السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تاجر القماش والملابس وزوجته داهية الزمان

تاجر القماش والملابس وزوجته داهية الزمان
30 يونيو 2010 22:03
إشق سوقان * ترجمة: عبد القادر عبد اللي كان في قديم الزمان امرأة ورجل. وفي أحد الأيام قرر الرجل أن يذهب الى الحج. لهذا بدأت في البيت تحضيرات السفر. اصطحبت المرأة جواريها، وذهبت الى السوق المسقوف، لتشتري لزوجها ألبسة داخلية. دخلت الى دكان أحد تجار القماش والملابس. ولكنها عندما دخلت الدكان رأت البائع وسيماً جداً، فأعجبها، وتعلقت به بكل قلبها. اشترت ما أرادت شراءه، وعادت الى البيت، ولكن قلبها وعقلها بقيا في دكان التاجر. بعد أن ذهب زوجها مع القافلة الى الحج، وضعت المرأة طحيناً في صينية، ووضعت إبريقاً مليئاً بالماء وسط الطحين، وألقت في الإبريق ورقة عريشة عنب. ثم ربطت رقبة الإبريق بشريط أحمر. وطلبت من خادمتها أن تأخذ الصينية للتاجر. تركت الخادمة الأمانة في الدكان، وعادت الى البيت من دون أن تتكلم بأي كلام. ولكن التفكير جرف معه التاجر الشاب. لم يكن يستطيع أن يعطي تفسيراً لما جُلب له، وكان كلما فكر يزداد ضيقه. وفي النهاية استفسر من جيرانه أصحاب الدكاكين. ولكنهم لم يفهموا شيئاً أيضاً، ولم يقولوا شيئاً. عاد الرجل مساء الى بيته عابس الوجه. جلس في زاويته. ووضع يده على صدغه، وبدأ يتذمر. اقتربت منه زوجته، وسألته: - هل أنت مريض يا أفندي؟ لماذا يبدو عليك الكدر؟ أخشى أن تجارتك ليست على ما يرام؟ قال التاجر: - هناك امرأة أرسلت الى أحد أصدقائي شيئاً غريباً. سألني عن معناه، لم أفهمه. وأنا أفكر فيه. - ما هذا؟ - صينية مليئة بالطحين، وفي وسطها إبريق مليء بالماء، ورقبة الإبريق مربوطة بشريط أحمر، وفيه ورقة عريشة عنب. لم نفهم معناه. - يا إلهي، لنقل إنك ساذج، ولكن هل أصدقاؤك سذج أيضاً؟ ما الغامض في هذا؟ المرأة تدل صديقك الى بيتها. - إيه، حسناً، أين البيت إذاً؟ - أين سيكون؟ الطحين وسط الصينية: حي قبان الطحين، والإبريق: الصنبور. ورقة العنب فيه: البيت ذو العريشة. والشريط هو لون طلاء البيت. أي أن عنوان البيت هو: قبان الطحين، البيت المقابل للصنبور، ذو العريشة، والمطلي بالأحمر، هل فهمت الآن؟ - ها! الآن فهمت. أحسنت يا زوجتي الذكية. غداً سيذهب صديقي الى ذلك البيت إذن. وأنا سأنتبه الى دكانه. عن إذنك، نا لن أكون غداً في البيت. - حسناً، وأنا أيضاً سأحضر لك ألبستك الداخلية والخارجية. يجب أن تكون غداً نظيفاً عندما تنتبه الى الدكان. حضرت المرأة لباس عرس للرجل، وأجدّ الألبسة الداخلية. وكانت تبتسم بخبث وهي تفعل هذا. في اليوم التالي، ذهب التاجر الى قبان الطحين وهو بأكمل هندامه. استقبلته الخادمة الزنجية، وأدخلته الى غرفة الضيوف معززاً مكرماً. وبعد ربع ساعة، جلبت له فنجان قهوة، وذهبت. وانتظر التاجر سيدة البيت من دون جدوى. جاع كثيراً، وكاد يغمى عليه من الجوع. وعندما اتجه الى الباب عازماً على الخروج عندما طلع الصباح، ظهرت الخادمة الزنجية مرة أخرى. ودست المرأة بيده منديلاً رُبطت به عشر بارات. وقالت له: - أرسلت السيدة لك هذا. وغابت عن أنظاره. وصل التاجر الى دكانه. وسأل أصدقاءه المقربين عن معنى المغامرة التي عاشها، ولكن أحداً لم يستطع الخروج بشيء من هذا الأمر. وفي النهاية فكّر الرجل: “إذا كان هناك من سيعرف معنى هذا، فليس هناك غير امرأتي”. وهز كتفه. عاد مساء الى بيته وهو يفكر، وبعد تناوله الطعام، جلس في زاويته، وسألته زوجته: - ما هذا يا سيدي؟ بماذا تفكر مرة أخرى؟ - بماذا سأفكر؟ ذهب صديقي الى بيت المرأة. واستقبلته الخادمة، وأدخلته معززاً مكرماً الى غرفة الضيوف. بعد هذا لم يمر عليه أحد حتى الصباح. وعندما طلع الصباح، وأراد الرجل أن يخرج، ظهرت له الخادمة، ودست بيده منديلاً رُبطت به عشر بارات. سأل أصحاب الدكاكين كلهم، فلم يعرف أحد منهم معنى هذا، ولم يخرج من هذه القضية. وأنا أفكر بهذا. - آآآ! ما أبسط هذا؟ ذهب الرجل الى البيت خاوي اليدين، وأرادت المرأة أن تقول له: “ألا يوجد حتى عشر بارات؟”. - أحسنت يا امرأة، غداً سيذهب صديقي الى ذلك البيت إذن. وأنا سأنتبه الى دكانه. لهذا السبب، لن أكون هنا غداً. - كما تريد يا سيدي. وضحكت في سرها كثيراً. في اليوم التالي، ذهب الرجل وهو يحمل منديلين مليئين بمأكولات شهية جداً، قابلته السيدة هذه المرة. حُضرت الأطعمة والمشروبات، وعندما بدأ حديث التحية والسؤال عن الحال والخاطر، سألته المرأة: - لماذا لم تأت في الليلة الأولى؟ - لم أفهم معنى ما أرسلته، وهذا هو السبب. - حسناً، من فهمه؟ - زوجتي. في هذه اللحظة بالضبط، عرف أبناء الحي أن رجلاً غريباً دخل الى هذا البيت، فداهموه. وأخذوا الرجل والمرأة الى المخفر. وقالت له المرأة في الطريق: - يا تاجر أفندي، إذا رأيت أحد أصدقائك في الطريق، فاطلب منه أن يلقي ثلاثة أحجار الى بيتك. وليخبرك بما تقوله زوجتك حول هذا. قال التاجر: - حاضر. وضعوهما في نظارتين منفصلتين. ومر عليهما على هذا النحو شهر. وبينما كان التاجر ينظر الى الطريق من النافذة المغطاة بقضبان حديدية، رأي صديقاً له، فناداه، وقال له: - يا هذا، اذهب الى بيتنا، وارم على النافذة ثلاثة أحجار، وتعال وأخبرني بما تقوله زوجتي. قال صديق التاجر: “حاضر”. وفعل ما طُلب منه. وكانت المرأة جالسة في بيتها تحيك، وتعد الأيام. وعندما ألقى الصديق أول حجر، نادت السيدة على خادمتها: - آآآ! يا سعيدة، سيد بيتنا دُهم. وعندما ألقي الحجر الثاني: - يا سعيدة! السيد يطلبني. وعندما ألقي الحجر الثالث: - يا سعيدة! غداً نذهب لرؤية سيد بيتنا. سمع صديق التاجر هذه الكلمات، فذهب، ونقل له ما سمعه. في الجهة الأخرى، شمرت زوجة التاجر عن ذراعيها، وحضرت محشي ورق العنب، ثم طبخت حلاوة طحينية. وفي اليوم التالي، حملت قدر محشي ورق العنب، وقدر الحلاوة الطحينية في عربة، وذهبت الى باب النظارة. أعطت الحارس عند الباب بضع ليرات: - يا أفندي، رأيت البارحة ليلاً في حلمي أبي وأمي، وطلبا مني محشي ورق عنب وحلاوة. ولو سمحت لي، فإنني أريد أن أوزع على المساجين ورق عنب وحلاوة على روحهما. حين رأى الحارس الرشوة، لم يستطع أن يقول لا لهذه المرأة البريئة، وسمح للسيدة وخادمتها بالدخول. ذهبت المرأة بداية الى زوجها، ودست بيده دفتر عائلة. ثم ذهبت، ووجدت المرأة. وبلمح البصر، ألبستها ملاءتها. ولبست هي ملاءة الأخرى. ثم أرسلت المرأة مع خادمتها الى الخارج، وبقيت هي في النظارة، وبعد ذلك، خرجت مع زوجها الى أمام المستنطقين. وحين قال المستنطق: - رزيلان، عديما الحياء! أما خجلتما من اللعب بشرف الحي؟ قال التاجر: - يا أفندي، أنت غلطان. صاحب ذلك البيت ذهب الى الحج، وقالت السيدة أنها ستذهب لعدة أيام الى أمها. ورجتني زوجتي بأن أحرس لها البيت. ونحن ذهبنا زوجاً وزوجة لحراسة البيت. ولكن الجيران اعتقدوا أن أمراً آخر قد حدث لأنهم لا يعرفوننا. وإذا لم تصدقوا، انظروا. أخرجي هويتك أيضاً يا امرأة. وهذا هو دفتر العائلة، وهاتان هويتانا أيضاً. عندما دقق المستنطق بالأوراق، أدرك أنهما زوجان حقيقة. اعتذر منهما ألف اعتذار، وودعهما حتى الباب الخارجي. حين وصلا الى البيت، ارتمى التاجر على قدمي زوجته، واعتذر منها، وأقسم لها بألا يقدم على أعمال كهذه مرة أخرى. وعاشا بسعادة حتى آخر عمرهما. * كاتبة تركية معاصرة من مواليد 1936 صدر لها مجلدان يتضمنان حكايات للأطفال، والحكاية المنشورة هي من كتاب “أساطير الآستانة” الصادر عن مشروع كلمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©