الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ملاك الفضائحيات

ملاك الفضائحيات
23 سبتمبر 2008 01:33
الحديث عن ملاك بعض القنوات الفضائية، الذين حولوا شاشاتهم الفضية إلى أمكنة لترويج كل ما هو هابط وخلاعي وسطحي ومدمر، حديث يجب أن يستمر ويتعمق، فقد بات المشاهد يتساءل عن الدور الحقيقي لهذه القنوات، التي لا تختلف عن الحانات في شكلها ودورها وما تبديه وما تخفيه· والحديث عن الضرر الذي تلحقه هذه القنوات وملاحقة أصحابها قضائياً لا يمكن أن يكون مضحكاً أبداً، بل المضحك هو الإحساس بالرعب من الآخر، والتدقيق في كل كلمة وسلوك وتصريح، خوفاً من أن يتم تصنيفنا كإرهابيين ودمويين وقتلة، وخوفاً من إثارة الإعلام الغربي ضدنا، في الوقت الذي تبدو الأمور جلية ولا تقبل الشك، ومدعومة بنصوص· إن الرأي القائل إن بعض ملاك الفضائيات يعيثون في الأرض فساداً، لا يقبل الجدل، فهؤلاء يمارسون غسيلاً للدماغ، بحيث تتحول كل هواجس المشاهد إلى هواجس جنسية، كما أنهم يعتدون على الذائقة الجمالية للأجيال الصاعدة، ويدمرون التراث الغنائي والموسيقي الذي أسسه أساتذة وفنانون كبار، ولا يمتلكون أي رؤية فنية أو جمالية، وكل ما يطمحون إليه لا يتعدى جذب أكبر عدد من المراهقين لتبادل الرسائل السخيفة، والترويج لفنانات يتسترن بالغناء لتكوين ثروات طائلة، غير عابئين بآثار ما يفعلونه، وهم بذلك يشبهون تجار المخدرات والرقيق الأبيض والعمالة لأعداء الأمة· إن ملاك الفضائيات المعنية لم يأتونا من كواكب أخرى، إنهم يعيشون بيننا، يحملون رخصاً تجارية تسمح لهم باستخدام قنوات الأقمار الاصطناعية، والتي تديرها وزارات ومؤسسات الاتصال في الوطن العربي، وتنسق مع وزارات الإعلام والثقافة، التي تعقد مؤتمرات تضع فيها معايير البث الفضائي، وبذلك، يكون طرف الخيط ليس عند ملاك تلك الفضائيات، وإنما لدى أطراف أخرى، تشاركها فعاليات اجتماعية عديدة· الفضائيات أو ''الفضائحيات'' هي جزء من توجه عام يفضي إلى تمييع الأمور، قبل أن يكون توجهاً تجارياً لأفراد، وهي مرتبطة بالنكوص السياسي والثقافي والفوضى المجتمعية السائدة حالياً، والتي يصعب التنبؤ باستمراريتها أو التغلب عليها، ولكنها في كل الأحوال، ناتجة عن غياب الرؤية الوطنية والقرار المستقل، وناجمة عن عجز في مواجهة التحديات ذات الصلة بالقضايا الكبرى· إن هذه الضبابية قادت بعض التجار إلى استغلال الواقع استغلالاً مدمراً، فقاموا بما يقوم به تجار الأسلحة في الحروب الأهلية، صب الزيت على النار، ما أدى إلى انتعاش سوق الغناء الخليع، والفلتان المشبوه في الأداء· هل هنالك حل؟ ربما، في إعادة صياغة قوانين ومعايير البث الإعلامي الفضائي، والبدء في حوار حول جدوى هذه القنوات وأخواتها، ودورها في حياتنا الترفيهية أو الجادة· Akhattib@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©