كانت دائماً محل توتر، “يجب أن نعمل على عقد شراكات جديدة بين حكوماتنا وبين شعوبنا لبحث القضايا التي تهمنا في حياتنا اليومية؛ مثل العيش بكرامة، والحصول على تعليم، والتمتع بصحة جيدة، والعيش في سلام وأمن، وأن نمنح أبناءنا مستقبلاً أفضل. دعونا نعمل على خلق عالم مبني على المبادئ المشتركة بيننا: العدالة، والنمو، والتسامح، والكرامة للبشرية جمعاء”. وأعلن أوباما في رسالته التي ألقاها نيابة عنه د. رشاد حسين، المبعوث الخاص به إلى منظمة المؤتمر الإسلامي: “إن البداية الجديدة التي نسعى إليها ليست ممكنة فحسب، وإنما بدأت بالفعل”، وأضاف: “إننا نحتاج إلى جهد مستدام للاستماع والتعلم واحترام بعضنا بعضاً، وأن نسعى إلى أرضية مشتركة تجمعنا. إنني أحث المشاركين جميعاً على اتباع هذه المنهجية وهذا النموذج في استكشافكم للقضايا الحيوية التي ستشكل مستقبلنا المشترك، وأن نبني على بدايتنا الجديدة”. ضمور التفاؤل وقد أكدت السفيرة الأميركية بالقاهرة مارجريت سكوب، في افتتاح المؤتمر مضمون الرسالة، وقالت “إن الإدارة الأميركية تحاول من خلال عدد كبير من سفاراتها ومؤسساتها أن تحقق أكبر قدر من التعاون والحوار وتبادل الأفكار مع الدول الإسلامية، وذلك بناء على الرؤية التي قدمها الرئيس أوباما من خلال خطابه في القاهرة العام الماضي. ورأت فرح بانديث الممثلة الخاصة للمجتمعات الإسلامية في وزارة الخارجية الأميركية أن المؤتمر يعد مبادرة غاية في الأهمية لمناقشة رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما في التعاون بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية، مشيرة إلى أن جهود الإدارة الأميركية في خلق روابط مع الدول الإسلامية تأتي من الإيمان الكامل لأوباما في الالتزام بمخاطبة الدول الإسلامية وسماع أفكارها، وهو ما عبر عنه ليس فقط في خطابه للدول الإسلامية في القاهرة، بل في الخطاب الذي ألقاه لحظة توليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. وقال د. إسماعيل سراج الدين إنه على الرغم من أن البعض لم يتفاءل من خطاب أوباما الذي جاء محملاً بالوعود لبدايات جديدة من التعاون، إلا أن هذا الخطاب قد أنتج مناخاً جديداً للتعاون بين المؤسسات الأميركية والعالم الإسلامي، مشيراً إلى أهمية الحوار بين الأطراف للقضاء على المفاهيم الخاطئة وتقبل الآخر واحترام القيم، وأوضح أن دول الغرب عليها أن تتفهم أن الإسلام لم ينتشر بالقوة بل هو دين التسامح والسلام، وأن الحضارة الإسلامية وعلماء المسلمين قدموا على مدار التاريخ العديد من الإنجازات التي ساهمت في تطور البشرية. وأكد أن العلاقات غير المستقرة تتطلب إعادة النظر في الأوضاع الراهنة وحماية حرية التعبير وتبادل الآراء والأفكار لتحقيق التطور المطلوب. وحرص السفير هشام يوسف مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية على التأكيد على أن جامعة الدول العربية كانت من أوائل الجهات التي قامت بدراسة خطاب أوباما وبادرت بوضع عدد من المشروعات والمبادرات في مجالات التعاون التي طرحها الرئيس الأميركي في خطابه، ولكن الحوار مع الجهات الأميركية لم يثمر عن شيء، ولم تتلق الجامعة العربية أي ردود حيال المشروعات المقترحة. وأكدت كلمة رئيس المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “الايسيسكو” د.