الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا والكتاب و«فيسبوك»

4 يوليو 2017 22:39
بعد سنوات من الجدال والإقناع ثم الاقتناع ثم الرفض مع أصدقائي ومحاولاتهم إقناعي بمدى أهميته وجدواه، أصبحت عضواً في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وقبل أن تتسرع وتتهمني بالمتأخر والرجعي، وأحياناً بالمتخلف عن وسائل تواصل العصر الحديث، لا أنكر إطلاقاً أن لكل عصر أدواته ووسائله في التواصل والترفيه والاستمتاع، فما كان مبهراً لي في عصري لا يمثل لأولادي حالياً أي انبهار أو إضافة، وإنْ كنت أرى أن أدوات الترفيه التي استمتعت بها أرقى وأفضل من أدوات هذه الأيام، ويكفينا فخراً أنها كانت من صناعة يدي، وكانت بسيطة تعتمد في مجملها على إعمال العقل والفكر وسرعة البديهة والجمع والطرح والقسمة والتواصل المباشر مع أقراني وأصدقائي في حلبة أو ملعب أو مكان وجودنا جميعاً، وأقصد هنا فعلاً مكان وجودنا أراهم وأسمعهم وأتكلم معهم، بمعنى أدق كان عالمي حقيقياً وليس افتراضياً، كان عالمي واقعياً ملموساً موجوداً على الأرض وليس خيالاً كرتونياً مبهماً ليس له رائحة أو شكل أو لون، وكانت من أدوات الترفيه القراءة في كتاب أو مجلة أو قصة مستعارة من مكتبة المدرسة، ملمس الكتاب ورائحة الورق بالنسبة لي مبعث إلى الخيال وبداية قصة عاطفية ستبدأ بيني وبين هذا الكائن الصامت المملوء بالأشخاص والأحداث والمعرفة والخيال، كنت أعلم تماماً أن مع هذا الكتاب ستبدأ قصة عشق بيني وبين أحد شخصيات الكتاب، كنت أحياناً أختفي من الواقع وأذهب في خيالي إلى عالم افتراضي، ولكن من نوع آخر، أذهب في الرواية إلى منتهاها، أسافر مع البطل إلى بلاد لم أرها إلا معه وأعشق معه حبيبته وأحن إلى بلاده وأكل أمه، وعندما تنتهي الرواية أظهر مرة أخرى باحثاً عن رواية أخرى فتنتهي فأبحث عن أخرى.. هل جربتم يا أهل «فيس بوك» هذه المتعة؟ لم أكن أريد أن يدخل أي شيء بيني وبين الكتاب ويعكر صفو العلاقة القائمة منذ أن بدأت بفك الخط إلى يومنا هذا.. وبالتجربة اتضح وبعد أن أصبحت من رواد التواصل الاجتماعي، أن الكتاب خير صديق، وسيظل لي ولغيري رفيق الدرب بلا منازع مهما تقدمت وسائل المعرفة الإلكترونية، وفرضت نفسها، فللقراءة الورقية متعة خاصة، والجلوس مع الأصدقاء في العالم الواقعي وليس الافتراضي له طعم ومذاق مختلف. هاني خليفة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©