القاهرة (الاتحاد)
قال أنس بن مالك، قلَّما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: «لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ»، ومعنى هذا الحديث أن المسلم لا يكون دينه كاملاً إلا بوفاء العهد، وإيمانه لا يكون كاملاً إلا بحفظ الأمانة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ضياع الأمانة مؤذن بقيام القيامة، وأن في آخر الزمان يقل بين الناس الوفاء وترفع الأمانة من بينهم.
فريضة والأمانة كلمة جامعة شاملة، لا يقتصر معناها على ما يتعلق بالأموال والودائع، بل تشمل كل ما أتمن الله عباده عليه من أمور الدين والدنيا من عبادات ومعاملات وأخلاق وسلوكيات وحقوق وواجبات تجاه النفس والغير، وهي الفريضة التي يتواصى المسلمون برعايتها ويستعينون بالله على حفظها، حتى أن المرء يقول لأخيه حين مغادرته، استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك. وقال علماء السلف الصالح إن الأمانة تتضمن ما أنعم الله به على عباده في أولادهم وأبدانهم وأموالهم مما يستوجب شكر الله تعالى عليها بحسن استخدامها وتوجيهها، فالأمانة فضيلة عظيمة الأجر والثواب في الدنيا والآخرة، وهي أمر إلهي واجب الطاعة وهدى نبوي جدير بالاتباع، وبها يكتمل إيمان المسلم.
أمانة ومن أعظم الأمانات التي تحملها المسلم أمانة توحيد الله وإفراده بالعبادة وإخلاص العمل له، وإن الشرك به أو الكفر من أعظم الظلم وأشد الخيانات. والإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام واتباع سنته والتزام أخلاقه وسيرته، والسير على منهجه وطريق صحابته أمانة، وترك ذلك والتخبط في طرق البدع الضلال والغواية خيانة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، «سورة الأنفال: الآية 27». والعبادات كلها من وضوء وصلاة، وصيام وزكاة، وحج لبيت الله، أمانات من أداها، فقد أدى الأمانة، ومن ضيعها أو فرط فيها أو انتقصها فقد خان، وقال العلماء، الأمانة في العبادة هي القيام بطاعة الله مخلصا له، متبعا لرسوله، وتمثل أوامره وتجتنب نواهيه، وخشيته في السر والعلانية.
عدد اليوم