عبد العزيز التويجري والتي ألقها عنه د. محمد بن صالح “إن تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي لا يتأتى بحملة علاقات عامة وإنما بتغيير سياساتها تجاه قضايا العالم الإسلامي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إن المواقف والسياسات الأميركية المتعلقة بفلسطين هي السبب في الصورة السلبية لها لدى قطاعات واسعة من النخب والشعوب الإسلامية”. المفاهيم الخاطئة في جلسة “مناهضة المفاهيم الخاطئة: نظرة ثقافية” شدد الفنان خالد أبو النجا على أن الفن يعد لغة عالمية بين الدول والثقافات، إضافة إلى كونه أفضل وسيلة لمحاربة المفاهيم الخاطئة. وأضاف أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أثّرت في العلاقة بين الدول الإسلامية والولايات المتحدة، وأن الغضب الذي يشعر به كل طرف تجاه الآخر، لا يزل موجوداً، وبالتالي يتعين توجيهه في الإطار السليم، وإلا سينمو ليدمر الجميع. وأكد دور الفن في التقاء وتجاور الثقافات وخلق بيئة إنسانية مشتركة بين مختلف الأطراف والثقافات وقال لنتصور مدى تأثير فيلم يتم تصويره بأي من اللغات العربية أو العبرية أو الإنجليزية على مختلف المتلقين في أنحاء العالم، “إنه يشكل أفكار وتوجهات ورؤى الناس، الأمر الذي يجعلني حريصاً على أن أكون أميناً فيما أقدمه من أعمال في تصوير ما يدور حولي” وقال الكاتب والسيناريست هاورد جوردون إن سلسلة 24 التليفزيونية الأميركية التي يقوم بإنتاجها، جاءت عقب أحداث 11 من سبتمبر في ذروة الغضب الذي يشعر به الأميركيون تجاه منفذي تلك العمليات الإرهابية، وهو ما أدى إلى إظهار شخصيات مسلمة إرهابية في السلسلة، فحدث ما يشبه التعميم. وأضاف أن القائمين على العمل قابلوا عدداً من المسؤولين في المنظمات الإسلامية الأميركية؛ مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية “كير”، وهو ما جعلهم يدركون وجود مسؤولية ملقاة على عاتقهم لردم الفجوة وتحقيق التقارب، فتم إدخال شخصيات أميركية مسلمة في السلسلة تعمل من أجل بلادها، إلى جانب إضافة شخصيات تضررت من حالة “الزينوفوبيا” أو الخوف من الأجانب. ورأى الفنان الأميركي بيتر ويلر في التعليم خاصة في مراحله الأولية السبيل الأمثل والأقوى لمناهضة المعتقدات والمفاهيم والصور الذهنية الخاطئة التي يمكن للإعلام أن يروج لها أحياناً، وأشار إلى أنه عقب الأزمة المالية العالمية، لم تعد المدارس العامة في أميركا تدرس الموسيقى والفن، واللذان يعدان من الوسائل الرئيسية لتحقيق التقارب ومعرفة ثقافات الشعوب الأخرى، لافتاً إلى أنه عرف عن مصر والحضارة المصرية من خلال فنها وليس السياسة. الكويتية د.سهام الفريح، قالت إن العرب والمسلمين يطالبون الغرب باحترام ثقافة وفكر الإنسان العربي الإسلامي، في الوقت الذي هم لا يفعلون ذلك، وقالت إن أمرين الآن ندور في فلكهما الأول التهافت على الماضي ونبذ الحاضر، والثاني قبول الحاضر من دون تراثنا الحضاري. وشددت على أنه يجب علينا قراءة موروثنا الثقافي وتاريخنا بفهم ومن دون تحيزات مسبقة، وأن نقدم تراثنا بشكل صحيح للجميع، وليس للنخبة فقط. وأكد الفنان والكاتب الباكستاني المقيم في أميركا سلمان أحمد أن منفذي عمليات الحادي عشر من سبتمبر لم يخطفوا طائرات فحسب، وإنما خطفوا ثقافة ودينا؛ حيث أدت تلك العمليات إلى وصم كل مسلم ظلماً على أنه إرهابي. ولفت إلى أنه كفنان يعزف موسيقى الروك، يرى أن تلك الموسيقى هي وسيلته لتحقيق الوحدة والتمازج الثقافي والسلام. وأوضح د. علي الدين هلال العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه من الخطأ التركيز على الثقافة فحسب لتحقيق التقارب من دون