الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء توني موريسون.. في مهب الريح

نساء توني موريسون.. في مهب الريح
30 يونيو 2010 21:57
توني موريسون Toni Morrisson، وهي اليوم في الثانية والسبعين من عمرها تعدّ هرماً في الأدب الأميركي الحديث، ونجمة تضاهي شهرتها، وربما تفوق، شهرة نجوم هوليوود، وهي الأديبة الزنجيّة الوحيدة التي نالت جائزة “نوبل” للآداب. لها شعبيّة طاغية، حتى أنّها إذا خرجت إلى الشارع فإنه يتم إقامة الحواجز على الأرصفة لمنع الازدحام وضمان أمن الجمهور الكبير المتعطّش للاقتراب منها والحديث إليها. إنها فعلاً ظاهرة، فلها من الكاريزما والتأثير، إلى درجة أن كبار السياسيين ومنهم الرئيس الأميركي باراك أوباما يتقرّبون إليها ويتوددون إليها سعياً لكسب رضاها ونيل تأييدها، وإذا حضرت توني موريسون إلى مكتبة في إحدى المدن الأميركية للتوقيع على إحدى رواياتها، أو حضرت إلى قاعة للالتقاء بقرائها فإن الازدحام يبلغ أشده.. إنها فعلاً نجمة. صدرت في أميركا قبل أشهر رواية توني موريسون الجديدة “هبة” التي شكلت حدثاً مهماً، وقد تمت ترجمتها إلى لغات عديدة، منها اللغة الفرنسية التي صدرت طبعتها قبل أسابيع. وموريسون، أستاذة جامعيّة تدرّس إلى اليوم الأدب في إحدى الجامعات الأميركيّة، وتمتلك داراً للنشر، وقد أصدرت روايتها الأولى وهي في الثامنة والثلاثين من عمرها بعنوان “العين الأشد زرقة”. أما “هبة”، روايتها التاسعة، فتروي قصّة تدور أحداثها في القرن السابع عشر في بداية ظهور العبوديّة بعد أن تمّ القضاء على الهنود الحمر. وتجري الأحداث في حقل لزراعة التبغ يمتلكه أحد الأوروبيين من النازحين الجدد، وهو سيّد الحقل ويعمل تحت إمرته مجموعة من الخدم والعبيد. وتتضمّن الرواية وصفاً اجتماعياً دقيقاً لفترة مهمة من تاريخ الولايات المتحدة الأميركيّة، وتحلّل أحداثها أول مظاهر الاحتقان الاجتماعي نتيجة لمظاهر العنصريّة والعبوديّة في أميركا وقتها. تأثرت موريسون ببعض الروائيين الأميركيين السود وكذلك بعض الشعراء الأفارقة السود الذين أثروا فيها أكثر من الشعراء السود الأميركيين الذين قالت إنهم يتجهون بشعرهم إلى الجمهور الأبيض، وهم، حسب رأيها، يسعون في شعرهم لتقديم تفسيرات وشروح أمام الطبقة الحاكمة من البيض. مضيفة: “ولذلك أنا عندما أكتب فإنني اتجه إلى السود أوّلاً من دون أن أسعى للتغيير، وإني عندما أروي حكاية فإنني أقدّم وصفاً لا تفسيراً، ولعلّي بذلك أكون قد أخطأت، ولكن المؤكّد أنّي رفعت حواجز”. وعن سؤال حول رؤيتها لدور الأدب أجابت: “أن أكتب هو مجهود متواصل لفهم الإنسان، والأسئلة التي أطرحها ككاتبة هي من نوع: ما هي واجباتي ككاتبة؟ ماذا أفعل فوق هذه الأرض في حين أنّ آخرين يهلكون؟”، وتابعت: “إنّني أتعلّم حينما أكتب”. سئلت توني موريسون في حديث صحفي مع مجلة “لير” (اقرأ) الفرنسية عن المعنى الذي تعطيه للمواطن الأسود الأميركي بعد فوز باراك أوباما بالرئاسة فأجابت: “إنّ السود أصبح لهم اليوم نفوذاً سياسياً أكبر من ذي قبل، وإنني اليوم أنتظر من باراك أوباما الحكمة والوضوح وخاصّة النزاهة، وإنني أجد فيه رجل سياسة جيّد ولا أقول هذا لأنّه أسود مثلي، ولو لم يتمّ انتخابه، لوصل الأمر بالولايات المتحدة إلى حدّ الكارثة”. ولكنّ موريسون تردّدت في الإعلان على الملأ أثناء الحملة الانتخابيّة لباراك أوباما عن مساندتها له، وهي تروي خلفيات موقفها ذلك قائلة: “لم أكن واثقة منه على غرار الكثير من الأميركيين”، مضيفة: “لم أكن على معرفة به، وكنت معجبة بهيلاري كلينتون، وهي التي كنت سأمنحها صوتي، ثمّ بدأ أوباما بحملته الانتخابيّة، وأخذ في البروز وطالعت خطبه، ولم يكن لون بشرته محدداً لي لتأييده، ثمّ ذات يوم اتصل بي وطلب منّي مساندته علناً في اجتماع عام فأخبرته إنني لم أفعل ذلك مع أيّ مرشح سابق للرئاسة، فأنا أريد أن أبقى كاتبة ولا أريد الالتزام سياسياً مع أي كان، وانتهت المكالمة بيننا بوعد مني بأنّني سأفكّر في الأمر. وفي نيويورك طلب منّي أشخاص أعرفهم الانكباب على برنامج أوباما والتعمّق في دراسته واكتشفت، فعلاً أنّ أوباما رجل مثقف وذكيّ، وبقيت فترة طويلة أتابعه كملاحظة وانتهيت إلى أنّه رجل سياسة بليغ، وله قدرة على الدّفاع عن قناعاته وآرائه واقتراح الحلول للمشاكل العويصة المطروحة، ولا يردّد ما يكتبه له الآخرون. وبعد مطالعتي لكتاب “أحلام والديّ” والذي روى فيه سيرته الذاتيّة وجدت أنه كتاب رائع وعميق، ثمّ أتيحت لي فرصة اللقاء به وعبّر لي عن إعجابه بإحدى رواياتي ومدى تأثّره بها، وكان بيننا نقاش وحوار. إنني أرى أنّه رجل جدّي قادر على قيادة بلد كان يسير نحو الهاوية، وهو قادر أيضاً على وضع البلاد على سكة الوجهة الحسنة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©