الجوانب الأخرى؛ حيث إنها تتأثر بالسياسة والاقتصاد والظروف المجتمعية وما يحدث في العالم. ورأى أن العرب حالياً قل لديهم التسامح، كما قل التزامهم بصحيح الدين، وذلك لكونهم يشعرون بالظلم والمعاملة غير العادلة والمعايير المزدوجة التي يتعامل بها الغرب مع قضاياهم خاصة القضية الفلسطينية، إضافة إلى العوامل الداخلية من أمية وظروف اقتصادية. وأدان هلال تمركز الغرب حول ذاته وأنه يرى نفسه محور العالم وأنه على الآخرين أن يكيفوا أنفسهم على قواعده. وأضاف أن عهد أوباما حدثت فيه تطورات إيجابية وسلبية على صعيد السياسة الخارجية، وأن الحديث عن التعاون بين العالم الإسلامي وأميركا لا ينفي أن تكون هناك خلافات بين الجانبين. الثقافة والإعلام رأت سنثيا ب. شاندر السفيرة السابقة للولايات المتحدة في هولندا في محاضرتها “التفاعل الثقافي لتدعيم العلاقات بين أميركا والمسلمين”، أهمية دمج الفنون والثقافة والإعلام في توطيد العلاقة بين الولايات المتحدة والمسلمين في أنحاء العالم، وأن تعمل الفنون والثقافة من خلال البحث عن السبل الفعالة في زيادة الوعي عن الثقافات الأخرى وتقويض الأنماط المقولبة وإبراز الجانب البشري المشترك الذي يربط بين جميع السكان المسلمين وغير المسلمين. وقالت سنثيا إن التعبير الإبداعي يمكن في كثير من الأحوال تفادي الرقابة والاستحواذ على الجمهور وتعتبر الأفكار التي يتم نقلها عن طريق الفنون والإعلام قادرة على اختراق المجتمعات والانتشار السريع، خاصة إذا ما تم إدراك قيمة التعبير الإبداعي في أشكاله كافة، والعمل على دمجه في الاستراتيجيات الأوسع للدبلوماسية والتنمية والتغيير الاجتماعي. وأكدت أن التعبير الإبداعي بمختلف أشكاله يمكنه أن يتجاوز الاختلافات السياسية والثقافية والدينية من أجل إضفاء صبغة إنسانية، وإيجاد أرضية مشتركة، وقالت في تقديمها الندوة إن بعض الروايات السينمائية قادرة على تخطي الحدود، كما أن أجهزة الإعلام والتداخل الاجتماعي الجديدة يتيحان التوسع في مدى تأثير الأعمال الإبداعية والتي تعمل في الوقت نفسه على تعزيز الدبلوماسية وتحسين الاستراتيجيات الخاصة بالتنمية الاقتصادية والمجتمعية. واعتبرت سنثيا الإنتاج المشترك ونماذج الشراكة العامة ـ الخاصة في مجالات السينما والتليفزيون والموسيقى والإعلام من أفضل الممارسات لتحقيق التفاعل بين الشعوب والفهم الصحيح بينها، وخاصة إذا ما تم التبرع بالمواد التي تم إنتاجها في كل الدول العربية وأميركا والدول الإسلامية. واقترحت السفيرة الأميركية السابقة تنظيم أحداث ثقافية فنية مثل إقامة حفل موسيقي أو مهرجان سينمائي أو معرض فني أو مهرجان سينمائي، وقالت “يمكن تنظيم حدث أكبر ذي جاذبية وتطويره يتم فيه الجمع بين الموسيقيين الغربيين والشرقيين وتنظيم عرض كبير في كل العالم الإسلامي والولايات المتحدة أو العمل على بث الحفل على الصعيد الدولي، كما يمكن إنشاء بوابة ثنائية الاتجاه على شبكة الإنترنت وذلك لتشجيع الإنتاج السينمائي المشترك، وتيسير الإنتاج في الموقع للشركات الأميركية في العالم الإسلامي” وأضافت “يمكن أن تتيح هذه البوابة المقترحة لصانعي السينما الأميركيين والشركات شراء السيناريوهات والمواقع من خلال تقديم معلومات شاملة ومتوافرة عن صناعة السينما في العديد من الدول الإسلامية، مع عرض أفكار القصص التي يقدمها كتاب من العالم الإسلامي، والتعرف إلى التفاصيل الخاصة بالقدرات الفنية المحلية”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©